تأثير الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية وكيف يمكن أن تتغير الأمور في المنطقة

بي بي سي.

تأثير الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية وكيف يمكن أن تتغير الأمور في المنطقة
تأثير الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية وكيف يمكن أن تتغير الأمور في المنطقة

شنت إسرائيل هجومًا على مواقع نووية إيرانية في فجر يوم الجمعة 13 يونيو، حيث استهدفت قادة عسكريين وعلماء وخبراء في الطاقة النووية، بالإضافة إلى منشآت ومراكز أبحاث سرية.

أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي على الهجوم اسم “عملية الأسد الصاعد”، مشيرًا إلى أنه يمثل “ضربة استباقية لتدمير البرنامج النووي الإيراني”.

لم يكن الهجوم الإسرائيلي مجرد ضربة محدودة، بل كان عملية عسكرية استهدفت البنية الدفاعية والعسكرية لإيران، حيث نفذ سلاح الجو الإسرائيلي خمس موجات من الضربات، كما أفاد مصدر أمني إسرائيلي، بينما قام الموساد بتنفيذ سلسلة من الاغتيالات المستهدفة في طهران، وفقًا لهيئة البث الإسرائيلية.

أعلنت إيران عن مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، وقائد القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، وثلاثة علماء نوويين، بالإضافة إلى الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد مهدي طهراني وفريدون عباسي، كما أفادت طهران بمقتل نائب رئيس الأركان الإيراني غلام علي رشيد.

تسود المنطقة حالة من التصعيد، على الرغم من الإعلان عن استئناف المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن الملف النووي الإيراني.

ماذا نعرف عن منشآت إيران النووية؟

استهدفت إسرائيل منشآت نووية مثل نطنز وآراك، حيث تتوزع المنشآت النووية في إيران على أربعة فروع رئيسية تشمل مراكز للبحث، مواقع خاصة للتخصيب، مفاعلات نووية، ومناجم لليورانيوم.

بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، وافقت إيران على تقليل تخصيب اليورانيوم إلى 67.3%، ولكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، بدأت إيران في تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى، حتى وصلت إلى 60%، في حين أن الحد الأقصى لتخصيب اليورانيوم اللازم لصنع الأسلحة النووية هو 90%.

منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم

تعتبر نطنز الموقع الرئيسي لتخصيب اليورانيوم في إيران، وتقع على بعد حوالي 250 كيلومترًا جنوب طهران.

بدأت المحطة عملها منذ فبراير 2007، في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تطالب بوقف تخصيب اليورانيوم، حيث تعد محور المفاوضات الدولية وتخضع لتفتيش دقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تتكون المنشأة من جزأين: منشأة تخصيب الوقود التجريبية (PFEP) ومنشأة تخصيب الوقود الرئيسية (FEP)، المصممة تحت الأرض لمقاومة الضربات الجوية، وقد دارت مناقشات لسنوات حول مدى الضرر الذي يمكن أن تلحقه غارة جوية إسرائيلية بالمنشأة.

المنشأة قادرة على تشغيل ما يصل إلى 50 ألف جهاز طرد مركزي، بينما يوجد حاليًا حوالي 14 ألف جهاز طرد مركزي مثبتة، من بينها حوالي 11 ألف قيد التشغيل، مما يسمح بتخصيب اليورانيوم حتى نقاء 5%.

تنتج محطة نطنز اليورانيوم منخفض التخصيب، الذي يحتوي على 3-4% من تركيز U-235، مما يجعله مناسبًا لإنتاج وقود محطات الطاقة النووية، ومع ذلك، يمكن تخصيبه أيضًا إلى مستوى 90% المطلوب لإنتاج أسلحة نووية، حيث أكدت تحليلات العينات البيئية التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر 2014 أن المنشأة كانت تستخدم لإنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب، مما أثار القلق حول نوايا إيران النووية.

كانت نطنز هدفًا لهجمات إلكترونية وتخريب، بما في ذلك فيروس الكمبيوتر “ستوكسنت”، الذي تم اكتشافه في عام 2010 ويعتقد أنه كان عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

في عام 2020، تعرضت المنشأة لحريق، وادعت السلطات الإيرانية أنه نجم عن عملية تخريب “سيبرانية”، وفي عام 2021، أعلنت إيران أن المنشأة تعرضت لعمل “إرهابي نووي”.

خونداب (مفاعل أراك لإنتاج الماء الثقيل)

ظهرت أول معلومات عن مفاعل خونداب الإيراني، المعروف سابقًا باسم مفاعل آراك للماء الثقيل، في ديسمبر 2002، عندما نُشرت صور بالأقمار الصناعية من قبل معهد العلوم والأمن الدولي، حيث يحتوي الوقود المستنفد من المفاعل على البلوتونيوم، الذي يمكن استخدامه في تصنيع قنبلة نووية.

في أغسطس 2011، زارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموقع، وأبلغت إيران عن خطط لتشغيل المفاعل في أوائل 2014.

تعمل محطة إنتاج الماء الثقيل المجاورة على توفير المياه للمفاعل، لكنها لا تخضع حاليًا للتفتيش من قبل الوكالة، ومع ذلك، تواصل الوكالة مراقبتها عبر صور الأقمار الصناعية، وفي عام 2012، أكدت الوكالة استمرار عمل المحطة.

تسعى القوى العالمية إلى تفكيك مفاعل أراك بسبب المخاوف من انتشار الأسلحة النووية، وتم التوصل إلى اتفاق مؤقت في نوفمبر 2013 بين (الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا) وإيران بشأن برنامجها النووي، حيث وافقت إيران على فرض قيود على تخصيب اليورانيوم وتخزينه، بالإضافة إلى إغلاق أو تعديل منشآت في عدة مواقع نووية.

بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، أوقفت إيران البناء في المفاعل، وأزالت قلبه، وملأته بالخرسانة لجعله غير صالح للاستخدام، وكان من المقرر إعادة تصميم المفاعل لتقليل إنتاج البلوتونيوم ومنع إنشاء البلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة أثناء التشغيل العادي.

أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخططها لتشغيل المفاعل بحلول عام 2026، وهو ما لا يزال يلفت الانتباه الدولي بسبب المخاوف بشأن الانتشار المحتمل.

محطة كارون النووية

أحدث المشاريع النووية الإيرانية، بدأ إنشاؤها عام 2022 في محافظة خوزستان الغنية بالنفط جنوب غربي البلاد، وبقدرة 300 ميغاواط.

ذكرت مصادر رسمية إيرانية أن بناء المحطة سيستغرق 8 سنوات، وستتكلف حوالي ملياري دولار.

وفي مايو من العام الحالي، أعلنت إيران أنها تخطط للبدء في بناء “الجزيرة النووية” لمحطة “كارون” للطاقة النووية هذا الخريف، وستتضمن الجزيرة، بحسب ما أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، مجمعًا من المباني والمنشآت التي تضمن تشغيل المفاعل النووي في محطة الطاقة الذرية.

محطة بوشهر النووية

تعتبر محطة الطاقة النووية الوحيدة في إيران، وتقع على طول الخليج العربي.

بدأ برنامج إيران النووي عام 1974 بخطط لبناء مفاعلين نوويين تجاريين في بوشهر بمساعدة ألمانية، لكن المشروع توقف بعد خمس سنوات بسبب الثورة الإسلامية، وعادت إيران إلى البرنامج في التسعينيات بعد توقيع اتفاق مع روسيا لاستئناف العمل في الموقع، إلا أن موسكو تأخرت في إتمام المشروع بسبب مناقشات مجلس الأمن الدولي، الذي أصدر قرارات تهدف إلى وقف تخصيب اليورانيوم في إيران.

في ديسمبر 2007، بدأت موسكو بتسليم أسطوانات اليورانيوم المخصب، وتم ربط المفاعل بشبكة الكهرباء الوطنية الإيرانية في سبتمبر 2011، ليولد 700 ميغاواط من الكهرباء، وفي أغسطس 2013، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المفاعل يعمل بكامل طاقته.

ومع ذلك، أثارت تصميماته، التي تجمع بين النماذج الألمانية والروسية، مخاوف تتعلق بالسلامة، خصوصًا بسبب قربه من صدع كبير ومنطقة شهدت زلازل متكررة، حيث شهدت في أبريل 2013 زلزالًا بقوة 6.3 درجة على مقياس ريختر.

محطة بوشهر النووية

منجم غاشين لليورانيوم

في ديسمبر 2010، أعلنت إيران أنها أنتجت لأول مرة محليًا مركزات خام اليورانيوم المعروفة بالكعكة الصفراء، ونقلتها إلى المفاعل لتكون جاهزة للتخصيب.

تشير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن منجم غاشين، الواقع بالقرب من ميناء بندر عباس، كان يهدف في الأساس إلى أن يكون مصدرًا لليورانيوم لاستخدامه في برنامج نووي عسكري، على الرغم من أن الإنتاج الحالي لا يكفي لتلبية احتياجات مفاعل بالطاقة الكهربائية.

كان يُعتقد سابقًا أن إيران تملك مخزونًا محدودًا من الكعكة الصفراء، استوردته من جنوب أفريقيا، لكن مع افتتاح منجم غاشين، أضافت طهران منجمين جديدين في ساغند ومصنعًا لإنتاج الكعكة الصفراء في أردكان.

في يناير 2014، سمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة منجم غاشين للمرة الأولى منذ عام 2005، مما يعكس الضغوط الدولية المتزايدة لمراقبة الأنشطة النووية الإيرانية.

محطة أصفهان لمعالجة اليورانيوم

في عام 2006، بدأت إيران تشغيل منشأة لمعالجة اليورانيوم في مركز الأبحاث النووية في أصفهان، بهدف تحويل الكعكة الصفراء إلى ثلاثة أشكال رئيسية:

غاز سداسي فلوريد اليورانيوم، الذي يُستخدم في عمليات التخصيب، كما هو الحال في نطنز وفوردو، أكسيد اليورانيوم، الذي يُستخدم لتزويد المفاعلات بالوقود، والمعادن، التي تُستخدم في تصنيع بعض أنواع عناصر الوقود وكذلك في تصنيع القنابل النووية.

في نوفمبر 2013، تم السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة محطة أصفهان، وهو ما يعكس محاولات المجتمع الدولي لمراقبة الأنشطة النووية الإيرانية وضمان عدم استخدامها لأغراض عسكرية.

محطة أصفهان لمعالجة اليورانيوم

مفاعل فوردو

تقع منشأة فوردو تحت الأرض في منطقة جبلية محصنة جنوب العاصمة الإيرانية طهران، وقد أقرت إيران بوجود هذه المنشأة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في سبتمبر 2009 بعد أن اكتشفتها أجهزة المخابرات الغربية.

تم تصميم “فوردو” لاستيعاب نحو 3000 جهاز طرد مركزي، وهي محمية من الضربات العسكرية.

بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة)، وافقت إيران على تحويل فوردو إلى مركز أبحاث ووقف تخصيب اليورانيوم هناك لمدة 15 عامًا، ولكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018، استأنفت إيران أنشطة التخصيب، ووصلت إلى نسبة 20% بحلول عام 2021.

وفي نوفمبر 2022، رفعت إيران تخصيبها إلى نسبة 60%، ويُستخدم هذا اليورانيوم كوقود لمفاعل أبحاث طبي في طهران، الذي ينتج النظائر المشعة لعلاج مرضى السرطان.

وعلى الرغم من أن إيران علقت أنشطة المنشأة في يناير 2014 كجزء من اتفاق نووي مؤقت مع القوى الكبرى، إلا أنها أعادت تشغيلها لاحقًا.

موقع بارشين العسكري

يقع موقع بارشين العسكري جنوب طهران، ويُستخدم بشكل رئيسي في عمليات بحث وتطوير وإنتاج الذخائر والصواريخ والمتفجرات.

بدأت المخاوف بشأن دور هذا الموقع في البرنامج النووي الإيراني منذ عام 2004، عندما أُشير إلى بناء محطة كبيرة لإجراء تجارب هيدروديناميكية، والتي تعتبر مؤشرات قوية على تطوير سلاح محتمل، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في عام 2005، سمح لمفتشي الوكالة بالوصول إلى أجزاء من بارشين مرتين، حيث حصلوا على عدة عينات بيئية، ورغم أن تقريرًا صدر في عام 2006 أشار إلى عدم وجود أنشطة غير عادية، إلا أن الشكوك حول الموقع استمرت، حيث حاولت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرارًا زيارة المنشأة مرة أخرى، وفي أواخر عام 2011، لاحظت عمليات هدم وبناء جديدة.

ومع رفض دخول المفتشين في فبراير 2012، أعربت الوكالة عن عدم قدرتها على تقديم ضمانات موثوقة بشأن عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران، مما زاد من القلق الدولي بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني.

في مايو 2022، أدى انفجار في مجمع بارشين، وهو قاعدة عسكرية إيرانية رئيسية لتطوير الأسلحة شرق طهران، إلى مقتل مهندس وإصابة آخر.

محطة قُم لتخصيب اليورانيوم

في يناير 2012، أعلنت إيران بدء تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو، التي تقع تحت الأرض بالقرب من مدينة قم المقدسة وتخضع لحراسة مشددة، حيث تم بناء الموقع في سرية، ولكن إيران اضطرت للاعتراف بوجوده بعد مواجهتها بأدلة من صور الأقمار الصناعية في سبتمبر 2009.

وفي يونيو 2011، أفادت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها تخطط لإنتاج يورانيوم متوسط التخصيب، الذي يحتوي على 20% من تركيز U-235.

أشارت إيران إلى أن اليورانيوم المخصب سيستخدم كوقود لمفاعل الأبحاث في طهران، الذي ينتج النظائر الطبية، ومع ذلك، يمكن تخصيب اليورانيوم بتركيز 20% إلى نسبة 90% اللازمة لإنتاج أسلحة نووية، حيث توقفت إيران بموجب الاتفاق النووي المؤقت المبرم في نوفمبر 2013 عن إنتاج اليورانيوم متوسط التخصيب وحولت مخزونها إلى أشكال أقل خطرًا.

أكد أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الصادر في نوفمبر 2014، أن موقع فوردو كان ينتج اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 5%.

لمتابعة كل ما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على إيران ().