(بي بي سي).

من نفس التصنيف: سعر الذهب يرتفع اليوم في مصر خلال منتصف تعاملات الجمعة
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة نفّذت هجوماً “ناجحاً” استهدف ثلاثة مواقع نووية في إيران، حيث تم “تدميرها تماماً” وفق قوله، وأوضح البنتاغون الأحد أن تقييم آثار الهجوم سيستغرق بعض الوقت، على الرغم من المؤشرات التي تفيد بتعرض جميع المواقع لأضرار بالغة.
تؤكد إسرائيل أنها كانت في “تنسيق كامل” مع الولايات المتحدة بشأن التخطيط لهذه الضربات، بينما نفى المسؤولون الإيرانيون تعرض المنشآت لأضرار كبيرة، وتعتبر هذه الضربات تصعيداً ملحوظاً في الصراع القائم بين إيران وإسرائيل.
إليكم التفاصيل.
ما الذي قصفته الولايات المتحدة وما الأسلحة المستخدمة؟
صرّح الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، بأن عملية “مطرقة منتصف الليل” شملت 125 طائرة عسكرية أمريكية، بما في ذلك سبع قاذفات شبح من طراز بي-2، حيث استهدفت الولايات المتحدة ثلاث منشآت نووية وهي فوردو ونطنز وأصفهان.
وأوضح كين أن القاذفات انطلقت من الولايات المتحدة في رحلة استغرقت 18 ساعة، واتجه بعضها غرباً نحو المحيط الهادئ “لأغراض الخداع”، بينما تقدمت فرقة الضربات الرئيسية، المكونة من سبع قاذفات بي-2، نحو إيران.
قبل دخول الطائرات إلى المجال الجوي الإيراني، أُطلق أكثر من عشرين صاروخ توماهوك كروز من غواصة أمريكية على أهداف في موقع أصفهان، وعند دخول القاذفات، استخدمت الولايات المتحدة أساليب خداع متعددة، بما في ذلك طُعم، حيث عملت الطائرات المقاتلة على تأمين المجال الجوي، ثم أسقطت القاذفات قنبلتين من طراز GBU-57 على الموقع النووي في فوردو.
مواضيع مشابهة: اجتماع ترامب الأمني حول إيران لم يحسم القرار وفقًا لوول ستريت جورنال
أعلن كين أيضاً عن إسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات على منطقتين مستهدفتين، حيث تعرضت الأهداف الثلاثة للقصف بين الساعة 18:40 و19:05 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وغادرت القاذفات بعد ذلك المجال الجوي الإيراني عائدة إلى الولايات المتحدة.
وأكد كين أن “المقاتلات الإيرانية لم تُحلّق، ويبدو أن أنظمة الصواريخ أرض-جو الإيرانية لم ترَنا”، بينما أوضح وزير الدفاع بيت هيغسيث أن العملية لم تستهدف القوات الإيرانية أو الشعب الإيراني، ولم تكن تهدف أبداً إلى تغيير النظام.
أعرب وزير الدفاع عن تقديره “لحلفائنا في إسرائيل” للدعم الذي قدموه، مشيراً إلى أن التخطيط للعملية استغرق شهوراً وأسابيع.
يعتبر موقع فوردو النووي، الذي يقع في منطقة جبلية نائية، مركزاً حيوياً لتخصيب اليورانيوم، ويُعتقد أنه أعمق تحت الأرض من نفق القناة الواصل بين بريطانيا وفرنسا، حيث تمتلك الولايات المتحدة القنبلة الوحيدة القادرة على اختراق هذا الموقع، والتي تزن نحو 13,000 كيلوغرام.
يمكن لهذه القنبلة اختراق 18 متراً من الخرسانة أو 61 متراً من الأرض قبل أن تنفجر، رغم أن نجاحها غير مضمون بسبب عمق الأنفاق، لكن لا توجد قنبلة أخرى قادرة على ذلك.
أكد كين أن القاذفات السبع من طراز “بي-2 سبيريت” استخدمت 14 قنبلة خارقة للتحصينات، ضمن “75 سلاحاً موجهاً بدقة” في الضربات ضد إيران.
ما هو المعروف عن تأثير الهجمات؟
صرّح الجنرال كين بأن تقييم الأضرار الناجمة عن الهجوم الأمريكي سيستغرق بعض الوقت، لكنه أشار إلى أن “التقييم الأولي يشير إلى أن المواقع الثلاثة تعرضت لأضرار ودمار شديد للغاية”.
تظهر صور عبر الأقمار الصناعية التُقطت في 22 يونيو/حزيران ست حفر جديدة في موقع فوردو، يُحتمل أنها نقاط دخول الذخائر الأمريكية، بالإضافة إلى غبار وحطام على سفح الجبل.
بعد تأكيد الولايات المتحدة استخدام قنابل GBU-57، أوضح ستو راي، كبير محللي الصور في شركة ماكنزي للاستخبارات، أنه لن يُلاحظ تأثير انفجار هائل عند نقطة الدخول، لأنها مصممة للانفجار في عمق المنشأة، وأشار إلى أن ثلاث ذخائر أُلقيت على نقطتي اصطدام منفصلتين، مما يدل على وجود حطام خرسانياً تناثر بفعل الانفجارات.
أضاف راي أن مداخل النفق قد سُدّت، مما يشير إلى محاولة إيرانية “للتخفيف من حدة الاستهداف المتعمد للمداخل بالقصف الجوي”، بينما وصفت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قصف المواقع النووية الثلاثة بأنه “انتهاك سافر” للقانون الدولي.
أكدت المملكة العربية السعودية والوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم وجود أي زيادة في مستويات الإشعاع بعد الهجوم، وصرّح نائب المدير السياسي لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بأن إيران أخلت هذه المواقع منذ فترة، مشيراً إلى أن المواد كانت قد أُزيلت بالفعل.
كيف ستردّ إيران؟
بعد ساعات من القصف الأمريكي، أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ، مستهدفة أجزاء من تل أبيب وحيفا، مما أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 86 شخصاً، وصرّح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بأن الولايات المتحدة “يجب أن تتلقى رداً على عدوانها”.
أضاف في بيان أن إيران “لطالما أكدت استعدادها للانخراط والتفاوض في إطار القانون الدولي”، لكن بدلاً من ذلك، طالب الطرف الآخر باستسلام الأمة الإيرانية، ويشير فرانك غاردنر، مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية، إلى أن إيران تواجه ثلاثة خيارات استراتيجية رداً على الهجوم الأمريكي.
الأول هو عدم القيام بأي شيء، مما قد يجنبها المزيد من الهجمات الأمريكية، أو حتى اختيار المسار الدبلوماسي والعودة إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة، لكن هذا قد يجعل النظام الإيراني يبدو ضعيفاً، خاصة بعد تحذيراته من عواقب وخيمة في حال شنت الولايات المتحدة هجوماً، وقد يرى النظام أن خطر إضعاف قبضته على شعبه يفوق تكلفة أي هجمات أمريكية أخرى.
الخيار الثاني هو الرد بقوة وسرعة، حيث لا تزال إيران تمتلك ترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية، ولديها قائمة أهداف تضم نحو 20 قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، ويمكنها شن هجمات على السفن الحربية الأمريكية باستخدام الطائرات بدون طيار وزوارق طوربيد سريعة.
الخيار الثالث هو الانتظار حتى تهدأ التوترات الحالية، وشن هجوم مفاجئ عندما لا تكون القواعد الأمريكية في حالة تأهب قصوى.
ماذا قال دونالد ترامب وكيف كان رد فعل السياسيين الأمريكيين؟
في منشور على منصته “تروث سوشيال” الساعة 19:50 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، أكد ترامب الضربات على فوردو ونطنز وأصفهان، وبعد ساعتين تقريباً، ألقى ترامب خطاباً متلفزاً برفقة نائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع هيغسيث، حيث أشار إلى أن الهجمات المستقبلية ستكون “أشد وطأة” ما لم تتوصل إيران إلى حل دبلوماسي.
أضاف ترامب: “تذكروا، لا يزال هناك العديد من الأهداف”، بينما أصدر العديد من زملائه الجمهوريين بيانات مؤيدة لهذه الخطوة، مثل السيناتور تيد كروز الذي “أشاد” بالرئيس، في حين وصف السيناتور ميتش ماكونيل هذه الخطوة بأنها “رد حكيم على دعاة الحرب في طهران”.
لكن لم يكن كل الجمهوريين داعمين، حيث قالت مارجوري تايلور غرين، عضوة الكونغرس عن ولاية جورجيا، “هذه ليست معركتنا”، بينما وصف عضو الكونغرس توماس ماسي الضربات بأنها “غير دستورية”، في حين وصف ترامب ماسي بأنه “خاسر مثير للشفقة”.
تمنح المادة الأولى من دستور الولايات المتحدة سلطة إعلان الحرب للكونغرس، بينما تنص المادة الثانية على أن الرئيس هو القائد الأعلى، مما يمنحه صلاحية استخدام القوة العسكرية للدفاع عن الولايات المتحدة ضد الهجمات الفعلية أو المتوقعة.
صرّح حكيم جيفريز، الديمقراطي البارز، أن ترامب يُخاطر بتوريط الولايات المتحدة “في حرب كارثية محتملة في الشرق الأوسط”، بينما اتهمه آخرون بتجاوز الكونغرس لشن حرب جديدة.
كيف كان رد فعل قادة العالم؟
دعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إيران إلى تجنب أي إجراءات قد تزيد من “زعزعة استقرار” الشرق الأوسط، وفي بيان مشترك، أكد القادة الثلاثة أن إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحاً نووياً، وأعربوا عن دعمهم لأمن إسرائيل.
وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الضربات الجوية الأمريكية بأنها تصعيد خطير، بينما حثت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف على العودة إلى طاولة المفاوضات، وأعربت المملكة العربية السعودية عن “قلقها البالغ”، في حين أدانت سلطنة عمان الضربات ودعت إلى خفض التصعيد.
صرّح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بأنه تحدث مع الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، ودعا إلى “الحوار والدبلوماسية كسبيل للمضي قدماً”، بينما قال السياسي الروسي ديميتري ميدفيديف إن ترامب، الذي جاء رئيساً كصانع سلام، بدأ حرباً جديدة للولايات المتحدة، مضيفاً أنه مع هذا النوع من النجاح، لن يفوز ترامب بجائزة نوبل للسلام.
كيف بدأ الصراع الأخير؟
شنت إسرائيل هجوماً مفاجئاً على عشرات الأهداف النووية والعسكرية الإيرانية في 13 يونيو/حزيران، مشيرة إلى أن هدفها هو تفكيك برنامج طهران النووي، الذي قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه سيمكّنها من إنتاج قنبلة نووية قريباً، بينما تصر إيران على أن طموحاتها النووية سلمية.
رداً على ذلك، أطلقت طهران مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، واستمرت الدولتان في تبادل الضربات منذ ذلك الحين، في حرب جوية استمرت لأكثر من أسبوع، وقد صرح ترامب مراراً بأنه يعارض امتلاك إيران لسلاح نووي، ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلكه رغم عدم تأكيدها أو نفيها لذلك.
في مارس/آذار، صرّحت تولسي غابارد، مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية، بأن إيران زادت من مخزونها من اليورانيوم إلى مستويات غير مسبوقة، لكنها لا تُصنّع سلاحاً نووياً، وهو تقييم وصفه ترامب بأنه “خاطئ”، حيث انتقد ترامب الإدارات الأمريكية السابقة لانخراطها في “حروب غبية لا نهاية لها” في الشرق الأوسط، وتعهد بإبعاد الولايات المتحدة عن الصراعات الخارجية.
كانت الولايات المتحدة وإيران تجريان محادثات نووية وقت الهجوم الإسرائيلي المفاجئ، وقبل يومين فقط من الهجوم الأمريكي، صرّح ترامب بأنه سيمنح إيران أسبوعين للدخول في مفاوضات جادة قبل توجيه ضربة عسكرية، لكن تبيّن أن المهلة كانت أقصر بكثير.