آراء سكان غزة بعد وقف النار بين إسرائيل وإيران.. هل انتهت الحرب النووية بينما تستمر معاناتنا؟
(بي بي سي).

ممكن يعجبك: حادثة مأساوية في حديقة النرجس بعد رحلة “picnic” تنتهي بجثة و4 مصابين.. تفاصيل الصدمة تكشف المستور
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الإثنين، عن موافقة إيران وإسرائيل على وقف كامل لإطلاق النار بينهما خلال 24 ساعة، وذلك بعد تصعيد شهد قصفاً متبادلاً استمر لمدة 12 يوماً.
ورغم موافقة الحكومة الإسرائيلية على الاقتراح الأمريكي بوقف إطلاق النار، أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بأن “الجولة الأخيرة من الصواريخ” أُطلقت قبل بدء سريان الهدنة.
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من توجيه إيران ضربة باتجاه قاعدة العُديد الأمريكية في قطر، كردّ على استهداف واشنطن منشآت نووية إيرانية.
مواضيع مشابهة: تراجع سعر الفائدة بنسبة 1% على حسابات المعاشات والمرتبات والجاري في بنك مصر
على مدار 12 يوماً، كانت أخبار القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران تتصدر عناوين الأخبار والصحف، ومع إعلان وقف إطلاق النار تعود الحرب المستمرة في غزة منذ أكثر من سنة ونصف السنة إلى الواجهة، خاصة مع استمرار سقوط الضحايا وغياب أفق واضح لحل ينهي الصراع.
رصدت بي بي سي ردود أفعال سكان قطاع غزة تجاه وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، حيث لم يغب عن حديثهم المقارنة بين “السرعة” في التوصل لتهدئة بين الدولتين الغريمتين، مقابل التعثر الذي شهده التوصل لهدنة تنهي الحرب في غزة.
وتحدث مراسل بي بي سي لشؤون غزة، عدنان البرش، مع عدد من الغزيّين، ورصد أحاديثهم ومنشوراتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، في محاولة لفهم ردود أفعالهم على خبر وقف إطلاق النار.
قال البرش إنه بالإضافة إلى حالة اليأس والإحباط التي تسيطر على الغزيّين منذ أشهر، أضيفت حالة من الغضب بعد سماعهم الأنباء عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.
يعزو البرش حالة الغضب هذه إلى تساؤل يطرحه سكان القطاع: لماذا تُركت غزة كل هذه المدة وهي، بحسب تعبيرهم، تُقتل وتُجوّع؟ بينما يتدخل العالم لوقف حرب لم تستمر سوى لأقل من أسبوعين بين إسرائيل وإيران
عبّر حسام السقا، أحد سكان قطاع غزة، عن أمله بأن ينعكس وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إيجابياً على قطاع غزة.
قال السقا لبرنامج غزة اليوم الذي يُبث عبر بي بي سي، إن القوى العظمى في العالم تتفق مع بعضها بعيداً عن قطاع غزة، وأبدى خشيته من أن يستمر الوضع في القطاع على ما هو عليه.
“أين وعود ترامب؟”
في منشوره الذي أعلن فيه التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل، قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عبر منصة “تروث سوشال”، إن كلّاً من إيران وإسرائيل “طلبتا في الوقت نفسه، السلام”، مشيراً إلى أن العالم والشرق الأوسط “هما الرابحان الحقيقيان” من السلام بين الدولتين.
عبّر ترامب عن تفاؤله بمستقبل “واعد” لإسرائيل وإيران، خاتماً منشوره بعبارة: “فليباركهما الرب”
هذه الكلمات التي حملت نبرة مشرقة حول ما هو آت، قابلتها حالة من الغضب واللوم تجاه الرئيس الأمريكي بين سكّان قطاع غزة، وفقاً لمراسل بي بي سي، حيث تساءل الغزيّون: لماذا تمكّن الرئيس ترامب من إيقاف الحرب بين إسرائيل وإيران، فيما لم يوقف حرب غزة “رغم وعوده بذلك منذ تولّي منصبه”؟
يقول البرش إن حالة الاحتقان والغضب كانت واضحة في منشورات سكان القطاع، رغم صعوبة الوصول إلى شبكة الإنترنت خلال هذه الفترة، وكان جلّ هذا الغضب موجهاً إلى الإدارة الأمريكية، التي يراها الغزيّون “المسؤولة باعتبارها القادرة على الضغط على إسرائيل”.
قال أحد سكان القطاع، لبرنامج غزة اليوم الذي يُبث عبر بي بي سي، إن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل كان “منسقاً”، مشيراً إلى أن ما يهم سكان القطاع الآن هو وقف إطلاق النار في غزة.
أما رمزي محيسن، من قطاع غزة، فقد وصف التصعيد بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة بـ “المسرحية”، قائلاً إن غزة هي “من تتكبّد التكاليف كلها في النهاية”.
أضاف محيسن لبي بي سي، أنه يتوقع حلّاً قريباً للحرب في غزة، مشيراً إلى أن الوضع في القطاع “كارثي”.
في سياق متصل، دعا زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، الثلاثاء إلى إنهاء الحرب المتواصلة في قطاع غزة.
قال لابيد على منصة إكس بعد إعلان إسرائيل وقف إطلاق النار مع إيران: “والآن غزة. هذا هو الوقت المناسب لمعالجة الوضع هناك. إعادة الرهائن، وإنهاء الحرب”
قتلى وجرحى قرب مراكز المساعدات
ميدانياً، لا تزال الأنباء المرتبطة بسقوط ضحايا من الساعين للحصول على مساعدات تتصدّر المشهد في القطاع.
إذ أكّدت مصادر طبية في القطاع مقتل 28 شخصاً بنيران الجيش الإسرائيلي، قرب مراكز لتوزيع المساعدات تابعة لمؤسسة “غزة الإنسانية” المدعومة إسرائيلياً وأمريكياً.
أفادت مصادر في مستشفيات شهداء الأقصى والعودة وسط القطاع بمقتل 25 شخصاً وإصابة 150 قرب مركز توزيع مساعدات وسط القطاع في منطقة ما يُعرف بمحور نتساريم، فيما أعلن مستشفى ناصر في خان يونس، مقتل 3 أشخاص عند نقطة توزيع في رفح جنوباً.
وفي تعليقه على الحادثة قرب مركز نتساريم، قال الجيش الإسرائيلي إنه “رصد تجمعاً في منطقة مجاورة لقوات الجيش الإسرائيلي العاملة في ممر نتساريم وسط غزة”، مؤكداً أنه تلقى تقارير عن إصابات بـ “نيران الجيش الإسرائيلي في المنطقة”، وأنه يراجع التفاصيل المرتبطة بالحادثة.
في السياق ذاته أكدت مصادر طبية في مستشفى المعمداني بمدينة غزة، مقتل 10 أشخاص غالبيتهم من عائلة واحدة في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً لعائلة فجر الثلاثاء، جنوبي مدينة غزة.
اندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق نفّذته حركة حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص.
فيما قُتل نحو 56 ألف شخص في قطاع غزة، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.
“نظام مشين”
ووصف المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، الثلاثاء، نظام توزيع المساعدات المدعوم من الولايات المتحدة في قطاع غزة بـ “المشين”.
قال لازاريني، في مؤتمر صحفي في برلين، إن آلية المساعدات التي أُنشئت أخيراً “مشينة ومهينة ومذلّة بحق الناس اليائسين، وهي عبارة عن فخ قاتل يكلف أرواح أشخاص يتجاوز عددهم أولئك الذين ينقذهم”، على حدّ تعبيره.
دعا لازاريني إلى تمكين الأونروا من جديد من الوصول إلى القطاع وإعادة إطلاق جهودها الإغاثية، مشيراً إلى أن “المجتمع الإنساني بما في ذلك الأونروا يملك الخبرة ويجب السماح له بالقيام بمهمته وتقديم المساعدات باحترام وكرامة”.
من جهتها، اعتبرت الأمم المتحدة أن “تحويل الغذاء سلاحاً في غزة هو جريمة حرب”، داعية الجيش الإسرائيلي إلى “التوقّف عن إطلاق النار على الأشخاص الساعين إلى الحصول على الطعام”.
تدير مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) مراكز توزيع مساعدات في قطاع غزة، وهي منظمة مثيرة للجدل، تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل وتستخدم متعاقدين مسلحين لتأمين مراكز المساعدات.
بدأت المنظمة عملياتها بعد أن أعلنت إسرائيل في 19 مايو/أيار الماضي تخفيف المنع الذي كانت تفرضه على دخول المساعدات إلى القطاع، ومنذ بدء عملياتها، سادت حالة من الفوضى في مراكز توزيع المساعدات التي تديرها المؤسسة.
رفضت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية رئيسية التعاون مع المؤسسة إثر مخاوف تتعلق بكونها “صُمّمت لدعم أهداف إسرائيل العسكرية”.
بحسب أرقام صدرت عن وزارة الصحة في قطاع غزة، فقد قُتل 450 شخصاً على الأقل وأصيب حوالى 3500 بنيران القوات الإسرائيلية أثناء سعيهم للحصول على مساعدات منذ أواخر مايو/أيار، الكثير منهم قرب مواقع تابعة لـ “مؤسسة غزة الإنسانية”، فيما تنفي إسرائيل مثل هذه الاتهامات.