قال المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، إن مشروع قانون الإيجار القديم المعروض اليوم أمام الجلسة العامة لمجلس النواب يحمل أهمية كبيرة، فهو لا يمس فقط قطاعًا واسعًا من أبناء الوطن من الملاك والمستأجرين، بل يمثل تحديًا جديدًا يواجهه المجلس، وقد تمكنا بفضل الله وعونه من تجاوز تحديات سابقة بعزيمة وثبات وحكمة معترف بها من الجميع.

مقال له علاقة: سقوط حر ي unravel لغز جثة سوداني في فيصل
وأضاف جبالي، خلال كلمته في الجلسة العامة لمجلس النواب، اليوم الإثنين: نحن اليوم بصدد كتابة فصل جديد في تاريخ هذا المجلس، حيث نتعامل مع أزمة عانت منها المجالس السابقة ولم تتجرأ على مواجهتها، وذلك بسبب ما تحمله من صعوبات، فهذه الأزمة لم يكن لأحد منا دور في صناعتها، بل فرضتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية الاستثنائية التي مرت بها البلاد في فترة تاريخية معينة، مما جعل سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية، وفي إطار الصالح العام، تتجاوز المبادئ المستقرة في الدساتير والقوانين المتعاقبة، مثل حظر التعدي على الملكية الخاصة ومبدأ سلطان الإرادة في التعاقد
وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن عقود الإيجار بطبيعتها هي عقود رضائية ومؤقتة، إلا أن تدخل الدولة في العلاقة التعاقدية جعلها غير محددة المدة، وفرضت توريثها لغير مالكها من المستأجر الأصلي إلى زوجه وأبنائه وأقاربه حتى الدرجة الثالثة، وذلك تحت ما يعرف بالامتداد القانوني، وقد جاء ذلك تغليبًا لمبادئ أخرى فرضتها الظروف، وأبرزها التضامن الاجتماعي، حيث اعتبرت أحكام القضاء في تلك الفترة أن عدم تدخل المشرع كان سيتسبب في تشريد آلاف الأسر وتفتيت بنية المجتمع، مما يهدد مبدأ التضامن الاجتماعي، لذا كان من الضروري تدخل المشرع لضمان أمن المجتمع وسلامته.
واستطرد جبالي: ومع تطور الظروف الاقتصادية والاجتماعية، قامت المحكمة الدستورية العليا بتطوير أحكامها ومبادئها منذ عام 1995 حتى عام 2002، حيث بدأت في تقييد الامتداد القانوني على مراحل، وصولًا لتقييده في الجيل الأول فقط
وأضاف رئيس “النواب”: نلاحظ أن المحكمة الدستورية العليا أكدت في جميع أحكامها أن قوانين الإيجار القديم هي قوانين استثنائية يجب النظر إليها كتشريعات ذات طابع مؤقت، مهما طالت مدتها، ولا تمثل حلاً دائمًا للمشكلات الناتجة عن هذه الأزمة، بل يجب مراجعتها دائمًا لتحقيق التوازن بين مصالح أطراف العلاقة الإيجارية، فلا يجب أن يميل ميزانها في اتجاه مناقض لطبيعتها إلا بقدر الظروف التي أملت وجودها
مواضيع مشابهة: إعداد حاصل على إعدادية يدير مركزاً لعلاج الأورام في سوهاج مع صور توضح إنجازاته
وقال جبالي: “إذا كان مجلس الشعب قد مارس سلطته في ذلك الوقت لتقليص هذا الامتداد قبل صدور أحكام المحكمة الدستورية العليا، لكان هناك من القانونيين من يعتبر ذلك تدخلًا غير دستوري، رغم أنه دستوري من المحكمة الدستورية العليا، لكنه غير دستوري من المشرع صاحب الاختصاص الأصيل”
واستطرد رئيس “النواب”: وبصدور حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير في القضية رقم 24 لسنة 20 قضائية دستورية بجلسة 9/11/2024، ورغم تعلق محل النزاع بثبات القيمة الإيجارية، فإن المحكمة أكدت في حكمها أن قوانين الإيجار هي قوانين استثنائية، وأنها مؤقتة مهما طالت مدتها، وأقرت صراحةً حق المشرع في التدخل لتنظيم (الامتداد القانوني لعقود الإيجار) و(تحديد القيمة الإيجارية)، حيث اعتبرتهما من خصائص كل القوانين الاستثنائية التي يمكن للمشرع مراجعتها دائمًا، فلا يعد أي منهما حكمًا مطلقًا من أي قيد، وكلاهما قابل للتنظيم التشريعي
وأضاف جبالي: بهذا أكون قد أوضحت التطور الذي شهدته هذه القوانين الاستثنائية في ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعاقبة، وفي الختام أوجه حديثي إلى الحكومة، مؤكدًا أن تطبيق أحكام هذا المشروع وضمان فاعليته على أرض الواقع في إعادة التوازن بين طرفَي العلاقة الإيجارية لا يقتصر على نصوصه وأحكامه، بل يعتمد بشكل أساسي على التزام الحكومة بما تعهدت به من توفير وحدات بديلة للمستأجرين أو من امتدت إليهم عقود الإيجار المخاطبين بأحكام هذا القانون، خصوصًا الفئات الأولى بالرعاية، فلا يمكن تصور ترك أي مواطن بلا مأوى أو إزاحته عن مسكنه دون أن يجد بديلاً آمنًا ومناسبًا يحفظ له كرامته الإنسانية ويصون للمجتمع أمنه وسلامته