قبل أيام، كانت أركان البيت تعج بضحكات الصغار، واليوم تحول المشهد إلى مسرح جريمة يكتنفه الصمت، طفلان، أكبرهما في الخامسة من عمره، عثر عليهما جثتين مكبلتين على الأرض، وعليهما آثار تعذيب واضحة.

اقرأ كمان: كم ستكلف الإجراءات العسكرية لترامب ضد احتجاجات لوس أنجلوس؟
تُعد نهاية مرعبة لطفلين في جريمة هزت القلوب قبل العقول، لم تكن هناك صرخات ولا آثار اقتحام، فقط طفلان في عمر الزهور وُجدا جثتين هامدتين في ممر شقة مغلقة، وأثار العنف بادية على جسديهما.
عاد الأب إلى منزله ليواجه أبشع مشهد يمكن لإنسان أن يراه، بينما كانت الأم غائبة بلا أثر، دقائق قليلة كانت كفيلة بتحويل الحزن إلى لغز، والشكوك إلى تحقيقات، والكتمان إلى مطاردة بدأت في العمرانية وانتهت على ضفاف النيل.
أمام رجال المباحث، أدلى الأب المكلوم بأقواله حول ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم، قبل عودته للمنزل اتصل بزوجته، لكن وجد هاتفها مغلقًا، وعند عودته وجد الباب مفتوحًا وطفليه على الأرض.
مشهد لا يصدقه عقل أفقد العامل العشريني صوابه، خارت قواه وكاد يسقط مغشيًا عليه من هول الفاجعة، للوهلة الأولى، ظن أن سارقا وراء الجريمة، لكن اختفاء الزوجة أثار شكوكه بسيناريو مرعب.
سأل رئيس المباحث الأب بشكل واضح عن وجود أي خلافات بينه وبين زوجته، فأجابه ردًا حاسمًا “مفيش مشاكل بينا، ومفيش حاجة تخليني أشك فيها، بس دلوقتي مش فاهم أي حاجة”.
في بداية التحقيقات، تعامل الضباط مع الحادث كجريمة سطو، لكن سرعان ما تحول الغموض إلى خيوط واضحة، خاصة مع اختفاء الأم في التوقيت ذاته، دون وجود آثار عنف أو كسر في باب الشقة.
توصلت تحريات الأمن لمكان الأم بعد ملاحقات ومأموريات مكثفة، وأمكن ضبطها على كورنيش النيل بعد اختفاء وتنقل بين منزل صديقة لها وأماكن أخرى لتضليل جهات البحث.
مواضيع مشابهة: البرلمان يحسم الخلافات حول قانون الإيجار القديم بعد العيد
المفاجأة التي قلبت موازين القضية جاءت من شهادة شقيق المتهمة، حيث أكد أنها اتصلت به قبل يوم الواقعة وطلبت منه رعاية الطفلين قبل أن تقطع الاتصال وتغلق هاتفها.
تشير التحريات الأولية وأصابع الاتهام إلى تورط الأم في قتل الطفلين، حيث أنهت حياتهما ثم غادرت الشقة، ولجأت لصديقتها في محاولة لإخفاء موقعها، قبل أن تهرب مجددًا.
مأساة العمرانية ليست مجرد جريمة، بل تمثل مرآة لما يمكن أن يحدث حين ينهار الإنسان من الداخل بصمت، في انتظار ما ستسفر عنه تحقيقات النيابة العامة لقضية تهز الوجدان، وتفتح الباب على مصراعيه للسؤال: ما الذي يدفع أمًا لقتل فلذات أكبادها؟