هل يمكن الإنابة في أداء فريضة الحج؟ الأزهر يشرح آراء الفقهاء المتنوعة

قال الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، إن حديث المرأة التي سألت النبي الكريم: “يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟”، وأجابها النبي: “نعم”، يحمل دلالات عميقة في البلاغة، الفقه، الأدب، وأصول الاستنباط

هل يمكن الإنابة في أداء فريضة الحج؟ الأزهر يشرح آراء الفقهاء المتنوعة
هل يمكن الإنابة في أداء فريضة الحج؟ الأزهر يشرح آراء الفقهاء المتنوعة

وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال برنامج “أعرف نبيك” الذي يُبث على قناة الناس، أن “هذه المرأة قدّمت مثالاً رائعًا في الإيجاز والبلاغة، حيث جمعت المعاني في عبارات قصيرة وواضحة”.

وأشار إلى أنها “استخدمت كلمات معدودة لكنها تحمل معانٍ دقيقة: ‘فريضة’، ‘أبي شيخًا’، ‘لا يثبت على الراحلة’، ‘أفأحج عنه؟’، مما يعكس فصاحة العرب ووعيهم بمقام النبوة وعدم الإطالة في الخطاب”

وأضاف: “من الأدب مع النبي أنها لم تُطل في السؤال، بل أوجزت وأنجزت، وهذا يدل على فقه المرأة وأدبها مع رسول الله ﷺ، كما أن النبي أجابها بكلمة واحدة: ‘نعم’، وهو ما يعكس غاية البلاغة والوضوح”

وأشار إلى أن هذا الحديث يُعتبر أصلاً في جواز الإنابة في الحج، وأن “الأئمة الأربعة تناولوه بتفسيرات مختلفة”، موضحًا أن “المالكية قالوا إن الإنابة لا تجوز في الفريضة لمن لم تتحقق فيه الاستطاعة، لأن والدها في الحديث لم يكن قادرًا بدنيًا، وبالتالي لا تجب عليه الحجة أصلاً، فتكون النيابة عنه في حج نافلة”.

أما الشافعية والأحناف والحنابلة، فقد “فهموا من الحديث أن الإنابة جائزة في الحج الفرض والنافلة على السواء، بدليل أن النبي ﷺ لم يُنكر على المرأة قولها ‘فريضة’ بل أقرها، وقال لها: ‘نعم’، مما يدل على قبول الحج عنها كفريضة، وليس كنافلة فقط”

وأوضح أن المالكية استندوا إلى قاعدة فقهية تقول إن “العبادات البدنية المحضة لا تقبل النيابة”، مثل الصلاة والصوم، في حين أن الزكاة – باعتبارها عبادة مالية – يجوز فيها التوكيل، وأكد أن الحج عبادة مركبة: بدنية ومالية، “فمن نظر إلى تغليب البدن قال بعدم جواز الإنابة، ومن نظر إلى اجتماع الجانبين أجازها بشروط”