محافظات – نبأ العرب:

مواضيع مشابهة: كتائب الشهيد محمد الضيف السورية تقصف الجولان بصاروخ جراد
في فجر يوم الاثنين، شهدت قرية مبارك التابعة لمركز بني عبيد في محافظة الدقهلية مشهدًا مؤثرًا حيث ودع المئات من المشيعين “شهيد الشهامة”، السائق خالد محمد شوقي عبدالعال إلى مثواه الأخير، وارتفعت أكف الدعاء له بالقبول من الله كأحد الشهداء، واختلطت أصوات البكاء والعويل من أسرته وذويه بدموع الحزن على رحيل بطل ضحى بحياته لإنقاذ الآخرين.
بطولة في لهيب النيران
تبدأ قصة خالد، الذي لم يكن يعلم أن يومه العادي سيتحول إلى ملحمة بطولية، داخل محطة وقود بالمجاورة 70 في مدينة العاشر من رمضان، بينما كان يقوم بعمله كسائق، اندلعت النيران بشكل مفاجئ في شاحنة الوقود التي كان يقودها، وفي لحظة حاسمة، لم يفكر خالد في سلامته الشخصية، بل انطلق بقلب شجاع وعقل واعٍ، واعتلى الشاحنة المشتعلة، وقادها بعيدًا عن المنطقة المكتظة بالمواطنين والمحطة، متحديًا ألسنة اللهب التي كانت تلتهم مركبته، كان قراره هذا نقطة فاصلة بين كارثة محققة ونجاة بفضل الله، فبقيادته للشاحنة بعيدًا عن المحطة، حال دون انتشار الحريق المدمر الذي كان من الممكن أن يودي بحياة العشرات ويدمر الممتلكات، وكانت تضحيته هي السبب الرئيسي في احتواء الكارثة.
الحزن يخيم على بني عبيد
بعد هذا الموقف البطولي، تعرض خالد لإصابات بالغة جراء الحريق، ورغم جميع الجهود الطبية، أعلن عن وفاته يوم الأحد، متأثرًا بإصابته، لم يكن الخبر مجرد نبأ عابر، بل صدمة هزت أرجاء مركز بني عبيد بأكمله، حيث خيمت مشاعر الحزن والأسى على الأهالي، خاصةً أن خالد كان يستعد لزفاف نجله في التاسع عشر من يونيو المقبل، وهو حلم لم يتمكن من تحقيقه، ويؤكد الأهالي أن الفقيد كان يتمتع بسمعة طيبة بين الناس، وعرف بأخلاقه العالية وشهامته ومحبته للجميع، مما زاد من عمق الفاجعة.
وداع أخير لـ “شهيد الشهامة”
مع ساعات الفجر الأولى من اليوم الاثنين، وصل جثمان خالد إلى مسجد المصادرة في قرية مبارك، حيث تجمع المئات، رافعين أكف الدعاء له، متضرعين لله أن يتقبله في أعلى عليين مع الشهداء والصديقين، بعد صلاة الجنازة، طاف الجثمان محمولًا على أكتاف الأهالي، في مشهد يعكس حجم الحب والتقدير الذي كان يحظى به، حتى ووري الثرى في مقابر الأسرة، مودعًا الدنيا ببطولة ستبقى خالدة في أذهان أهل قريته ومدينته.
مقال له علاقة: استعداد علمي لمواجهة الظواهر المناخية المفاجئة ودور الإنذار المبكر في ذلك
تقدير رسمي
لم تقتصر مشاعر الحزن والأسى على أهالي قريته فحسب، بل امتدت لتشمل أعلى المستويات الحكومية، تعبيرًا عن العرفان لتضحيته وإيثاره، من جانبه، أعلن وزير العمل محمد جبران عن صرف مبلغ 200 ألف جنيه لأسرة السائق البطل، مؤكدًا أن هذا التكريم يأتي تقديرًا لجهوده وتضحيته، وتقدم الوزير بخالص العزاء لأسرة الفقيد، داعيًا الله أن يسكنه فسيح جناته، ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، ويسكنه منزلة الشهداء، وأكد جبران أن خالد يُعد قدوة لمجتمعه، وقد ضرب أروع الأمثلة في التضحية والفداء.
رئيس الوزراء ينعى البطل ويكلف بتكريمه
كما نعى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ببالغ الحزن والأسى، خالد محمد شوقي، موضحًا أنه قدَّم نموذجًا للبطولة والتضحية حين افتدى بروحه المواطنين في حادث احتراق سيارة إمداد بالبنزين، وأعرب مدبولي عن خالص التعازي وعميق المواساة لأسرة البطل، معتبرًا إياه رمزًا للفداء وسرعة التصرف في موقف بالغ الخطورة، وأن إيجابيته جنبت الكثير من الضحايا والدمار وحافظت على العديد من الأرواح والممتلكات، وكلف الدكتور مصطفى مدبولي كلاً من وزيري البترول والثروة المعدنية، والتضامن الاجتماعي، بالتنسيق الفوري لصرف مكافأة مجزية لأسرة البطل، ورصد معاش استثنائي لها، وتكريمها، على النحو الذي يعكس معاني التقدير لتضحيته والعرفان لجسارته التي ستظل خالدة في الوجدان، وأكد رئيس الوزراء تقدير الحكومة، بل والشعب المصري بوجه عام، لهذه النماذج المضيئة في المجتمع، وحرصها على إعلاء مكانتها لتكون قدوة للآخرين.
إطلاق اسم خالد على أحد شوارع العاشر من رمضان
وفي لفتة وفاء وتخليدًا لذكراه، قرر المهندس علاء عبداللاه، رئيس جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان، إطلاق اسم السائق خالد محمد شوقي عبدالعال على أحد شوارع المدينة، تكريمًا لموقفه البطولي الذي عبّر عن أسمى معاني الشجاعة والإخلاص في العمل، ليظل اسم خالد محفورًا في ذاكرة المدينة وشوارعها، شاهدًا على تضحيته النبيلة.