بي بي سي.

مقال مقترح: ترامب يعلق على هجوم إسرائيل على إيران ويشير إلى انتهاء المهلة المحددة منذ 61 يومًا
تسود منطقة الشرق الأوسط حالة من القلق بشأن احتمال حدوث كارثة نووية، ويبدو أن هذا الشعور يتزايد مع تدفق البيانات والتصريحات التي تهدف إلى طمأنة المواطنين، خاصة في دول الخليج.
أكدت المملكة العربية السعودية أنها “آمنة من أي عواقب إشعاعية” وفقًا لتغريدة من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية.
شهدت الصفحة تفاعلًا كبيرًا منذ يوم الجمعة الماضي، عندما بدأت تصدر التغريدات حول مخاطر الإشعاع نتيجة الهجوم الإسرائيلي على إيران.
تعمل الهيئة على “استقراء استبقائي لتداعيات الطوارئ النووية المحتملة على المملكة، واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية الإنسان والبيئة من الآثار الإشعاعية”.
في الكويت، أكد مسؤول في الحرس الوطني، يوم الأحد، أن الحرس يراقب الحالة الإشعاعية والكيميائية على مدار الساعة، وأن الوضع “طبيعي ومستقر”.
وشدد المسؤول في مقابلة مع التلفزيون الكويتي على أن الحرس يمتلك قدرات متقدمة لكشف الإشعاعات والعوامل الكيميائية في المياه والهواء.
أما في قطر، فقد أفادت وزارة البيئة أن مستويات الإشعاع لا تزال ضمن المعدلات الطبيعية، مطمئنة المواطنين بأنها تتابع الموضوع بدقة وعلى مدار الساعة.
كما أعلنت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي عن تفعيل مركز مجلس التعاون لدول الخليج العربية لإدارة حالات الطوارئ جزئيًا كإجراء احترازي.
لكن القلق مستمر.
“بالله خففوا تغريدات، بدأت أتوتر من كثرتها، الله يحفظ بلدنا من كل شر”، كان هذا أحد التعليقات على تغريدات هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية، وهي فكرة تكررت على لسان العديد من المتفاعلين مع الصفحة.
تواجه السلطات في دول الخليج تحديًا صعبًا، فلا يمكن لعدد كبير من التطمينات أو قلتها أن يبدد المخاوف العميقة التي تثيرها احتمالية حدوث كارثة نووية.
لكن ماذا يقول العلماء والخبراء حول حجم المخاطر ومداها، لا سيما في دول الخليج؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتعامل معها؟
ما أسوأ السيناريوهات المحتملة؟
يميز العلماء بين المخاطر الناتجة عن استهداف منشآت تخصيب اليورانيوم، كما حدث في منشأة نطنز، وتلك الناتجة عن استهداف مفاعلات نووية، حيث أن الأولى ليست بسيطة، لكن الأخيرة قد تنذر بكارثة نووية حقيقية.
خلال التفاعل النووي في المفاعلات، تنشطر ذرات اليورانيوم وينتج عن ذلك نظائر مشعة، وهي مواد أكثر إشعاعًا من اليورانيوم الموجود في منشآت التخصيب، حيث لا يحدث التفاعل النووي.
لذلك، يرى العلماء الذين تحدثت إليهم بي بي سي أن المخاطر الناتجة عن قصف منشآت التخصيب أقل بكثير من تلك الناتجة عن احتمال قصف المفاعلات، ويعتبرون أن أخطر ما قد يحدث من حيث الإشعاع المؤذي للناس هو هجوم على مفاعل نووي مثل مفاعل بوشهر في إيران أو المفاعل الإسرائيلي في ديمونا.
مقال له علاقة: امتحانات الشهادة الإعدادية تنطلق غدًا في بني سويف – استعدوا للاختبارات!
يذكر أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، قد أشار يوم الإثنين إلى وجود تلوث إشعاعي وكيميائي في موقع منشأة نطنز التي قصفتها إسرائيل، لكن مستويات الإشعاع خارج الموقع لا تزال طبيعية، وكذلك الأمر بالنسبة للمنشآت الأخرى التي تعرضت للقصف.
ما المناطق والدول التي قد تتضرر في حال وقوع الكارثة؟
هذا هو السؤال الأصعب، لأنه يعتمد على عامل لا يمكن التنبؤ به، وهو حال الطقس في ذلك اليوم، وتحديدًا سرعة واتجاه الرياح والمطر.
عندما تنتشر الجزيئات المشعة في الأجواء نتيجة هجوم أو انفجار في مفاعل نووي، تحمل الرياح هذه الجزيئات، وتصبح بمثابة غيمة من الإشعاع، وإذا تساقطت الأمطار، يسقط معها الإشعاع من الغيمة إلى الأرض في مكان سقوط المطر.
بعد كارثة تشيرنوبل في أوكرانيا عام 1986، وصلت غيمة إشعاع إلى بريطانيا، رغم أن الأضرار البيئية كانت طفيفة، بينما وصل غيم يحمل إشعاعًا مركزًا أكثر خطورة إلى منطقة تبعد مئة كيلومتر عن موقع الحادث.
ومع ذلك، يشدد البعض على أن الحوادث النووية التي تشكل خطرًا على الناس خارج الموقع النووي نادرة.
يقول جيم سميث، البروفيسور في علم البيئة في جامعة بورتسموث، إن “من النادر للغاية أن يكون هناك حادث كبير بما يكفي ليشكل خطرًا كبيرًا على الناس خارج الموقع، فقط في حالات كحالة تشيرنوبل، وحادث فوكوشيما في اليابان عام 2011، كان هناك خطر فعلي على الناس خارج الموقع النووي، وحتى في تلك الحالتين، لم يزد الخطر بشكل كبير، هو خطر، لكن صغير مقارنة بالمخاطر التي نواجهها في حياتنا.”.
مخاطر خاصة بدول الخليج
منذ أربع سنوات، نشرت مجلة “العلم والأمن العالمي” دراسة مبنية على آلاف عمليات المحاكاة لما قد يحدث لمدن رئيسية في منطقة الخليج في حال وقوع حريق في برك الوقود النووي المستهلك في محطة بوشهر في إيران أو في محطة براكة في الإمارات.
وفقًا للمشرفين على الدراسة، فإن أي حادث نووي في منطقة الخليج قد تكون له آثار تضاف إلى الآثار المتوقعة لأي حادث نووي في أي منطقة في العالم، بسبب ثلاثة عوامل رئيسية:
أولاً، كثافة السكان في مدن ساحلية، مما قد يعقّد جهود نقل الناس في حال وقوع أي كارثة.
ثانيًا، اعتماد دول الخليج بشكل كبير على مياه البحر المحلاة، مما قد يسبب أزمة مياه لكل سكان المنطقة، خاصة أن البحر هناك شبه مغلق، ودورة المياه فيه تحتاج إلى ما بين سنتين وخمس سنوات لتكتمل، ومع أن بعض معامل التحلية يمكنها التعامل مع هذا التلوث، إلا أنها قد تضطر لوقف العمل لفترة معينة في حال وقوع الحادث.
أما العامل الثالث، فهو تركز النشاط الاقتصادي – خاصة إنتاج ونقل النفط والغاز – في مناطق الساحل وفي مياه الخليج، وقد يؤدي حادث نووي في المنطقة إلى تعطيل مرور السفن في مضيق هرمز، مما قد تكون له آثار كبيرة على هذه الدول.
“لا تقلقوا”
يقول الخبراء إن التوجيهات المتبعة في حال وقوع كارثة نووية معروفة، وعادة ما تتمثل في توجيه الناس للبقاء داخل المنازل وإغلاق النوافذ والأبواب، وعدم شرب المياه من مصادر مكشوفة، وتجنب تناول الخضار والفاكهة التي قد تكون تعرضت للإشعاع، وقد يلجأ البعض إلى تخزين المواد الغذائية من باب الاحتياط.
لكن جميع الإجراءات، والتوجيهات والتطمينات، لا يمكنها محو حالة القلق التي قد تصبح هي نفسها خطرًا إضافيًا يُضاف إلى المخاطر المحيطة بنا.
يقول جيم سميث: “نصيحتي بشكل عام للناس ألا يقلقوا كثيرًا، فقد شهدنا بعد تشيرنوبل أن القلق من الإشعاع – وهو مفهوم بالطبع – قد يتسبب بمشاكل أكبر من الإشعاع نفسه، إذا قيل لكم أن تحتموا، فاصغوا إلى ما تقوله السلطات، ولا تقلقوا بشكل عام.”
هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية نشرت تغريدة مشابهة لما قاله سميث، حيث أكدت أن “الصور الذهنية الشائعة لدى أغلب الجمهور تؤثر على القدرة على التقييم الصحيح للمخاطر، وتعتبر من أكبر التحديات في مواجهة الطوارئ النووية والإشعاعية، ومن المهم الالتزام بالبيانات والتصريحات الرسمية وتجنب تداول هذه الصور الذهنية.”.
أما الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد فضلت التعبير عن مخاوفها بشكل واضح، في أول بيان لمديرها العام، رافاييل غروسي، بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، حيث قال: “لقد ذكرتُ مرارًا وتكرارًا أنه يجب ألا تتعرض المرافق النووية أبدًا للهجوم، بصرف النظر عن السياق أو الظروف”، وأضاف: “أؤكد مجددًا أن أي عمل عسكري يخل بأمان المرافق النووية وأمنها قد يؤدي إلى عواقب وخيمة تؤثر على الإيرانيين والمنطقة والخارج”.
مقال مقترح: جبران يؤكد من مقر “العمل الدولية” التزامنا باستقلالية النقابات وحقوق الحريات