مدن تغرق من واشنطن إلى الإسكندرية وطوكيو.. اكتشف الحلول الفعالة لمواجهة التحديات المائية
بي بي سي.

ممكن يعجبك: افتتاح مستشفى الرجاء بأبوقرقاص من قبل محافظ المنيا مع عرض للصور المميزة
تتعرض العديد من المدن الساحلية في آسيا وأفريقيا وأوروبا والأمريكيتين لارتفاع منسوب مياه البحر، وقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة على 48 مدينة ساحلية أن هبوط الأرض في هذه المناطق يعود إلى تغيرات المناخ وظاهرة “غرق الأرض”.
وتشير تقديرات بي بي سي إلى أن حوالي 160 مليون شخص يعيشون في هذه المناطق، استنادًا إلى نتائج الدراسة وبيانات الأمم المتحدة.
وقد رصدت أشد حالات هبوط الأرض في تيانجين بالصين، حيث شهدت المدينة تطورًا صناعيًا سريعًا، ووجد أن بعض الأجزاء غرقت بمعدل 18.7 سم سنويًا بين عامي 2014 و2020.
كما تعتبر العاصمة الإندونيسية جاكرتا واحدة من المناطق الساحلية التي تعاني من هبوط سريع وملحوظ، وفقًا للدراسة.
ارتفاع معدلات استخراج المياه الجوفية.
يعد استخراج المياه الجوفية من الأسباب الرئيسية لهبوط الأرض في نصف المدن الساحلية التي حددتها جامعة نانيانغ، بالإضافة إلى تأثير الأنشطة البشرية الأخرى مثل البناء والتعدين.
كما تلعب العوامل الطبيعية، مثل التحولات التكتونية والزلازل، دورًا في هذا الهبوط، لكن بعض الخبراء يرون أن تأثيرها أقل من تأثير الأنشطة البشرية.
وتقول شيريل تاي، الباحثة الرئيسية في الدراسة، إن “الكثير من المدن التي غرقت تقع في آسيا أو جنوب شرق آسيا”، مرجحةً أن السبب يعود إلى الطلب المتزايد على المياه بسبب النمو السكاني السريع والتطور العمراني الكبير.
وتضيف: “قد يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات استخراج المياه الجوفية، مما سيؤدي إلى تفاقم الوضع، وبالتالي ستكون الفيضانات أكثر تواترًا وكثافة وطولًا في المستقبل”، موضحةً أن هناك خطرًا من “تسرب المياه المالحة، مما يؤثر على الأراضي الزراعية وجودة مياه الشرب”
تتأثر بعض الأراضي بشكل أكبر من غيرها، وتعتقد تاي أن المخاطر حادة بالنسبة للعديد من المدن الساحلية الواقعة في مناطق دلتا منخفضة، مثل جاكرتا وبانكوك ومدينة هو تشي وشنغهاي.
“تأثير الوعاء”.
بينما تواجه العديد من المدن الساحلية مزيجًا من هبوط الأرض وارتفاع منسوب مياه البحار، فإنها تبحث عن حلول، لكن هذه الحلول قد تُسهم أحيانًا في مشاكل أخرى.
بعض المدن، مثل جاكرتا والإسكندرية في مصر ومدينة هو تشي في فيتنام، قامت ببناء سدود وجدران وحواجز رملية على طول سواحلها لمنع الفيضانات من البحر.
لكن مع ارتفاع الجدران، قد يظهر ما يُعرف بـ”تأثير الوعاء”، كما يقول البروفيسور بيترو تيتيني من جامعة بادوفا في إيطاليا، مما يؤدي إلى احتجاز مياه الأمطار والأنهار في بعض المناطق، وهو ما قد يساهم في حدوث فيضانات.
قامت مدينتا جاكرتا وهو تشي ببناء محطات ضخ لتصريف المياه الزائدة، لكن ذلك لا يعالج الأسباب الجذرية لهبوط الأرض والفيضانات.
كيف حلّت طوكيو المشكلة؟
عندما أدركت طوكيو أن أجزاءً من مدينتها تهبط، اتخذت نهجًا مختلفًا وقررت معالجة جذور المشكلة.
تباطأ هبوط الأرض بشكل ملحوظ في سبعينيات القرن الماضي بعد أن فرضت طوكيو لوائح صارمة على استخراج المياه الجوفية، كما أنشأت نظامًا لإدارة إمدادات المياه، الذي يعتبره العلماء الطريقة الأكثر فعالية لوقف هبوط الأرض.
ووجدت دراسة من جامعة تايوان أن المدينة أصبحت أكثر استقرارًا، رغم انخفاض منسوب المياه في بعض المناطق الصغيرة بمعدل يتراوح بين 0.01 و2.4 سم سنويًا بين عامي 2014 و2020.
حلول أخرى.
تعتبر بعض المدن الآسيوية نهج طوكيو نموذجًا يُحتذى به، فمثلاً، خفضت تايبيه، عاصمة تايوان، من استخراج المياه الجوفية في سبعينيات القرن الماضي، مما ساعد على إبطاء معدلات هبوطها.
كما تُنظم العديد من المدن الأخرى، مثل هيوستن وبانكوك ولندن، استخراج المياه الجوفية لضمان عدم انخفاضها أو ارتفاعها بشكل مفرط.
وعلى الرغم من فعالية نظام طوكيو، إلا أن هناك شكوكًا حول إمكانية تطبيقه على نطاق واسع بسبب تكاليف البناء والصيانة، كما يقول البروفيسور ميغيل إستيبان من جامعة واسيدا في اليابان.
وقد جربت بعض المدن أساليب مختلفة، مثل شنغهاي التي طبقت أسلوب “حقن المياه”، حيث قامت بحقن مياه نقية من نهر اليانغتسي في باطن الأرض عبر آبار كانت تستخدم سابقًا لاستخراج المياه الجوفية.
وقد تبنت مدن أخرى، مثل تشونغ تشينغ في الصين وسان سلفادور في السلفادور، مبادئ المدن الإسفنجية.
تعتمد المدينة الإسفنجية على أسطح مصممة لامتصاص المياه بشكل طبيعي، مثل التربة والعشب والأشجار، مع إعطاء الأولوية لبناء الحدائق والأراضي الرطبة والمساحات الخضراء على ضفاف البحيرات والبرك، حيث يمكن تحويل المياه وتخزينها خلال موسم الأمطار.
يحذر الخبراء من أنه بدون تغيير، سيخوض العديد معركة خاسرة مع هبوط منازلهم تدريجيًا.
وفيما يلي قائمة بأسماء المدن الـ 48 التي شملتها الدراسة:
نُبذة عن نتائج الدراسة.
الإسكندرية، مصر.
بحسب الدراسة التي أجرتها جامعة نانيانغ، غرقت أجزاء من مدينة الإسكندرية بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و2.7 سم سنويًا بين عامي 2014 و2020، حيث تُقدر بي بي سي أن 270 ألف شخص يعيشون في المناطق المعرضة للغرق.
ويشير الخبراء إلى أن ارتفاع مستويات استخراج المياه الجوفية واستصلاح الأراضي ساهم في هبوط الأراضي على مدى عقود، مما يُنذر بخطر حدوث فيضانات أشد في المستقبل.
برشلونة، إسبانيا.
غرقت معظم المناطق المعرضة للهبوط بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و0.2 سم سنويًا بين عامي 2014 و2020، مع هبوط ملحوظ في ميناء برشلونة بمعدل 7 سم سنويًا، حيث تُقدر بي بي سي أن حوالي 800 ألف شخص يعيشون في المناطق المعرضة للهبوط.
يحذر الخبراء من أن الميناء، المبني على أراضٍ مستصلحة، معرض لاستمرار الهبوط والفيضانات الشديدة في المستقبل.
إسطنبول، تركيا.
انخفضت أجزاء من إسطنبول بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و13.2 سم سنويًا بين عامي 2014 و2020، وتقدر بي بي سي أن أربعة ملايين شخص يعيشون في المناطق التي تشهد هبوطًا في الأراضي.
وكان مطار إسطنبول من أسرع المناطق هبوطًا في المدينة، إذ هبط بمعدل 13.2 سم سنويًا.
لندن، المملكة المتحدة.
انخفضت معظم المناطق المُعرّضة للغرق في لندن بمعدل أقل من سنتيمتر واحد سنويًا بين عامي 2014 و2020، بينما حدث هبوط كبير في بعض المواقع، مثل جنوب أبمينستر، الذي هبط بمعدل 4 سنتيمترات سنويًا، ويرتبط هذا الهبوط بعوامل متعددة، بما في ذلك استخراج المياه الجوفية وطبيعة التربة الطينية.
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية.
مواضيع مشابهة: سبع خناقات مروعة بالسلاح خلال احتفالات عيد الأضحى تكشف عن الجانب المظلم للفرحة
انخفضت أجزاء من واشنطن العاصمة بمعدل يتراوح بين 0.01 سم و2.2 سم سنويًا بين عامي 2014 و2020، وتقدر بي بي سي أن 100 ألف شخص يعيشون في المناطق التي تعرضت لهبوط الأرض، وتعمل العاصمة الأمريكية حاليًا على الحد من استخراج المياه الجوفية التي لطالما استخدمت لأغراض الشرب في المنازل والمكاتب الحكومية والمستشفيات والصناعات، قبل أن تستبدلها تدريجيًا بالمياه السطحية.