شهدت الأيام الأخيرة زيادة ملحوظة في ردود الفعل الدولية تجاه الأحداث الجارية في قطاع غزة، حيث بدأت بعض الدول والمنظمات الدولية اتخاذ خطوات ملموسة، شملت إلغاء صفقات تسليح مع إسرائيل، وفتح تحقيقات جنائية بحق جنود يحملون جنسيات مزدوجة، بالإضافة إلى تعزيز مكانة فلسطين في المؤسسات الدولية.

مواضيع مشابهة: رحيل الدكتور جمال أبو المكارم رئيس جامعة المنيا الأسبق يترك أثراً عميقاً في المجتمع الأكاديمي
في خطوة بارزة، نقلت صحيفة “الباييس” الإسبانية عن مصادر حكومية في مدريد، أن إسبانيا ألغت صفقة ضخمة مع إسرائيل لشراء 1700 صاروخ مضاد للدبابات، بقيمة تصل إلى 287 مليون يورو، ويعتبر هذا الإلغاء إشارة واضحة من أوروبا التي تشهد انقسامًا متزايدًا بين دعم الحليف الإسرائيلي من جهة، والمطالبة بوقف العدوان على المدنيين من جهة أخرى.
وحسب الصحيفة الإسبانية، فإن هذه الخطوات الاقتصادية والعسكرية تعكس حجم الغضب الأوروبي من العمليات الإسرائيلية في غزة، وتُظهر تراجعًا في التعاون الأمني مع إسرائيل.
وعلى الجانب الآخر، أطلقت السلطات الكندية تحقيقًا جنائيًا هو الأول من نوعه بحق عدد من الجنود الإسرائيليين الحاملين للجنسية الكندية، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في قطاع غزة.
وكشفت صحيفة “تورونتو ستار” الكندية، أن شرطة الخيالة الملكية الكندية تتابع حاليًا عددًا من هؤلاء الجنود الذين خدموا ضمن الجيش الإسرائيلي، سواء في الخدمة النظامية أو الاحتياط، منذ اندلاع الحرب.
وقد بدأ التحقيق، في سرية عام 2024، وقد يتوسع ليشمل جمع الأدلة وتبادل المعلومات مع هيئات دولية، بل ووصل إلى مرحلة محتملة لتوجيه لوائح اتهام في المحاكم الكندية، وتعتبر هذه الخطوة سابقة قانونية، إذ لم تكن هناك أي تحقيقات رسمية سابقة من هذا النوع تستهدف جنودًا مزدوجي الجنسية يشتبه في تورطهم بجرائم حرب.
كما يشمل التحقيق “الجنود الوحيدين”، وهم أشخاص غير إسرائيليين تطوعوا للخدمة في الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى إسرائيليين مقيمين في كندا سافروا للمشاركة في القتال.
اقرأ كمان: ترامب يتحدث في حفل تخرج الأكاديمية العسكرية الأمريكية للدفعة الجديدة
ووصفت شرطة الخيالة الملكية التحقيق بأنه “هيكلي”، ويُعنى بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ويتبع لبرنامج متكامل تشرف عليه جهات حكومية متعددة، بما في ذلك وزارة العدل ووكالة خدمات الحدود.
كما أكدت السلطات الكندية أن هدفها الأساسي هو التزام كندا بالعدالة الدولية، ومكافحة الإفلات من العقاب على جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب.
وأشار المسؤولون إلى أن البرنامج يهدف إلى حرمان مجرمي الحرب من الملاذ الآمن، إما عبر التعاون مع هيئات دولية أو من خلال محاكمات داخل الأراضي الكندية، مؤكدين أن “التزام كندا بالعدالة الدولية غير قابل للتراجع”.
ولم تقتصر ردود الفعل في كندا على الجهات الرسمية فقط، بل شملت الجاليتين اليهودية والإسرائيلية، حيث بدا القلق واضحًا من احتمال صدور مذكرات توقيف أو استدعاءات بحق مواطنين مزدوجي الجنسية.
وتم تداول رسائل في مجموعات “واتساب” الخاصة بالإسرائيليين في كندا، تعبر عن حالة توتر شديدة، وخشية كبيرة من المحاكمات المحتملة، في حين لم يتم توجيه أي تحقيقات مع فلسطينيين أعيد توطينهم في البلاد.
وعلى الصعيد الدولي، اتخذت منظمة العمل الدولية قرارًا تاريخيًا برفع وضع فلسطين من “حركة تحرير وطني” إلى “دولة مراقبة غير عضو”، وهو التغيير الأول من نوعه خلال خمسة عقود، وقد جاء القرار بالإجماع خلال اجتماع لجنة الشؤون العامة لمؤتمر العمل الدولي الـ 113 في جنيف، على أن يُعتمد رسميًا في الجلسة العامة المقررة يوم الخميس القادم.
من جهتها، رحبت وزارة خارجية السلطة الفلسطينية بهذا القرار في بيان صادر اليوم الثلاثاء، معتبرة إياه خطوة هامة توسع من مشاركة فلسطين في المنظمة وتعزز من مكانتها الدولية بما يتوافق مع وضعها في الأمم المتحدة.
وثمنت الوزارة دعم الدول الأعضاء التي أعربت عن تأييدها الواضح لمشروع القرار، مؤكدة على أهمية تمكين فلسطين من ممارسة دورها الكامل في المنظمة وتعزيز حضورها كدولة وليست فقط كحركة تحرر وطني.
واستغلت الوزارة المناسبة للتشديد على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية بسرعة إلى القطاع الذي يعاني من أزمة إنسانية حادة جراء الحصار الإسرائيلي، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي في ظل الجرائم المستمرة التي ترتكبها إسرائيل والتي تُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية.
وأكدت الوزارة أن التصويت الإيجابي من قبل الدول الأعضاء يمثل بارقة أمل للفلسطينيين في نيل الدعم الدولي لمواجهة ما وصفته بالإبادة والاستيطان الاستعماري وإرهاب المستوطنين.
من جهته، رحب الاتحاد الدولي لنقابات العمال بهذا القرار، مؤكدًا أن وضع فلسطين الجديد كدولة مراقبة غير عضو يمنحها حقوق دولة وفقًا لقرار الأمم المتحدة الخاص بقبول فلسطين كدولة مراقبة.
وبدعم أمريكي، ترتكب “إسرائيل” منذ أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 179 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.