تحذير من تلوث الأغذية بالأفلاتوكسين الزراعي وزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان

أوضح الدكتور محمود إبراهيم السيد، من معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، أن الأفلاتوكسينات هي نواتج أيضية سامة تنتجها بعض أنواع الفطريات مثل أسبرجلس فلافوس وأسبرجلس باراسيتكس، وتغزو هذه الفطريات المحاصيل الزراعية سواء قبل الحصاد أو أثناء عمليات ما بعد الحصاد مثل التجفيف والتخزين، حيث تقوم بإفراز الأفلاتوكسينات في هذه المنتجات.

تحذير من تلوث الأغذية بالأفلاتوكسين الزراعي وزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان
تحذير من تلوث الأغذية بالأفلاتوكسين الزراعي وزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان

وأشار السيد، في دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية، إلى أن التلوث بالأفلاتوكسين يمثل تهديدًا خطيرًا للعديد من المنتجات الزراعية مثل الفول السوداني والذرة والفستق واللوز والأرز والقمح، بالإضافة إلى التوابل مثل الفلفل الحار والفلفل الأسود والكركم.

كما أظهرت دراسات حديثة وجود الأفلاتوكسينات في التمور والمشمش المجفف والخوخ وحبوب القهوة، وأكد أن الأفلاتوكسينات تكون أكثر ضررًا في المناطق التي تستهلك فيها كميات كبيرة من هذه الأطعمة، مثل بعض دول آسيا وأفريقيا.

وتابع: تم اكتشاف الأفلاتوكسين لأول مرة بعد تفشي مرض في قطيع من الديوك الرومي في إنجلترا عام 1960، والذي أطلق عليه “مرض الديك الرومي” X، حيث أدى إلى نفوق حوالي 100000 من فراخ الديك الرومي، وقد تم ربط هذا المرض باستهلاك دقيق الفول السوداني الملوث بالعفن، وعند تحليل هذا الدقيق، اكتشف العلماء وجود الفطر A. flavus والسم الناتج عنه، والذي أطلق عليه اسم “أفلاتوكسين”.

أهم أنواع الأفلاتوكسينات الملوثة للأغذية

أضاف: حتى الآن، تم وصف حوالي 18 نوعًا مختلفًا من الأفلاتوكسينات، ومن أبرزها الأفلاتوكسين AFB1 وAFB2 وAFG1 وAFG2، حيث ينتج فطر أسبرجلس باراسيتكس أنواع أفلاتوكسين B1 وB2 وG1 وG2، بينما ينتج فطر أسبرجلس فلافوس أفلاتوكسين B1 وB2، ويشير حرفا B وG إلى لون الإنبعاثات الفلورية تحت الأشعة فوق البنفسجية.

مخاطر استهلاك الغذاء الملوث بالأفلاتوكسين وهل يؤدي إلى الإصابة بالسرطان؟

أوضح أن AFB1 يعد من أكثر السموم الفطرية انتشارًا وخطورة على صحة البشر، حيث يُعتبر من أبرز مسببات سرطان الكبد، وقد صنّفته الوكالة الدولية لأبحاث السرطان ضمن الفئة الأولى من مسببات السرطان، وعند استهلاك البشر أو الثدييات الأخرى للغذاء الملوث بالأفلاتوكسين، يتحول الأفلاتوكسين داخل الجسم إلى أفلاتوكسين M1 وM2، وهما يتميزان بقدرتهما العالية على التسبب في تكوين السرطان داخل الجسم.

وأشار إلى أن الأفلاتوكسين يؤثر على طرق تكاثر الخلايا، ويستهدف الكبد بشكل أساسي، مما يؤثر على قدرته على التخلص من المواد الضارة، مما يزيد من معدلات حدوث تفاعلات الحساسية الغذائية.

ونوه أن الدراسات السابقة ذكرت أن التعرض لجرعات عالية ومتكررة من الأفلاتوكسينات يؤدي إلى أعراض متنوعة، منها سرطان الكبد وضعف المناعة والنحافة الشديدة، وأحيانًا الموت المفاجئ، وعندما تتناول الأبقار والأغنام والماعز والإبل أعلافًا ملوثة بأفلاتوكسين B1، يتحول في أجسامها إلى أفلاتوكسين M1، الذي يُفرز في الحليب، مما يؤثر على الحيوانات الرضيعة أو الإنسان الذي يتناول هذا الحليب.

كما أفادت دراسات أخرى بوجود بقايا أفلاتوكسين في كبد ولحوم دجاج التسمين الذي تم تغذيته بأعلاف ملوثة، وفي حالة الدجاج البياض، يمكن العثور على الأفلاتوكسين ونواتجه في البيض.

وفقًا لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية والمعهد الوطني للسرطان، فإن التسمم الشديد بالأفلاتوكسين نادر ولكن خطره كبير، حيث يمكن أن يؤدي إلى مشاكل خطيرة مثل التهاب الكبد وسرطان الكبد، حيث يُسبب تندب الكبد وفقدان العناصر الغذائية.

كما يسبب التهاب الجهاز الهضمي ومشاكل خطيرة أخرى قد تؤدي إلى الوفاة، كما يؤدي التسمم بالأفلاتوكسين إلى اختلالات عقلية واضطرابات عنيفة في الجهاز الهضمي، وقد يدخل المتسمم في غيبوبة، وفي هذا السياق، ذكرت إحدى الدراسات أن التعرض للأفلاتوكسين على المدى الطويل قد يُسبب بعض أمراض الحساسية التي قد تؤدي إلى أمراض المناعة الذاتية والتهاب عضلة القلب، مع احتمال زيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد أو التهاب الكبد الفيروسي (HBV)، كما قد يؤدي إلى ضعف في النمو عند الأطفال.

تشير الدراسة إلى أن أهم أعراض التسمم بالأفلاتوكسين تشمل الغثيان والقيء وآلام البطن واحتباس الماء والوذمة الرئوية والخمول والتشنجات العصبية والغيبوبة، وقد يتطور الأمر إلى الوفاة، وتشير الأبحاث السابقة إلى أن الأفلاتوكسين يُستهدف أعضاء الجهاز الهضمي بشكل أكبر، وخاصة الكبد.

يختلف مستوى تلوث الأفلاتوكسين في أي طعام باختلاف الموقع الجغرافي وطريقة زراعة المحاصيل، وعند حصاد المحاصيل، تصبح طريقة تجهيزها ونقلها وتخزينها أمرًا بالغ الأهمية، حيث تؤثر هذه العوامل على قدرة الفطريات المنتجة للأفلاتوكسين على البقاء والنمو.

تشير بعض الأبحاث إلى أن المحاصيل المزروعة في الأماكن الرطبة مثل البرازيل والصين هي الأكثر عرضة لوجود الأفلاتوكسين، وقد وضعت العديد من الدول لوائح بشأن المستويات المسموح بها من الأفلاتوكسين في الأغذية، ففي دول الاتحاد الأوروبي، يُسمح بـ 5 جزء في البليون من الأفلاتوكسين AFB1 في الأغذية، و10 ميكروجرام/كجم في أعلاف الحيوانات، و0.5 ميكروجرام/كجم في الحليب.

بينما حددت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية حدًا أقصى من الأفلاتوكسين في الأغذية بـ 20 ميكروجرام/كجم، وفي بعض الدول الأخرى، تم تحديد الحد الأقصى للأفلاتوكسين AFB1 في الأغذية بـ 5 ميكروجرام/كجم، والحد الأقصى لمجموع الأفلاتوكسينات بـ 10 ميكروجرام/كجم، ونظرًا لارتفاع تكاليف التحليل وعدم توفر مختبرات بحثية متخصصة، نجد أن عددًا قليلاً من الدول تراقب مستويات الأفلاتوكسين في منتجاتها الغذائية بفعالية.

في بعض الأحيان، قد لا يكون وجود الفطريات المنتجة للسموم واضحًا على المنتجات الزراعية، إذ يمكن إزالة العفن أثناء المعالجة بعد الحصاد، وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن التعرض لجرعات عالية من السم أكثر من 6000 ملجم يؤدي إلى التسمم الحاد، بينما التعرض لجرعات صغيرة على فترات متقطعة يؤدي إلى التسمم المزمن.

وحددت مجموعة من الإجراءات اللازمة في المنزل للوقاية من حدوث التسمم بالأفلاتوكسين، وبعض النصائح الهامة لكيفية شراء الأطعمة وإعدادها وتخزينها بشكل آمن، بالإضافة إلى المكملات الغذائية التي تعزز قدرة الجسم على التخلص من السموم كالتالي:

1- لا تحتفظ بالحبوب والمكسرات مثل الذرة والفول السوداني واللوز لفترات طويلة، ويفضل استهلاكها خلال شهر إلى شهرين كحد أقصى.

2- قم بشراء المنتجات المنتجة حديثًا قدر الإمكان، ويفضل المنتجات التي تم زراعتها بالقرب من مكان سكنك والتي لا تُشحن من الخارج.

3- اشتري من البائعين أو المزارعين ذوي السمعة الطيبة، فهم الأكثر حرصًا على حصادها في الوقت المناسب وتخزينها بشكل صحيح، وكذلك الأمر بالنسبة لمنتجات الألبان، وخاصة الجبن الرومي أو التركي، يجب أن تشتريها من مكان موثوق وملتزم بالمعايير الصحية، وإذا لاحظت أي نمو فطري على المنتج، تخلص منها على الفور، كما يجب التخلص من القشرة الخارجية لقرص الجبن قبل تناوله، وينطبق نفس الأمر على حبوب القهوة.

4- خزّن الحبوب والذرة والمكسرات وحبوب القهوة في أماكن جافة وباردة لمنع نمو العفن، وأحيانًا يمكنك تجميد بعض المنتجات للحفاظ على طزاجتها.

5- بعض الدراسات تنصح بنقع بعض الحبوب والبقوليات والمكسرات والبذور، وإنباتها ثم تخميرها قبل تناولها، وهذه خطوة سهلة يمكنك القيام بها في المنزل ولا تستغرق وقتًا طويلاً، وتعزز توافر العناصر الغذائية، وتساعد على تقليل وجود مضادات التغذية.

6- افحص الأغذية جيدًا قبل استخدامها، وتخلص فورًا من الخضروات والفواكه الملوثة بالفطريات، ولا تتناولها حتى لو قمت بغسلها، وكذلك بالنسبة للحبوب والمكسرات والجبن والأغذية المصنعة.

7- لا تقم بقطع الأجزاء المصابة بالفطر ثم تستخدم الأجزاء السليمة، بل تخلص منه بالكامل، فقد يكون السم قد انتشر في باقي أجزاء الثمرة.

8- لا تقم بشم الأغذية الملوثة بالفطريات، كي لا تسبب لك مشاكل في الجهاز التنفسي.

9- عند ملاحظة نمو الفطر على أي غذاء، ضعها في كيس بلاستيكي وأحكم إغلاقه وتخلص منه في القمامة، حتى لا تنتشر جراثيم الفطر في المنزل، ثم قم بتطهير المكان جيدًا.

10- قم بالتنظيف الدوري للثلاجة باستخدام لتر من الماء مذاب فيه ملعقة من البيكنج صودا.

11- ضبط رطوبة المطبخ قدر الإمكان بحيث تكون أقل من 40%، ويجب أن تكون أماكن تجهيز الطعام نظيفة وجافة دائمًا لمنع نمو الفطريات.

12- إذا شعرت بمرارة في الفم عند تناول المكسرات أو المخبوزات، تخلص منها فورًا واحذر من ابتلاعها، ويجب توعية الأطفال بهذه الأمور الهامة.

13- احرص على تناول الخضراوات التي تساعد في إزالة السموم من الجسم مثل الجزر والكرفس، والتي تقلل من الآثار المسرطنة للأفلاتوكسين، كما تساعد على تطهير الكبد من السموم، إضافة إلى ذلك، فقد وجدت بعض الدراسات أن الأغذية أو المكملات الغذائية المحتوية على الكلوروفيل تساعد في تقليل التوافر البيولوجي للأفلاتوكسين.

14- يعمل الفحم النشط أيضًا على الارتباط بالأفلاتوكسين وإخراجه من الجسم بسهولة أكبر.

اقرأ أيضاً: