في هجوم مفاجئ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الساعات الأولى من صباح الأحد عن استهداف ثلاثة مواقع نووية في إيران وهي فوردو ونطنز وأصفهان، مؤكدًا أن الضربات كانت ناجحة، بينما لم تصدر السلطات الإيرانية أي تعليق على الهجوم.

مقال له علاقة: اندلاع حريق في القدس والشمال نتيجة صواريخ إيرانية تثير القلق في إسرائيل
وأفادت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بأنه تم إخلاء المواقع النووية الثلاثة المذكورة.
وفي خطوة تدل على ما يمكن تسميته بـ”خطة خداع استراتيجي”، كشفت القناة 12 العبرية أن إسرائيل والولايات المتحدة قد أوهمتا إيران بوجود خلاف بينهما، وذلك لتخفيف شعور إيران بالتهديد الوشيك، مشيرة إلى أن الهدف من ذلك كان منع طهران من اتخاذ أي خطوات قد تضعف تأثير الهجوم الأمريكي على منشآتها النووية.
وأكد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن “التاريخ سيسجل أن ترامب اتخذ خطوات لمنع أخطر نظام من امتلاك أخطر أسلحة في العالم”.
كما اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت أن قرار الرئيس الأمريكي كان صائبًا لمصلحة بلاده وإسرائيل و”البشرية جمعاء”، مؤكدًا أن العالم “أصبح أكثر أمانًا الآن”.
وعكست التقارير الدولية التي سبقت الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، خصوصًا فوردو، قلقًا متزايدًا من احتمالات حدوث تلوث أو تسرب إشعاعي من تلك المنشآت بعد استهدافها، فما هي احتمالات حدوث ذلك؟
قبل الهجوم الأمريكي، استقر الخبراء العسكريون والمتخصصون في الشؤون الدفاعية على أن الولايات المتحدة ستستخدم القنبلة “جي بي يو 57” الخارقة للتحصينات في قصف المنشآت الإيرانية النووية.
واستبعد خبراء متخصصون في مجال الدفاع والطاقة النووية أن يؤدي قصف المنشأة النووية الإيرانية إلى انفجار نووي أو حدوث تسرب إشعاعي واسع النطاق، لكنه قد يتسبب في مقتل عدد من العاملين داخل المنشآت النووية.
وأوضح هاميش دي بريتون جوردون، القائد السابق في وحدة الدفاع الكيميائي والنووي في الجيش البريطاني، أن منشأة “فوردو” النووية الإيرانية لا تحتوي على مفاعلات أو رؤوس نووية، بل تقتصر على وجود أجهزة طرد مركزي تُستخدم في عملية تخصيب اليورانيوم، ولفت في تصريحاته لشبكة “إن بي سي نيوز” إلى أن أي تفجير قد ينجم عن هجوم أمريكي محتمل على المنشأة لن يؤدي إلى إطلاق طاقة نووية.
تُعتبر منشأة “فوردو”، التي تقع إلى الجنوب من العاصمة الإيرانية طهران، واحدة من أكثر المواقع النووية تحصينًا في إيران، حيث أُنشئت تحت جبل صخري ضخم، ما يجعل الوصول إليها صعبًا للغاية.
وبحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن نسبة تخصيب اليورانيوم في المنشأة وصلت إلى حدود 60%، وهي نسبة تتجاوز بكثير الحد المسموح به لأغراض الاستخدام المدني، والذي يتراوح بين 3.5% و5%، بينما الوصول إلى نسبة 90% يُعد ضروريًا لصنع سلاح نووي.
قبل الهجوم الأمريكي، أولى جيش الاحتلال الإسرائيلي أهمية خاصة لمنشأة “فوردو”، إذ يعتبرها مراقبون دوليون رمزًا لقدرات إيران النووية المتقدمة.
شوف كمان: طالبة من الغربية تتألق في الإعدادية وتعتبر خالها قدوتها (شاهد الفيديو والصور)
فوردو.. ومخاوف التلوث الإشعاعي.
يقلل مارك نيلسون، مدير مؤسسة “راديانت إنرجي”، من مخاوف حدوث تسرب إشعاعي من المنشأة النووية، موضحًا أن المواد النووية داخل “فوردو” تُعد منخفضة الإشعاع نسبيًا، مما يجعل من غير المرجح حدوث كارثة بيئية كبرى في حال وقوع هجوم.
رغم ذلك، يحذّر نيلسون من المخاطر المحتملة الناتجة عن تحلل غاز اليورانيوم في حال تعرض الموقع للقصف، حيث يمكن أن يتحول إلى حمض الهيدروفلوريك، وهي مادة سامة للغاية قد تُسبب حروقًا شديدة أو مشاكل تنفسية وقلبية قاتلة إذا تم استنشاقها أو ملامستها دون وقاية مناسبة.
كما أشار نيلسون إلى أن احتمالية تسرب مواد مشعة إلى المياه الجوفية في موقع “فوردو” لا تزال ضئيلة، إلا أنه أكد أن أي إشعاع ينتج عن ذلك سيكون قابلاً للرصد باستخدام المعدات المتخصصة، ولكن دون أن يُشكل ضررًا مباشرًا على المدى القريب.
هل تصبح “فوردو تابوتًا خرسانياً”؟
عاد القائد البريطاني السابق هاميش دي بريتون جوردون ليؤكد أن ضرب منشأة “فوردو” من المحتمل أن يؤدي إلى دفن الموقع بالكامل تحت الأنقاض، مشبهاً الأثر المحتمل لذلك بما يعرف بـ”التابوت الخرساني” الذي تم تشييده فوق مفاعل تشيرنوبيل بعد كارثة 1986، إلا أن الغطاء الخرساني المحتمل في “فوردو” قد يصل سُمكه إلى 60 مترًا، أي أضعاف ما تم استخدامه في تشيرنوبيل.
ويؤكد مارك نيلسون أن “الاقتراب من موقع فوردو بعد الضربة الأمريكية، دون ارتداء معدات حماية مناسبة، سيكون أمرًا مميتًا”، ومع ذلك، يشدد على أن هذا الخطر سيبقى محليًا ولن يمتد ليُشكّل تهديدًا إقليميًا أو دوليًا.