شيخ الأزهر يحذر من الصور الإعلامية المضللة التي تسللت إلى بلادنا عبر إعلاميين نشروا ثقافة زائفة
ألقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، كلمة في افتتاح «قمة الإعلام العربي» التي تستضيفها دولة الإمارات العربية، بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وعدد من القيادات الإعلامية العربية.

مقال مقترح: عقوبات ذبح الأضاحي خارج المجازر تصل إلى سنة حبس وغرامة 10 آلاف جنيه
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لـ«قمة الإعلام العربي» بدبي، أعرب شيخ الأزهر عن تمنياته للقائمين على المؤتمر والمشاركين بالتوفيق في الوصول إلى إستراتيجية إعلام عربي مشترك قابلة للتطبيق، تعبر عن واقع الأمة، وتتناول آلامها ومآسيها، وتعمل على حماية شبابنا من الوقوع فريسة لمنصات رقمية تتحكم في مشاعرهم وعواطفهم، وتغيبهم عن مواجهة تحديات واقعهم، بل وتعمل على تشويه الفوارق بين الفضيلة والرذيلة في أذهان الكثيرين، من خلال تسويق شعارات زائفة مثل: التقدم، والانفتاح، والحرية، والحداثة، ونبذ الرجعية والظلامية، مما أثر سلبًا على الذوق العام والفطرة السليمة، واضطربت بسببها معايير الحسن والقبح، وموازين الخطأ والصواب.
وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن العرب والمسلمين عانوا من رسائل وتقارير إعلامية شوهت صورتنا في مرآة الغرب، حيث ربطت بين الإسلام والعنف والتطرف، وظلم المرأة، وصورته بشكل زائف كحركة اجتماعية أو أيديولوجية سياسية تدعو للعنف والكراهية، مشيرًا إلى أن الإعلام الغربي قد تولى كبر هذه الافتراءات، ولا يزال يمارسها حتى اليوم، مستشهدًا بما ذكره الكاتب والمفكر المسيحي الدكتور إدوارد سعيد في كتابه الشهير «تغطية الإسلام»، حيث أظهر أن البحوث الدقيقة أثبتت أن معظم البرامج التلفزيونية في أوقات الذروة تحتوي على صور نمطية مهينة للمسلمين، مما يجعل المسلم الواحد يمثل جميع المسلمين والإسلام بشكل عام.
مواضيع مشابهة: وزير الاتصالات يعلن عن برنامج “الرواد الرقميون” لتدريب مجاني شامل وتأهيل الشباب لوظائف المستقبل
وشدد على أن العديد من الصور المضللة قد تسللت إلى بلاد العرب والمسلمين، مما أثر سلبًا على خطابنا الإعلامي العربي، واستخدمت في سبيل هذه الخطة شخصيات من بني جلدتنا برعت في تصدير ثقافة زائفة، تعنى بنقد كل ما هو عربي أو إسلامي، مما زاد من جسامة التحديات الراهنة، وفي مقدمتها توسيع الفجوة بين وعينا المعاصر وتراثنا الذي كان من أقوى مصادر عزتنا وفخرنا في مواجهة العابثين بماضي الأمة وحاضرها.
وفيما يتعلق بهموم العرب والمسلمين، قال فضيلة الإمام الأكبر: “لا أظن أن منصفًا -في الشرق أو الغرب- يشك في أن القضية التي يجب أن تدور حولها ماكينة الإعلام العربي هي: قضية «غزة»، وما نزل بها من حروب ودمار، وما صاحبها من انتهاكات بشعة أنكرتها شعوب العالم، ولا تزال تنكرها”. مؤكدًا أن الأهمية القصوى والمسؤولية التاريخية تقع على عاتق الإعلام العربي في الكشف المستمر عن مظلومية أصحاب الأرض، وإبراز صمود هذا الشعب، وإبقاء قضية فلسطين حية في وجدان شعوب العالم.
ووجه التحية إلى الموقف العربي الصامد في مواجهة آلة العدوان، والساعي لوقف فوري لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، رغم تغطرس الاحتلال، وإلى كل أحرار العالم الذين يرون فيما يحدث جريمة إنسانية يجب وقفها على الفور، مشددًا على أهمية بذل جهود إعلامية مكثفة لمواجهة ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، والتصدي لآثارها السيئة في الشارع الغربي، رغم أنها لا تعدو أن تكون وهمًا أو خيالًا مريضًا يهدف لتشويه صورة الإسلام.
وأضاف شيخ الأزهر أن حملات الإعلام الغربي لا تقتصر على تشويه الإسلام، بل تهدف أيضًا إلى الطعن في ثوابت حضارة الشرق وأصول أخلاقياتها، والدعوة إلى طمس معالم هذه الأخلاق، وقد نادت هذه الحملات بالحريات الشخصية، حتى لو أدى ذلك إلى تدمير الأسرة، واستبدالها بأنظمة أخرى تضرب حقوق الأطفال، مما يستدعي التفكير الجاد في كيفية التصدي لهذه الرياح المسمومة، وإنقاذ شبابنا وأوطاننا مما تحمله من مخاطر.
كما أكد أن التطور التقني والتكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون محاطًا بسياج من المسؤولية الأخلاقية والضوابط المهنية، حتى لا يتحول إلى خطر يهدد الإنسانية، مشيرًا إلى مشروع إصدار وثيقة حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي الذي بدأه مع البابا فرنسيس، وكان على وشك الظهور قبل رحيله، مؤكدًا التواصل مع الفاتيكان لإتمام هذا المشروع.
واستحضر شيخ الأزهر مأساة الصحفيين الفلسطينيين الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لشرف الكلمة وحرمة الحقيقة، حيث استشهد منهم أكثر من مئتي إعلامي في غزة، وآخرون أصيبوا بجروح بالغة، أو فقدوا أسرهم، مؤكدًا أن الاستهداف الممنهج للصحفيين في غزة يهدف إلى إسكات صوت الحقيقة، ومنع توثيق الجرائم التي تُرتكب، داعيًا كل من ينتسب إلى مهنة الإعلام النبيلة للمشاركة في وضع إستراتيجية إعلام عربي تكون درعًا يحمي الحق، ويصون قيم الأمة ويحفظ هويتها.