رغم الجهود الدولية التي بذلتها عدة أطراف من أجل تقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران في المفاوضات النووية، وأيضًا تأكيد الإدارة الأمريكية على رغبتها في التوصل إلى حل سلمي، نفذت الولايات المتحدة فجر الأحد هجومًا عُرف باسم “مطرقة منتصف الليل”، استهدف ثلاثة مواقع نووية في إيران.

اقرأ كمان: تحرك برلماني لانتداب معلمات من أسوان إلى دمياط لمتابعة امتحانات الدبلومات الفنية
وفي الساعات التي تلت الهجوم، بدأت تتضح ملامح العملية الأمريكية السريعة، والتي تشير إلى اعتماد تكتيك خداعي قبل أيام من تنفيذ الضربات على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية.
وأفادت القناة 12 العبرية، بأن الولايات المتحدة وإسرائيل عمدتا إلى إيهام إيران بوجود خلاف بينهما، بهدف تقليل شعور طهران بالخطر الوشيك، موضحة أن الهدف من هذه الخطوة كان منع إيران من اتخاذ أي إجراءات قد تقلل من الأضرار المحتملة للهجوم على منشآتها النووية.
وقبل ساعات من تنفيذ الضربات على المنشآت النووية الإيرانية، تم رصد إقلاع ست قاذفات شبحية استراتيجية أمريكية من قاعدة “وايتمان” الجوية بولاية ميسوري، بينما أشارت بيانات تتبع الرحلات الجوية إلى أنها كانت تتجه نحو جزيرة جوام في المحيط الهادئ، على بعد حوالي 7 آلاف كيلومتر من إيران، مما اعتبره الخبراء استعدادًا لأي قرار أمريكي محتمل بضرب إيران، وفقًا لوكالة “رويترز” البريطانية.
لكن رصد القاذفات لم يكن سوى جزء من استراتيجية خداعية؛ حيث أعلن الجيش الأمريكي في بيان يوم الأحد، أن القوة الجوية الفعلية التي نفذت الهجوم، والتي تتكون من سبع قاذفات طراز “بي 2 سبيريت”، حلقت شرقًا دون أن تُكتشف لمدة 18 ساعة مع تقليل الاتصالات إلى الحد الأدنى.
وعند اقتراب القاذفات من المجال الجوي الإيراني، أطلقت غواصة أمريكية أكثر من 20 صاروخ كروز من طراز “توماهوك”، بالتزامن مع إقلاع مقاتلات بهدف تشتيت أي دفاعات إيرانية، مما أتاح للقاذفات فرصة إسقاط حمولتها من القنابل الخارقة للتحصينات من نوع “جي بي يو 57”.
من نفس التصنيف: مأساة المهندس خالد الذي كان ينتظر مولوده الأول ضحية حفار جبل الزيت (صور)
يعتبر الهجوم على المواقع الإيرانية الثلاثة أكبر ضربة عملياتية تنفذها قاذفات “بي 2” الأمريكية، كما أنها ثاني أطول مهمة بعد العمليات التي تلت هجمات 11 سبتمبر 2001.
وحسب وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، أسقطت القاذفات الشبحية 14 قنبلة خارقة للتحصينات خلال الهجوم، حيث تزن كل واحدة منها 30 ألف رطل، بمشاركة أكثر من 125 طائرة عسكرية متنوعة بين مقاتلات وقاذفات استراتيجية وطائرات تزود بالوقود.
يعتقد الجيش الأمريكي أن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية حقق نجاحًا تكتيكيًا كبيرًا، حيث ذكر رئيس هيئة الأركان المشتركة دان كين، أن إيران لم تتمكن من إطلاق رصاصة واحدة على الطائرات العسكرية الأمريكية.
وأوضح كين أن المقاتلات الإيرانية لم تقلع لاعتراض الطائرات الأمريكية، كما أن الأنظمة الدفاعية لم تتمكن من رصد المجموعة الجوية المشاركة في الهجوم، مما يدل على أن القوات الأمريكية حافظت على عنصر المفاجأة.
وكشف كين أن التقييمات الأولية للهجوم تشير إلى أن المنشآت النووية الثلاث تعرضت لأضرار كبيرة، لكنه لم يحدد ما إذا كانت قدرات إيران النووية لا تزال سليمة.
في الوقت نفسه، بدا وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث أكثر ثقة، حيث صرح بأن “من الواضح أننا دمرنا برنامج إيران النووي”.
وأشار كين إلى أن هجوم “مطرقة منتصف الليل” كان سريًا للغاية، حيث لم يكن يعلم بتوقيته أو طبيعته سوى عدد قليل جدًا من المسؤولين في واشنطن، بينما فوجئ كبار المسؤولين مساء السبت عبر منشور الرئيس دونالد ترامب على “تروث سوشيال” الذي أعلن فيه عن الهجوم.
ولتعزيز حماية قواته في الشرق الأوسط ضد أي هجوم انتقامي إيراني، أرسل الجيش الأمريكي مزيدًا من الأصول العسكرية إلى المنطقة، حيث قال هيجسيث: “جيشنا متمركز للدفاع عن نفسه في الشرق الأوسط، وكذلك للرد على إيران إذا ما نفّذت تهديداتها بالانتقام”