في قلب حي مزدحم، حيث لا تكترث الجدران بأسرارها، وخلف باب شقة صامتة، انبعثت رائحة كريهة كشفت عن جريمة مدفونة تحت السرير، كانت تلك الرائحة كفيلة بأن تفضح ما حدث.

من نفس التصنيف: مداهمات أمنية في السويس والقليوبية تكشف عن مخدرات بملايين الجنيهات
“أبو بكر”، شاب سوداني، انتهى به المطاف مكبلًا ومقتولًا على يد من اعتقد أنهم أصدقاؤه، الشك كان سلاحهم، والوحشية كانت وسيلتهم، استدرجوه إلى الشقة وقيدوه بالحبال، وانهالوا عليه ضربًا بلا رحمة، سألوه عن هاتف لم يُثبت يومًا أنه سرقه لكنه لم يُجب، أسلم روحه بين أيديهم، صامتًا إلى الأبد، قبل أن يهربوا تاركين جثته تتحلل تحت السرير، كأنها مجرد شيء، ليُقتل الضحية مرتين، مرة بالضرب والثانية بالنسيان.
جريمة صامتة هزت حي بولاق الدكرور، حيث كشفتها أنوف الجيران الذين شموا رائحة كريهة مصدرها شقة استأجرها الشاب السوداني للتو، فأبلغوا شرطة النجدة، التي أخطرت اللواء محمد الشرقاوي، مدير مباحث الجيزة.
وصلت الشرطة إلى مسرح الجريمة بعد بلاغ الجيران بسبب الرائحة الخانقة التي بدأت تنتشر في المكان، وعند دخولهم الشقة لم يجدوا أي علامة على اقتحام، لكن تحت السرير كانت الحقيقة المرعبة تنتظرهم.
مواضيع مشابهة: مأساة شابين في العياط.. أحدهما أُعدم والثاني غرق في ظروف مأساوية
عثروا على جثة شاب سوداني في العشرينات يُدعى “أبو بكر”، في حالة تعفن، اليدان والقدمان موثوقتان بالحبال، مع وجود آثار كدمات متفرقة على الجسد تشير إلى اعتداء وحشي تعرض له قبل أن يلفظ أنفاسه.
صاحب العقار لم يتعرف عليه، مشيرًا إلى أن الشقة يقيم فيها شاب سوداني استأجرها منذ فترة قريبة.
في البداية، بدت الجريمة لغزًا، فلا سرقة، ولا بعثرة، ولا دليل على اقتحام، لكن تحريات العميد محمد الصغير، مفتش مباحث فرقة غرب الجيزة، الدقيقة، والتحقيقات المكثفة، قادت إلى مفاجأة، مرتكبو الجريمة لم يكونوا غرباء بل من بني جلدته.
المشتبه به الأول كان مستأجر الشقة سوداني الجنسية، استأجرها منذ فترة، واستعان باثنين من أصدقائه، الثلاثة اتفقوا على أن “أبو بكر” سرق هاتف أحدهم دون دليل أو تأكيد، وقرروا أن يأخذوا العدالة بأيديهم.
استدرجوه إلى الشقة تحت ذريعة واهية، قيدوه وانهالوا عليه بالضرب المبرح في محاولة لانتزاع اعتراف منه، لكنه لم يعترف، أو ربما لأنه لم يكن يملك شيئًا ليعترف به.
تحت وطأة الضرب، فارق الضحية الحياة، وفي لحظة رعب دفنوه حيًا تحت سريرهم وهربوا، ليتركوه يتحلل في صمت، لولا الرائحة التي خانتهم، وفضحت فعلتهم البشعة.
فرار الثلاثة لم يطل كثيرًا، رجال المباحث بقيادة المقدم أحمد عصام تتبعوا تحركاتهم وحددوا أماكن اختبائهم، حتى ألقي القبض عليهم واحدًا تلو الآخر، وأمام وكيل النائب العام انهارت أكاذيبهم، واعترفوا بالجريمة كاملة.