طبيبة الأطفال تتحدث عن فقدان 9 من أبنائها في غارة إسرائيلية على غزة.. ماذا قالت؟

بي بي سي.

طبيبة الأطفال تتحدث عن فقدان 9 من أبنائها في غارة إسرائيلية على غزة.. ماذا قالت؟
طبيبة الأطفال تتحدث عن فقدان 9 من أبنائها في غارة إسرائيلية على غزة.. ماذا قالت؟

تقول سحر النجار، الصيدلانية من قطاع غزة، وهي تتحدث عن الحادث الأليم الذي ألم بأسرتها: “الأولاد راحوا يا آلاء”، لترد آلاء بإيمان: “هم أحياء عند ربهم يرزقون”، كانت تلك هي اللحظات الأولى بعد القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزلهم في منطقة قيزان النجار، جنوبي محافظة خان يونس، حيث فقدت آلاء تسعة من أطفالها في تلك الليلة المأساوية، وتتابع سحر قائلة:

“شقيقتي في حالة صدمة، وأخشى عليها من لحظة الانهيار التي ستأتي بعد لحظات الصمود التي تعيشها الآن، تسعة أطفال، أكبرهم عمره 12 عاماً وأصغرهم ستة أشهر، جميعهم حافظون لكتاب الله، والفرق بين كل منهم والآخر سنة واحدة فقط، فقدت أمهم تسعة من أصل عشرة أطفال دفعة واحدة، الناجي الوحيد كان آدم الذي يرقد حالياً في العناية المركزة بعد إجرائه عمليتين جراحيتين”.

وتضيف سحر: “شقيقتي تلقت نبأ استشهاد أطفالها التسعة بينما كانت تحاول إنقاذ حياة أطفال الآخرين في مجمع ناصر الطبي، حيث تعمل طبيبة أطفال، حاولت الركض إلى المنزل لتوديعهم، لكننا لم نستطع تمييز الجثث، كلهم كانوا أشلاء متفحمة”.

وتنفي النجار أي علاقة لهم بحركة حماس، وتصف ما حدث بأنه “سيناريو بشع لم يخطر ببال أحد”، وتقول: “نحن عائلة طبية، معظم أفرادها يعملون في مجالات طبية مختلفة، فلا يوجد أي مبرر لهذا الاستهداف”.

وتضيف: “كنا نبحث عن الأمان، لذلك تمسكنا بالبقاء معاً في المنزل، ظننا أن وجودنا معاً سيحمينا، كنا نعلم أن لا أحد يخلّد في هذه الدنيا، لكن أن تفقد تسعة أطفال دفعة واحدة، كانوا قبل لحظات يركضون ويلعبون حولك، فهذه فاجعة لا يمكن لعقل أن يستوعبها”.

وتتابع: “لحظة الاستهداف كانت قاسية بشكل لا يوصف، استهدفوا بدروم المنزل بانفجار هائل، رغم علمهم أن من فيه ليسوا سوى أطفال”.

1

وعن الساعات التي سبقت القصف، تقول: “كنا محاصرين في شارع أسامة النجار، واتصلنا بالصليب الأحمر لاستغاثته بعد ضربة إسرائيلية كانت قريبة جداً، شعرنا بالخطر مع استمرار تحليق الطائرات الإسرائيلية وتوالي الضربات الجوية”.

وتصف الحالة بالقول: “مع كل قذيفة كانت قلوبنا ترجّ داخل صدورنا، حتى تم استهداف منزلنا بصاروخ لم ينفجر، فهرولت إلى والدي الذي كان يحاول تهدئتنا، وطلب منا أن نرفع راية بيضاء ليتركنا الجيش الإسرائيلي نمر بسلام، لكنهم استهدفونا مرة أخرى”.

يقول الجيش الإسرائيلي إن طائراته قصفت “عدداً من المشتبه بهم” في خان يونس، وأن “الادعاء المتعلق بإلحاق الضرر بالمدنيين قيد المراجعة”، بينما يؤكد المدير العام لوزارة الصحة في غزة، منير البرش، أن الدكتورة آلاء، أخصائية الأطفال في مستشفى التحرير، فقدت تسعة من أطفالها، وبقي طفل وحيد مصاب وزوجها الذي يرقد في العناية المركزة.

ويضيف البرش: “هذا ما يعانيه الكوادر الطبية في غزة، الكلمات لا تكفي لوصف الألم، الاحتلال يستهدف العائلات بأكملها”.

كما قدم مجمع ناصر الطبي العزاء للطبيبة النجار عبر منصة فيسبوك، ونشر قائمة بأسماء أطفالها الذين فقدتهم.

“أدركنا أن الأمل قد انتهى”

يروي علي، شقيق الدكتور حمدي، تفاصيل استهداف منزل شقيقه الذي فقد تسعة من أطفاله، متسائلاً عن سبب استهداف شخص كرّس حياته لأسرته ومجتمعه، ويقول: “تم استهداف منزلي بالتزامن مع منزل شقيقي الذي لم يتمكن من النزوح بسبب عدد أفراد أسرته الكبير، كان يُقلّ زوجته يومياً إلى المستشفى ويعود لرعاية أطفاله”.

ويضيف: “هل من المعقول أن يكون ملاحقاً أمنياً وهو يلتزم بهذا الروتين اليومي، ولم يغيّر محل سكنه؟ كان يدير صيدلية ويواصل حياته بشكل طبيعي، فلماذا يتم استهدافه؟”.

ويقول: “فور علمي بما حدث، لم أتمكن من انتظار الدفاع المدني، هرولت لمنزل شقيقي ولم أخشَ الموت، كنت أفكر في إنقاذ ولو طفل، وبالفعل وجدت شقيقي وابنه ملطخين بدمائهما، وساعدني رجال الدفاع المدني في حمل شقيقي إلى المستشفى”.

ويتابع: “عدت بعدها لمساعدة فرق الدفاع المدني في انتشال باقي أفراد العائلة، كان المنزل قد تحول إلى ركام، والجميع بداخله، حينها أدركنا أن الأمل قد انتهى”.

ويروي اللحظة الأكثر تأثيراً عندما تفاجأ بزوجة أخيه تقف بجانبه تتابع عمليات انتشال الجثامين، وعندما انتشلوا الجثة الرابعة صرخت: “هذه ريفان.. أعطيني إياها”، ثم حضنتها كأنها تحاول وداعها للمرة الأخيرة، ولكنها كانت تأمل أنها على قيد الحياة”.

ويختتم قائلاً بحسرة: “لم نتمكن سوى من انتشال سبع جثث، دفناهم في قبرين، ولا يزال اثنان من الأطفال مفقودين، أتعهد بالبحث عنهما حتى أجدهما وأكرم مثواهما”.