هل ضرب أمريكا لمفاعلات إيران بداية العاصفة أم نهاية مخاوف الانفجار الكبير؟

بين صمتٍ أعقب دوي الانفجارات داخل المنشآت النووية الإيرانية وتكهناتٍ متصاعدة في الأروقة السياسية والعسكرية، يظهر المشهد الإيراني على مفترق طرق بالغ الحساسية، فالهجوم الذي استهدف منشآت استراتيجية داخل إيران لم يكن مجرد ضربة عابرة في سجل المواجهات المتبادلة، بل يبدو كرسالة مفتوحة للعالم بأن المنطقة تقف على حافة تصعيد غير مسبوق.

هل ضرب أمريكا لمفاعلات إيران بداية العاصفة أم نهاية مخاوف الانفجار الكبير؟
هل ضرب أمريكا لمفاعلات إيران بداية العاصفة أم نهاية مخاوف الانفجار الكبير؟

ومع تباين التحليلات بين من يراه بداية لموجة أعنف من الصراع ومن يعتقد أنه مجرد فصل ختامي في حرب الرسائل، يبقى السؤال مطروحًا بإلحاح: هل ما حدث هو الشرارة الأولى لحريق إقليمي واسع أم أنه كان الضربة الأخيرة في حرب خفية شارفت على نهايتها

فرغم تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأنه لن يحسم موقفه من توجيه ضربة مباشرة للبرنامج النووي الإيراني من عدمه، وجهت واشنطن فجر اليوم الأحد ضربات استهدفت 3 منشآت نووية إيرانية، هي “فوردو” و”نطنز” و”أصفهان”، مما يضع الولايات المتحدة في قلب المعادلة مباشرة أمام إيران، التي لم تحدد كيف سيكون ردها حتى الآن.

1
هل ما حدث مجرد البداية أم النهاية

وفي هذا الشأن، أكد العميد ناجي ملاعب، الخبير العسكري، في تصريحات خاصة لـ “نبأ العرب”، أن تطورات المشهد في المنطقة تشير إلى تغيرات متسارعة تحدث كل ساعة، لافتًا إلى أن الأحداث الأخيرة تبرز موقع إيران كدولة مُصنِّعة ومُطورة لأسلحة حديثة تنتمي لما يُعرف بـ”علم الأسلحة الجديد”.

وأوضح ملاعب أن إيران حققت تقدمًا كبيرًا في مجال الطائرات المسيّرة، التي أصبحت مزوّدة بالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا تمكنها من تحديد الأهداف بدقة واتخاذ القرار ذاتيًا، ووفقًا له فإن الطائرات الإيرانية قادرة اليوم على التحليق لمسافات تصل إلى آلاف الكيلومترات وتحمل ما يصل إلى 150 كيلوجرامًا من المتفجرات.

وأشار إلى أن التعاون العسكري بين طهران وموسكو أتاح لروسيا الحصول على مسيّرات “شاهد 136” التي استخدمتها بكثافة في أوكرانيا، مقابل حصول إيران على تقنيات روسية متطورة في مجال الصواريخ الفرط صوتية، وهي تقنيات لا تزال الولايات المتحدة وحلفاؤها في طور اختبارها.

وبيّن أن هذه الصواريخ، التي تتجاوز سرعتها خمسة أضعاف سرعة الصوت، تمكن إيران من إصابة أهداف داخل إسرائيل خلال سبع دقائق فقط، ما يجعل رصدها والتصدي لها أمرًا بالغ الصعوبة.

2

وأضاف الخبير العسكري أن إيران انتهجت سياسة الرد بالمثل خلال الأسابيع الأخيرة، مستشهدًا بقصف منشآت طاقة ومراكز استخبارات إسرائيلية ردًا على هجمات مماثلة استهدفت مواقع إيرانية، واعتبر أن هذا التحول يعكس تبدّلًا في العقيدة العسكرية الإيرانية من “الصبر الاستراتيجي” إلى “الردع الاستراتيجي” من خلال استخدام أسلحة أربكت إسرائيل ودفعت ملايين الإسرائيليين للجوء إلى الملاجئ في ظل عدم كفاية البنى التحتية الوقائية.

وفيما يتعلق بالضربات الأمريكية الأخيرة على مواقع إيرانية، قال ملاعب إن إيران تعاملت معها باعتبارها ذات أثر محدود، مؤكدة نقل المعدات الحساسة مثل أجهزة الطرد المركزي من المنشآت المستهدفة قبل الهجوم.

ولفت إلى أن طهران حرصت على التقليل من أهمية الأضرار، مع استمرارها في توجيه ضربات إلى إسرائيل دون الدخول في مواجهة شاملة مع واشنطن.

واختتم الخبير العسكري تصريحاته بالإشارة إلى أن الضربات الإيرانية التي نُفذت اليوم واستهدفت مناطق جنوب ووسط وشمال إسرائيل، والتي تسببت في أضرار واسعة، قد تكون مجرد “دفعة أولى” وفقًا لتصريحات الحرس الثوري الإيراني، الذي أعلن صراحة أن “الحرب قد بدأت”.

3

من جانبه، يقول الدكتور علاء السعيد، الخبير المختص في الشأن الإيراني، في تصريحات خاصة لـ “نبأ العرب”، إن الحقيقة التي تُثبتها الوقائع والخرائط تقول إن ما نعيشه الآن ليس نهاية المشهد بل مجرد استراحة بين موجتين.

وأوضح السعيد أنه بعد الضربة الأمريكية الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت الإيرانية لم تقم إيران بردٍ يوازي حجم الضرر ولم تُفعّل بعد أوراقها الكبرى ولم تُستهدف قواعد أمريكية بشكل مباشر ولم تُعلن حتى رفع تخصيب اليورانيوم علنًا، مشيرًا إلى أن هذا لا يعني ضبط النفس بل يعني أن الرد المؤجل قادم لكن بصيغة مختلفة، وتابع السعيد أن تصعيد إيران لن يكون بالضرورة صاروخيًا، بل قد يكون عبر البحر أو عبر الوكلاء أو عبر خطوط الإنترنت وأجهزة الطاقة، قائلًا إن المنطقة أمام نمط جديد من الحرب أكثر خبثًا، أكثر انتشارًا، أقل وضوحًا وأطول عمرًا.

وأضاف السعيد أن السؤال ليس إن كانت هناك موجة جديدة، بل متى تبدأ، وكيف ستكون، هل سنشهد هجمات سيبرانية تشلّ البنى التحتية، هل ستُفجّر الأذرع الإيرانية جبهات خامدة من لبنان حتى القرن الإفريقي، هل ستعود طهران إلى حافة النووي بقرار واحد، مشيرًا إلى أن كل الاحتمالات مطروحة وكل الجبهات مهيأة للاشتعال، وكل طرف يريد أن يُثبّت صورة أنه لم يُهزم وإنما فقط يتحين للحظة المناسبة، مؤكدًا أن ما يحدث الآن ليس نهاية فيلم بل تغيير في زوايا التصوير المشهد بالمنطقة.

اقرأ أيضا:

لمتابعة تغطيتنا الشاملة.