أجاب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن الأسئلة المطروحة خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي عُقد اليوم بعد اجتماع مجلس الوزراء، بحضور المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.

شوف كمان: ترامب يشعر بالإحباط من بوتين حسب تصريحات الخارجية الأمريكية
وحول تساؤل يتعلق بفائدة الدولة من شراكة مؤسسات القطاع الخاص في إدارة وتشغيل الشركات التي يتم تطويرها، خاصة في مجال شركات الغزل والنسيج، أوضح رئيس الوزراء أن الدولة وُجهت إليها اتهامات في وقت سابق بتصفية الشركات التابعة لها، مشيرًا إلى أهمية النظر إلى هذا الأمر بشكل شامل، يتضمن دراسة ظروف كل شركة، وكيفية التعامل مع التحديات التي تواجهها، وبيّن أنه في صناعة الحديد والصلب، هناك العديد من الشركات سواء التابعة للدولة أو للقطاع الخاص، التي تنتج نفس المنتج عبر مصانع حديثة ومتطورة تلبي احتياجات السوق، وتقوم بتصدير الفائض.
وأشار رئيس الوزراء في ذات السياق إلى الحالة التي كان عليها مصنع الحديد والصلب من تقادم وتهالك، والصعوبات التي تواجه عمليات تطويره، لكن على عكس ذلك، فإن مصانع قطاع الغزل والنسيج تساهم بقيمة مضافة، تبدأ من عملية حلج الأقطان وغزلها، مرورًا بعمليات الصباغة والنسيج، وانتهاءً بإنتاج المنتج النهائي، ولفت إلى أن هناك حلقات في هذه الدورة التصنيعية لا تقوم بها أي مؤسسة من مؤسسات القطاع الخاص، ومع تدهور هذه الشركات على مدار السنوات الماضية، أصبح لدينا مشكلة كبيرة في صناعة الغزل والنسيج، بعد أن كانت مصر رائدة في هذا المجال، وتم اتخاذ قرار استراتيجي لتطوير هذا القطاع الحيوي، مؤكدًا أن حجم الاستثمارات المتوقع بعد الانتهاء من أعمال التطوير يصل إلى 60 مليار جنيه، بالإضافة إلى رفع مستوى مصانع هذه الشركات إلى أعلى معايير الحداثة والتطوير، قائلاً: “يتبقى الشيء الأهم وهو إدارة وتشغيل هذه الأصول بعد تطويرها”، مؤكدًا أن التجربة أثبتت أن القطاع الخاص أكثر كفاءة في عمليات الإدارة والتشغيل، لذا لا يعيب الدولة أن تقوم بإعداد عقود إدارة وتشغيل لمثل هذه المصانع، بهدف الحفاظ على هذه الأصول بعد تطويرها، وتحقيق أعلى عائد للدولة منها، وهذا يضمن استدامة هذه الأصول وعدم تعرضها لأي تدهور، وهو الهدف من إنفاق هذا الحجم الكبير من الأموال لضمان استدامة هذا القطاع، مع استمرار تنفيذ برامج التدريب والتأهيل للعاملين بمختلف المصانع، وتطبيق أحدث أساليب الإدارة والتشغيل لتفادي أي تدهور
وفي رده على سؤال حول آفاق استراتيجية مصر لتوطين صناعة السيارات، خاصة في مجال السيارات الكهربائية، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن الشركة المُصنعة للسيارات الكهربائية في مصر، بالشراكة مع شركة وطنية، تعد شركة عالمية ذات خبرة كبيرة في هذا المجال، وتناقش الحكومة معها موضوع التسعير لهذه السيارات، حيث تهتم الحكومة بوجود أكثر من منتج للسيارات الكهربائية، مشيرًا إلى أن جزءًا من الإنتاج المستهدف سيدخل في إطار مبادرة فخامة الرئيس ضمن برنامج لاستبدال السيارات الخاصة المتقادمة، خاصة الأجرة التي تعمل بالبنزين بسيارات كهربائية.
ولفت رئيس الوزراء في هذا السياق إلى أن الدراسة التي أجرتها الحكومة تشير نتائجها إلى أن السيارة الكهربائية توفر بشكل كبير جدًا من قيمة الوقود الشهري، وبالتالي ستكون أكثر وفراً لسائقي سيارات الأجرة لاستبدال سياراتهم بأخرى كهربائية، حيث سيمثل ذلك عائداً لهم في نهاية المطاف، كما ستحقق وفراً للمواطن العادي، مضيفًا أن ثمن السيارة الكهربائية سيكون عنصرًا مهمًا، لكنه سيرتبط ببرنامج تقسيط مناسب.
وفي رده على سؤال حول مؤشرات الاقتصاد الإيجابية التي أبرزها تقرير البنك المركزي مؤخرًا، أجاب الدكتور مصطفى مدبولي بأنه قام بمراجعة بعض التقارير الدولية قبل حوالي 6 أشهر، حينما تجاوز سعر الدولار حاجز الـ 51 جنيهاً، وكانت تشير التوقعات إلى زيادة مستمرة في السعر، وهو ما كان مبنيًا على تكهنات قد تكون لها أغراض أخرى، لكن الواقع الحالي يشير إلى نتائج مختلفة، مؤكدًا أنه كرئيس حكومة لن يتحدث عن الدولار، فهو أمر مسؤولية محافظ البنك المركزي، الذي يدير السياسة النقدية للدولة باحترافية، والأهم أن اللقاء الذي جمعه مؤخرًا بمحافظ البنك المركزي أكد خلاله أن مواردنا الدولارية من السوق المحلية تغطي احتياجات الدولة للشهر الثالث على التوالي، معتبراً أن هذه رسالة طمأنة للمصريين، كما أن لدى الدولة الطموح والخطط لتحقيق نتائج أكبر، وكان هذا جزءاً من العرض الذي قُدم لفخامة الرئيس مؤخرًا، حيث تسعى الدولة المصرية خلال الفترة القادمة إلى أن تفوق مواردنا استخداماتنا، وتحقيق استقرار كامل، وتأثر أقل بالعوامل الخارجية.
وفي رده على استفسار حول توجه الحكومة لتشجيع المطورين العقاريين نحو الاستثمار العمراني في الأراضي غير الصالحة للزراعة، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن قطاع العقارات يعد قطاعًا واعدًا، ويتمتع بميزات تنافسية كبيرة، نتيجة حجم السوق المصرية وجاذبية السوق للمستثمرين الأجانب، وهناك مناطق عديدة بالفعل لضخ استثمارات في هذا القطاع، لكن الدولة لديها رؤية معينة في مناطق محددة لا تلقى إقبالاً كبيراً من جانب المستثمرين، لذا تقدم الدولة نوعية معينة من الحوافز لتشجيعهم على الدخول إلى هذه المناطق، مع إمكانية تقديم تسهيلات إضافية لهم.
وفي هذا الإطار، أشار رئيس الوزراء إلى المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ عام 2015، والذي تضمن توقيع عدد من عقود الاستثمار، بعضها لأراضٍ تقع في الصحراء، واليوم أصبحت هذه المناطق واعدة بفضل جهود القطاع الخاص بالشراكة مع الدولة، كما ارتفعت قيمة الأرض نفسها، وكذلك قيمة الأراضي المحيطة، مما حقق مصلحة مشتركة لجميع الأطراف، الدولة والقطاع الخاص.
مقال مقترح: فشل الاحتلال في توزيع المساعدات بغزة والإعلام الحكومي يكشف الحقائق
وأجاب الدكتور مصطفى مدبولي عن سؤال حول خطوات إعادة هيكلة إجراءات الاستثمار في مصر، والنتائج المستهدفة لجذب الاستثمار واستقرار السوق المحلية، حيث أكد أن ما يطمئن المستثمر هو وجود سياسة نقدية واضحة للدولة، وإدارة العملة الصعبة بطريقة واضحة، مما يمنحهم توقعات محددة، ويعزز من شعورهم بالأمان من عدم حدوث صدمات، وهذا ما تحقق بعد الإصلاحات الاقتصادية التي أُعلنت، حيث لدينا سياسة مالية رشيدة، تتميز بثبات ضريبي، مما يعني أن المستثمر يعرف أنه لن تحدث تغييرات جذرية في موضوع الضرائب، بل بالعكس تسعى الدولة لتيسير الإجراءات، وهو ما تم الإعلان عنه وتنفيذه، بالإضافة إلى الحوافز التي تقدمها الدولة للاستثمار، والتي ستظل ديناميكية تجاه زيادة الحوافز.
وفي رده على سؤال عن متطلبات الحصول على وحدة سكنية من الإسكان الاجتماعي في هذه الفترة، أكد رئيس الوزراء أن ما تقوم به الدولة في ملف الإسكان مهم جدًا، حيث لن يستطيع أي قطاع خاص تقديم وحدة بالمواصفات التي تطرحها الدولة إذا أخذنا في الاعتبار سعر الوحدة وقيمة المقدم وفترة التقسيط، فعندما تُنفذ الدولة هذه المشروعات، فإنها لا تنفذها بغرض الربح أو حتى استرداد التكلفة، بل لديها بعد اجتماعي واضح ضمن منظومة الحماية الاجتماعية، وبالتالي فإن الدولة تقبل أن تتحمل نحو 60% من قيمة الوحدة، حيث تعتبر موضوع الإسكان أولوية قصوى على مدار السنوات العشر الماضية، وتمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال.
وحول فكرة دخول القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات بهذا الحجم، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أنه تم بالفعل الحديث مع عدد من المطورين لدخول الدولة كشريك بقيمة الأرض وتقديم تسهيلات معينة مقابل تنفيذ مشروعات كتلك، لكنهم لن يستطيعوا تقديم الوحدة بنفس السعر الذي تطرحه الدولة، وذلك بناءً على حسابات المكسب والخسارة، التي تعد محددًا رئيسيًا لعمل القطاع الخاص، بينما تعمل الدولة من أجل البعد الاجتماعي، مضيفًا أن الدولة لجأت في مراحل سابقة لطرح وحدات بنظام الإيجار الجديد، لكنها وجدت أن رغبات المواطنين تتمثل في تملك الوحدة حتى لو كان ذلك يعني دفع قيمة أعلى.
وفي رده عن سؤال حول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية والحوافز التي تقدمها الدولة المصرية لتشجيع المستثمر المحلي والدولي للمشاركة في هذه السوق، قال رئيس الوزراء إن هذا المجال جديد تمامًا، وقد وضعت الدولة عددًا من الحوافز لهذا الأمر، ونشجع تداول هذه الشهادات نظرًا لأنها ميزة مهمة جدًا عند تنفيذ أي مشروع، وأي مشروع يستطيع توفير حجم كبير من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فإن هذا الأمر يترجم إلى أموال في صورة شهادات قابلة للتداول في السوق، والأهم من ذلك أن الدولة تدعم هذا الأمر باعتباره جزءًا من المساهمات الوطنية التي تلتزم بها الدولة المصرية، مثلما تم التزام مصر في المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر “COP27” بخفض انبعاثاتها الكربونية، لذا سواء تم تنفيذ هذا الأمر من خلال مشروعات الدولة أو من خلال المستثمرين، فإن كل هذه الجهود لتخفيض الانبعاثات تحسب لصالح مصر، وبالتالي فإن الشهادات التي تصدر تكون قابلة للتداول في الأسواق، ونعمل على تشجيع هذه السوق الجديدة الطوعية، كما ندرس حاليًا ما يمكن تقديمه من حوافز إضافية لتشجيع التنمية المستدامة والخضراء.