الإسماعيلية – أميرة يوسف:

مواضيع مشابهة: مفوض العلوم النووية في الأردن يؤكد ضرورة الفحص الميداني الدقيق لتقييم أضرار “فوردو”
صباح ذلك اليوم في قرية الشيخة سميحة التابعة لمركز ومدينة فايد بمحافظة الإسماعيلية كان مختلفًا تمامًا بالنسبة لمحمود رمضان، فني المزلقان الذي عُرف بالتزامه بقواعد السلامة، لم يكن يتخيل أن تمسكه بالأمانة سيقوده إلى تجربة صعبة كادت تودي بحياته بعد اعتداء وحشي تعرض له.
القصة بدأت على قضبان قرية الشيخة سميحة، حيث تتقاطع حياة البشر مع القطارات، وقف محمود رمضان، فني المزلقان الأربعيني، كما اعتاد طوال 21 عامًا في خدمة هيئة السكة الحديد، عينه لا تفارق إشارات الخطر، ويده لا تمتد إلا حين يأذن الأمان بالعبور، لم يكن يعلم أن التزامه بتعليمات العمل هذه المرة سيقوده إلى مواجهة بين الحياة والموت.
بينما كان القطار القادم من السويس إلى الإسماعيلية يقترب محملاً بالركاب، وصلت سيارة نصف نقل محملة بكميات كبيرة من الدقيق، داخلها كان رجل وابنه، بدا عليهما الاستعجال وعدم الاكتراث، حاول محمود أن يوقفهما بلطف، ولوّح بيده مشيرًا إلى ضرورة التريث، فالخطر قادم والمزلقان مغلق، لكن الرد جاء بشتائم جارحة.
ترجل الأب وابنه من السيارة، وأخذا يقتربان من محمود بغضب متصاعد، حاول أن يشرح لهما بهدوء أن غلق المزلقان ليس تعسفًا، بل التزام بتعليمات هيئة السكك الحديدية، لحماية أرواح السائقين والمشاة وركاب القطار، لكن المنطق لم يجد له سبيلًا إلى عقل المعتدين.
اقرأ كمان: شيخ الأزهر يرحب برئيس الطائفة الإنجيليَّة بمناسبة عيد الأضحى المبارك
حاولا فتح المزلقان عنوة، ثم عادا إليه ليبدأ فصل جديد من الاعتداء، سقطت الكلمات وتحولت إلى لكمات، والشتائم إلى ضربات متتالية استهدفت صدره وقلبه.
“ضربوني بلا رحمة”، قالها محمود لاحقًا، وهو يروي ما حدث، “كانوا مصممين على إيذائي، ومع كل ضربة كنت أفكر في القطار والناس الذين جاؤوا وفي أولادي”.
انهار على الأرض وسط صرخات السيدات وصيحات الأهالي الذين تجمعوا عاجزين عن ردعهما، لم يتوقف الهجوم إلا حين فقد الوعي تمامًا، 8 ساعات كاملة قضاها محمود في غيبوبة، تم نقله على إثرها إلى المستشفى، بعد أن خاف البعض أنه فارق الحياة، خاصة عندما لاحظوا أنه لم يكن يتنفس بشكل طبيعي.
“جاء واحد من الأهالي واتصل بزملائي في العمل، وقال لهم محمود وقع.. محمود يتعرض للضرب”، يضيف فني المزلقان بصوت متهدج وهو لا يزال على سريره، “لم أكن لأفتح المزلقان، القطار قادم ومليء بالناس، وأنا أعمل لحمايتهم، لا لأعرض حياتهم للخطر”.
الفحوصات كشفت عن كدمات وإصابات داخلية شديدة في الصدر، ما استدعى نقله لإجراء أشعة وفحوصات دقيقة بمستشفى هيئة السكك الحديدية، وسط متابعة طبية دقيقة لحالته التي تدهورت نتيجة الاعتداء الوحشي.
وفي مناشدة مؤثرة، وجه محمود نداءً عاجلًا إلى الفريق كامل الوزير، وزير النقل، قائلًا:
“أنا تعرضت للضرب وأنا أحمي الناس، كل ما طلبته منهم هو الانتظار دقيقة حتى يمر القطار، حياتهم كانت قد تذهب، وأنا لا أطلب سوى رد اعتباري، لأن ما حدث ليس إهانة لي فقط، بل إهانة لكل من يعمل في هذه المرافق ويحمي أرواح الناس دون أن يشعر بهم أحد”.
شوف كمان: الحكومة اليمنية تؤكد أن تحقيق السلام يتطلب انسحاب الحوثيين من مناطقهم المحتلة