من الطبيعي أن تشعر بألفة تجاه شخص تقابله للمرة الأولى، وكأنك تعرفه منذ زمن بعيد، لكن ما حدث مع جماهير النادي الأهلي عند الإعلان عن تولي الإسباني خوسيه ريبيرو تدريب الفريق كان مختلفًا، فقد ساد شعور جماعي غير مبرر بالألفة تجاهه، تحول سريعًا إلى موجة من المنشورات الساخرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا بسبب الشبه بينه وبين الممثل المصري سعيد الجارحي.

اقرأ كمان: مصدر يكشف موقف مجلس إدارة الزمالك حول استمرار أيمن الرمادي في الفريق
خلف هذه السخرية تكمن قصة أعمق تعود جذورها إلى التاريخ الأندلسي، وتحديدًا إلى القرن التاسع الميلادي.
من قرطبة إلى “مجريط”: العرب يبنون مدينة لم يسكنها غيرهم
ترتبط العلاقة التاريخية بين العرب والإسبان بعهد الأمير القرطبي محمد الأول بن عبد الرحمن، الذي أسس مدينة “مجريط” (مدريد حاليًا) في القرن التاسع، لتكون حامية عسكرية عربية خالصة، وهي العاصمة الأوروبية الوحيدة التي بناها العرب ولم يسكنها غيرهم قبل الفتح الإسلامي، وفقًا لما ورد في كتاب “Madrid Islámico مدريد الإسلامية”، للمؤرخ والمستعرب الإسباني دانييل خِيلْ بني أميّة.
“نارٍ أسواري وعلى الماء بُنيت”، كان هذا شعار الأمير محمد الأول عند تأسيس المدينة.
ألفة متجذرة.
يرجح البعض أن مشاعر الألفة التي تربط العرب بالإسبان، ومنها الانطباع الإيجابي نحو ريبيرو، قد تعود إلى هذا التاريخ المشترك، الذي ترك أثرًا في ملامح الناس وثقافتهم، وربما حتى في الوجدان.
برنامج “للقصة بقية” الذي عُرض على منصة “يوتيوب” في أبريل 2023، تناول هذا الجانب من العلاقة بين العرب والإسبان، مسلطًا الضوء على باحث إسباني يُدعى رافاييل مارتينيز، الذي كرّس جهوده لتعريف المواطنين بتاريخ مدريد العربي، ونظم جولات سياحية لشرح أصول المدينة التي يجهل كثير من الإسبان ماضيها الإسلامي.
أما الباحث فيليبّي جونزاليس، فقد أكد في البرنامج نفسه أن الثقافة الإسبانية لا تزال تحمل ملامح أندلسية واضحة، مشيرًا إلى أن السلام الوطني لإسبانيا نفسه يُعتقد أنه أندلسي الأصل.
شوف كمان: إبراهيم فايق يثير الحماس بمفاجآت جديدة في تغطية مونديال الأندية وتركي آل الشيخ يسأل: هل جهزت القهوة؟
بهذا المعنى، فإن شعور الجماهير تجاه مدرب الأهلي الجديد قد لا يكون وليد الصدفة، بل هو امتداد لتاريخ طويل من التفاعل الحضاري، ما زالت آثاره ملموسة في الحاضر، ولو على شكل “ألفة غريبة” تجاه وجه جديد.