آمال “سيف” تتلاشى في انفجار غاز أكتوبر على طريق الواحات (قصة مؤثرة)

بلهفة، خرج “سيف وائل” من منزله في بولاق الدكرور متوجهًا إلى حدائق الأهرام بالجيزة، لتسليم أوراق تعيينه بعد أن أخبره مدير مطعم “ماكدونالدز” بقبوله في العمل، وامتلأ وجه الطالب في الصف الثاني الثانوي “سياحة وفنادق” بالفرحة، لكن ما حدث لاحقًا كان بعيدًا عن أي توقع.

آمال “سيف” تتلاشى في انفجار غاز أكتوبر على طريق الواحات (قصة مؤثرة)
آمال “سيف” تتلاشى في انفجار غاز أكتوبر على طريق الواحات (قصة مؤثرة)

تعيين لم يكتمل

قبل مغيب شمس آخر يوم من أبريل الماضي، غادر “سيف” المقر الإداري لشركة “ماكدونالدز” في حدائق أكتوبر، وفي يده حلم انتظره طيلة عام، بعد أن عانى بين الدراسة والعمل، حيث قال: “مضيت ورق تعييني وقررت أن أعود لتسليمه في الفرع الذي سأعمل فيه”، واستقل ميكروباص متوجهًا إلى فرع الشركة بمول العرب لاستلام عمله.

لكن في أطراف مدينة أكتوبر، أمام الحي السابع بطريق الواحات، كان الوضع ضبابيًا، حيث توقفت عشرات السيارات على جانب الطريق دون سبب واضح، وظن البعض أنه ازدحام مروري كالمعتاد، لكن الأمور انقلبت فجأة.

ضحايا انفجار غاز أكتوبر

انفجار مدوٍّ كأن بركانًا

فجأة، وقع انفجار مدوٍّ كأنه بركان، دون سابق إنذار، تلاه نيران كثيفة ورائحة غاز لا تُحتمل، طالت الجميع في موقع أعمال الصيانة، حيث قال “سيف”: “عندما فتحت باب الميكروباص، وجدت النار في وجهي، والعربيات تشتعل في الشارع”، وأكد أنه ركض من أجل النجاة من لهيب النيران التي طالت جسده: “خرجت بفضل امرأة أنقذتني، لكنها أصيبت أيضًا جراء الانفجار، بينما كان هناك آخرون معنا في الميكروباص.”

آمال تحترق في الميكروباص

ما كان يأمله “سيف” من تحقيق آماله بالعمل في المطعم لتخفيف العبء عن والدته، كونه الابن الوحيد لها بعد انفصالها عن والده، انتهى قبل أن يبدأ: “ورق تعييني احترق أمامي، وأنا غير قادر على الخروج من النار في الميكروباص”، ليبقى الحادث المؤلم، كما وصفه، كابوسًا يطارده كلما تذكر مشواره الأخير على طريق أكتوبر.

https://www.facebook.com/plugins/video.php?height=476&href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FMasrawy%2Fvideos%2F720707920438820%2F&show_text=false&width=267&t=0" style="border: none; overflow: hidden;" allowfullscreen="allowfullscreen" allow="autoplay; clipboard-write; encrypted-media; picture-in-picture; web-share" width="267" height="476" scrolling="no" frameborder="0" sandbox="

داخل مبنى طوارئ مستشفى زايد التخصصي، خضع “سيف” لعلاج استمر حوالي 5 ساعات، ثم تم نقله إلى مستشفى إمبابة لقسم الحروق، نظرًا لعدم توفر رعاية صحية للحروق، وقد أصيب بحروق من الدرجة الثانية والثالثة: “جسمي كله حروق، ولا أستطيع النوم أو الجلوس”.

ثلثي شهر بين الألم والأمل

قضى “سيف” 20 ليلة داخل مستشفى الموظفين بإمبابة، حيث تعافى نسبيًا من الحروق، ونصحه أحد الأطباء بالخروج: “قالوا لي أن أخرج من المستشفى لتحسين نفسيتي، وبدأت أتحرك وأشعر بتحسن في وجهي”.

ca3c437c-35a8-43e5-9371-010f4e002e90 (2)

معاناة لم تنتهِ بعد التعافي

لكن معاناة “سيف” لم تنتهِ بخروجه من الرعاية، فهناك رحلة علاج طويلة الأمد يخضع لها في أحد مراكز التجميل بالجيزة، على أمل التعافي من آثار حروق وجهه ويديه: “كل يومين أحتاج 700 جنيه للعلاج وتغيير الحروق”، وتحمّل والدته مسؤولية علاج ابنها على الشركة التي تسببت في الفاجعة: “كان يعمل في الشهر بـ3000 جنيه، والآن يحتاج مثلهم للعلاج، من أين أجدهم؟ ابني بحاجة لعمليات تجميل في يديه لتعود كما كانت”.

3 ساعات من الألم داخل المحكمة

جلس “سيف” على مقعد خشبي داخل محكمة جنح أكتوبر، حيث انتظر لمدة 3 ساعات، يعاني من ألم الحروق، في انتظار استجوابه من قبل القاضي كونه أحد الضحايا، وانتهاء جلسة محاكمة المتسببين في إصابته وآخرين (8 وفيات – 16 مصابًا) جراء انفجار خط غاز على طريق الواحات، بعد أن تعافى جزئيًا من حروقه.

رحلة علاج طويلة الأمد

طالب مدرسة الأورمان بحي كرداسة “سيف”، لا يطلب سوى العلاج، إما على نفقة الشركة التي أهملت في تنفيذ المشروع وكان إهمالها سببًا في الانفجار، أو على نفقة الدولة، ومحاسبة المقصرين والمتسببين في وقوع الحادث، كي يعود إلى دراسته وعمله لينفق على أسرته.

محكمة جنح أول أكتوبر قررت حجز نظر محاكمة المتهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”حادث انفجار خط غاز أكتوبر”، والمتهم فيها 6 من موظفي شركة مقاولات خاصة ومكاتب استشارات هندسية، بالتسبب عن طريق الخطأ والإهمال في وقوع الانفجار، لجلسة 14 يونيو المقبل للفصل في أوراق الدعوى.

65870987-978-79574567554غفق

خلال انعقاد ثاني جلسات المحاكمة، طالب دفاع أسر الضحايا بإحالة القضية إلى النيابة العامة لضم رئيس جهاز مدينة السادس من أكتوبر كمتهم أساسي، وليس شاهدًا، بينما طلب دفاع المتهمين تشكيل لجنة من كلية الهندسة، ومتخصصين من الهيئة العامة للبترول، ومهندسين من هيئة الطرق والكباري، بالإضافة إلى خبراء من وزارة العدل، لبيان مدى الالتزام بمعايير الأمن والسلامة في أعمال تجديد خط الغاز محل الواقعة، والتحقق مما إذا كان جهاز مدينة 6 أكتوبر قد قام بمعاينة موقع الحفر، وذلك لتحديد مسؤولية شركة الغاز أو شركة المقاولات أو الجهاز عن الحادث.