كيف overcameت مصر نقص الغاز بعد وقف إمدادات إسرائيل ونجحت في تصديره للأردن؟

تواجه مصر أزمة كبيرة في قطاع الطاقة، وفي ظل هذه الظروف، اتخذت الحكومة خطوات عاجلة لتصدير جزء من الغاز الطبيعي إلى الأردن، مما أثار تساؤلات حول كيفية القيام بذلك في ظل هذه الأزمة الطاحنة.

كيف overcameت مصر نقص الغاز بعد وقف إمدادات إسرائيل ونجحت في تصديره للأردن؟
كيف overcameت مصر نقص الغاز بعد وقف إمدادات إسرائيل ونجحت في تصديره للأردن؟

تفاقمت معاناة مصر من نقص الطاقة، خاصة بعد تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، ما أدى إلى قطع الإمدادات التي كانت تتراوح بين 40-60% من إجمالي الواردات، بالإضافة إلى نحو 15-20% من استهلاكها، وذلك بعد إغلاق حقل “ليفياثان” البحري في إسرائيل.

وأعلنت الحكومة عن حزمة من الإجراءات للتخفيف من أزمة نقص الطاقة، حيث تم تفعيل خطة طوارئ في قطاعي البترول والكهرباء، تضمنت إيقاف إمدادات الغاز إلى الأنشطة الصناعية، بالإضافة إلى ترشيد استهلاك الكهرباء، والاعتماد على مصادر بديلة مثل المازوت.

مصر تمد الأردن بالغاز والكهرباء

بدأت مصر بضخ 100 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً للأردن لتعويض النقص الحاد في الإمدادات، نتيجة الأوضاع الحالية.

لم تتوقف مصر عند هذا الحد، بل ضاعفت إمدادات الطاقة الكهربائية إلى الأردن لتصل إلى 400 ميغاواط يومياً خلال هذا الأسبوع، مقارنةً بما كان يتراوح بين 100 و200 ميغاواط قبل تفجر الصراع بين إسرائيل وإيران، وفقاً لمصادر تحدثت مع الشرق بلومبرج.

أكد الخبراء أن ما يحدث حالياً هو تنفيذ لاتفاقيات سابقة بين مصر والأردن، وهو أيضاً خطوة اقتصادية ذكية، حيث تُباع هذه الكميات مقابل عائدات بالدولار.

أوضح الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن مصر قد تضطر للقيام بذلك نتيجة التزاماتها مع الأردن، وفي حال عدم الالتزام، ستترتب غرامات.

وأشار جمال القليوبي، الخبير البترولي، إلى أن مصر حصلت على سفينة تغويز من الجانب الأردني بموجب اتفاقية لاستغلال البنية التحتية الأردنية، مما يتيح لمصر تسييل الغاز وتصديره للأردن.

تعود هذه التطورات إلى اتفاقية وقعتها مصر والأردن في ديسمبر الماضي، تتضمن شروطاً فنية وتجارية تضمن حقوق الطرفين، حيث يتم تزويد الأردن بالغاز المسال من مصر حتى نهاية 2026، عبر خطوط أنابيب ممتدة بين البلدين، مما يسهم في تقليل التكاليف التشغيلية لميناء الغاز الطبيعي المسال في العقبة، ويضمن حماية شركة الكهرباء الوطنية من تقلبات الأسعار العالمية.

تهدف الاتفاقية أيضاً إلى تأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال للأردن في حالات الطوارئ، حتى يتم الانتهاء من مشروع ميناء الغاز المسال الجديد في العقبة، المتوقع اكتماله في الربع الرابع من 2026، بالإضافة إلى تحديد أولوية استخدام بواخر الغاز بين الجانبين.

تقدر تكلفة الغاز المستهلك بحوالي 3 ملايين دولار للشحنة و5 ملايين دولار للنقل عبر شبكة الغاز المصرية، مما يعني أن التكلفة السنوية للغاز المسال للأردن لن تتجاوز 10 ملايين دولار.

بلغت تكلفة مشروع ميناء الغاز المسال الحالي في العقبة حوالي 70 مليون دولار سنوياً، مما يوضح الفارق الكبير بين استخدام الغاز المسال عبر الاتفاقية والتكاليف المرتفعة لميناء الغاز في العقبة.

تسعى الاتفاقية لتوفير بديل مرن وأقل تكلفة لتزويد الأردن بالغاز الطبيعي المسال، في الوقت الذي يتم فيه إنجاز مشاريع البنية التحتية الجديدة.

يرى الخبراء أن مثل هذه الاتفاقيات تساعد على جعل مصر مركزاً إقليمياً للطاقة، حيث يتمثل المحور السادس في استراتيجية وزارة البترول والثروة المعدنية في استغلال الموقع الاستراتيجي لمصر لزيادة التعاون الإقليمي وتعظيم الاستفادة من البنية التحتية.

هل الاستعدادات كافية في ظل أزمة نقص الغاز؟

بعد الأزمة، بدأت الحكومة في استعراض سيناريوهات تداعيات الأحداث في المنطقة، حيث أكد مصطفى مدبولي، وزير البترول والثروة المعدنية، أن الحكومة لديها خطة واضحة لتأمين احتياجات القطاعات المختلفة من المواد البترولية والغاز الطبيعي، وخاصة قطاع الكهرباء الذي يعاني من ضغوط متزايدة في ظل ارتفاع درجات الحرارة ودخول فصل الصيف.

لفت مدبولي إلى أن مصر تستهدف تشغيل ثلاث سفن تغويز بقدرة إجمالية تصل إلى 2250 مليون قدم مكعب يومياً بحلول مطلع يوليو، مقارنةً بـ1 مليار قدم مكعب فقط في الصيف الماضي، بالإضافة إلى تجهيز سفينة رابعة كاحتياطي استراتيجي، مع وجود تعاقدات قائمة لتوريد شحنات غاز، واحتياطي كاف من المازوت لتغطية احتياجات الكهرباء.

يرى الدكتور وائل النحاس أن الحكومة كانت مدركة لاحتمالية تعرضها لأزمة في التوريد، خاصةً في ظل التهديدات السياسية السابقة، مشيراً إلى أن اعتمادها على الغاز القادم من إسرائيل يمثل نحو 15% فقط من احتياجاتها.

أوضح أن القاهرة عملت خلال الأسابيع الماضية على تنويع مصادرها عبر التفاوض مع دول مثل قطر والسعودية والجزائر وإسبانيا لتلبية جزء من الطلب كجزء من خطة احترازية.

لكن الخبير الاقتصادي أبدى تحفظه على تنفيذ هذه الخطة، متسائلاً: “إذا كنت قد استعدت بالفعل، فلماذا أوقفت المصانع؟ وأين الإجراءات البديلة على أرض الواقع؟ يبدو أن هناك فجوة بين الخطط المعلنة وتنفيذها الفعلي”

أشار إلى أن الاعتماد على مصادر وقود بديلة كالمازوت هو أمر مفروض في ظل عدم جاهزية البنية التحتية بالكامل، ولحين دخول سفن التغويز الثلاث على الإنتاج.

كما حذر النحاس من احتمالية فشل بعض الدول الموردة في الوفاء بالتزاماتها، خاصةً في حال تصاعد التوترات الجيوسياسية، متسائلاً: “هل ستفضل تلك الدول التزاماتها مع مصر، أم سترضخ لضغوط أمريكية أو أولويات أخرى؟”

دعوة لتعزيز التخزين والتنقيب

وشدد الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، على أهمية أن تعمل مصر على بناء قدرات استراتيجية في تخزين النفط والغاز لمواجهة الأزمات الطارئة.

قال القليوبي إنه يجب زيادة الاستثمارات المحلية في مناطق واعدة مثل البحر المتوسط ودلتا النيل، وتعزيز الشراكات في مجالات البحث والتنقيب، لضمان وجود بدائل محلية في حال تعثر أي مصدر خارجي.

أكد على ضرورة تنويع مصادر الطاقة، والاستمرار في الاستثمارات في الاستكشاف والإنتاج لتقليل الاعتماد على مصدر واحد، مشيراً إلى أن التركيز على مصدر واحد يعرض البلاد لمخاطر كبيرة في حال توقفه.