– مارينا ميلاد:

شوف كمان: تجهيز 4 آلاف وجبة إفطار للصائمين في الجامع الأزهر مع صور مميزة
دوت صافرات الإنذار في بتاح تكفا شرق تل أبيب، لتشير إلى ضربة إيرانية وشيكة، فاندفعت عائلة واحدة من ساكني أحد المباني نحو غرفة محصنة بالطابق الرابع، وكان عليهم الوصول إليها خلال فترة تتراوح بين 10 ثوان و60 ثانية فقط وفقًا للتعليمات، وفي غضون دقائق، أصاب صاروخ إيراني المبنى، مما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل داخله، حسب ما تم الإعلان عنه رسميًا.
اعتقد المحتمون في الملجأ وغيره أن الغرف المحصنة بالخرسانة المسلحة والباب الفولاذي ستقيهم الضربات، لكن الجبهة الداخلية الإسرائيلية أفادت في تحقيقها الأولي بأن “الملاجئ لا توفر حماية كاملة من إصابات الصواريخ البالستية الإيرانية المباشرة”.
صورة متداولة للملجأ المستهدف.
عندما استقرت العائلة في ملجأهم متوسط الحجم، الذي يحتوي على طاولة واحدة وعدد من الكراسي، دارت أحاديثهم حول “متى سينتهي ذلك؟”، ثم تحدثوا عن تعرضهم سابقًا لصواريخ من حركة حماس وحزب الله، لكنهم أشاروا إلى أن مدى وقوة التدمير التي تتمتع بها الصواريخ الإيرانية مخيفة، وجعلت كل مكان هدفًا محتملاً، فمنذ الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على المنشآت النووية الإيرانية ومواقع الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، ردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ في جميع أنحاء إسرائيل، مما أسفر عن عشرات القتلى ونحو 600 مصاب حتى الآن.
قطع حديثهم أحد هذه الصواريخ عندما أصاب مباشرة جدار الملجأ بين الطابق العلوي والآخر السفلي، وفقًا لتصريحات تالي فيرسانو إيزمان (ممثل قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية) الذي قال: “هذه الضربة بصاروخ ثقيل لا تترك مجالًا للحماية”.
تعود فكرة الملاجئ المحصنة إلى عام 1948 مع قيام دولة إسرائيل، حيث أصبح هناك قانون يشترط وجودها في جميع المباني السكنية وغير السكنية، وبعد عام 1993، أي بعد حرب الخليج التي تعرضت فيها إسرائيل لهجمات صواريخ عراقية، أُجبر كل مقاول أو مطور عقاري على بناء تلك الملاجئ.
تتواجد الملاجئ بتصميمات ومسميات مختلفة، أولها “المماد” وهي غرفة محصنة داخل كل شقة سكنية، والـ”مماك” وهو غرفة محصنة داخل البناية، والـ”ميكلات” وهي الملجأ العام في الشوارع والطرقات، وتترواح مساحتها عادة بين 5 أمتار مربعة و12.5 مترًا.
رغم ذلك، تشير تقارير إلى أن نحو 60% من بيوت الإسرائيليين لا تحتوي على ملاجئ، حيث أن البيوت القديمة التي بُنيت قبل فترة التسعينات لا تضم غرف محصنة.
اقرأ كمان: الرئاسة الروحية للدروز في السويداء تستقبل دخول القوات الحكومية بترحاب كبير
حتى الملاجئ المتوفرة سواء كانت خاصة أو عامة، “غالبًا ما تكون ذات نوعية رديئة وغير مستعدة لحالات الطوارئ، مما يعني أنها لا توفر الحماية من الصواريخ”، وفقًا لتقرير سابق لمراقب الدولة الإسرائيلية.
بعد الحادثة الأخيرة في بتاح تكفا، التي اخترق فيها الصاروخ الإيراني الغرفة المحصنة، اعترفت قيادة الجبهة الداخلية بأن “الغرف صُممت لتحمل موجة الصدمة الناتجة عن الصواريخ والشظايا، لكنها ليست مصممة لتحمل ضربة مباشرة من رأس حربي كبير”.
كان الصاروخ الذي اخترق الغرفة واحدًا من نحو 370 صاروخًا أطلقتها إيران على إسرائيل منذ بدء الصراع يوم الجمعة الماضية، وفقًا للقوات الإسرائيلية.
سقط جزء من هذه الصواريخ على البلدات التي يسكنها فلسطينيون وعرب تتبع إسرائيل، فعلى بعد 100 كم من بتاح تكفا، قُتل أربعة أشخاص في مدينة طمرة الشمالية ذات الأغلبية الفلسطينية إثر سقوط صاروخ إيراني يزن نصف طن على منزلهم، حيث لا غرفة محصنة ولا ملاجئ عامة قريبة منه.
هذا الأمر جعل الحكومة الإسرائيلية تتعرض لانتقادات لعدم بناء عدد كافٍ من الملاجئ في المدن العربية، فمدينة طمرة، على سبيل المثال، يسكنها أكثر من 35 ألف شخص، ويقول موسى أبو الرومي (رئيس البلدية) في حديث لصحيفة الغارديان: “الحكومة الإسرائيلية لم تستثمر في إنشاء أي ملجأ للجزء العربي من المجتمع”.
في المناطق الأخرى ذات الأغلبية الإسرائيلية، التي تتوفر بها الملاجئ، مُنع العديد من السكان الفلسطينيين وعمال أجانب من دخولها من قبل بعض جيرانهم الإسرائيليين، حيث اعتقدوا أنها “مخصصة لهم فقط”، وفقًا لشهادات عيان.
عندما حاول ناصر اكتيلات (أحد سكان يافا) الذهاب إلى الملجأ مع أسرته المكونة من 8 أفراد، فوجئ بطرده، حيث يروي: “في اليوم الأول للتصعيد، حصلنا على كلمة المرور لدخول الملجأ العام في الحي، لكنهم أظهروا لنا منذ اللحظة الأولى أن لنا علاقة بما يحدث بسبب إطلاق الصواريخ”.
ويكمل: “في المرة الثانية التي دوت فيها صافرات الإنذار، قالت لنا إحدى اليهوديات بوجه عابس (غير مرغوب بكم، لا تأتوا إلى هنا مرة ثانية، وسنغيّر كلمة المرور الخاصة بباب الملجأ)، فاضطررت لاحقًا للخروج من الملجأ العام والذهاب إلى ملجأ داخل مدرسة”، وفقًا لموقع عرب 48.
بين الحين والآخر، يعود هؤلاء إلى الملاجئ مع كل صافرة إنذار، يحملون معهم بعض الطعام والشراب أو وسائل تسلية، فهم، كما يتداولون في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، “كلما دخلوا الغرفة المحصنة، لا يعلمون متى سيخرجون؟ إن خرجوا منها!”، ورغم الحادثة الأخيرة، لا يزال السكان يشككون في قدرة هذه الملاجئ على حمايتهم، ومع ذلك تؤكد قيادة الجبهة الداخلية أن “الغرف المحصنة تظل المكان الأمثل والأكثر أمانًا، خاصة في المباني الجديدة، بل وتتفوق على الملاجئ العامة، وأنقذت العديد من الأرواح خلال موجات الصواريخ القادمة من إيران حتى الآن.”.
اقرأ أيضا: