قال المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، إن مشروع قانون الإيجار القديم المعروض اليوم أمام الجلسة العامة لمجلس النواب له أهمية كبيرة، فهو لا يمس فقط قطاعًا واسعًا من المواطنين سواء من الملاك أو المستأجرين، بل يمثل أيضًا تحديًا جديدًا يواجه هذا المجلس، الذي اجتاز العديد من التحديات السابقة بعزيمة وثبات وحكمة شهد بها الجميع.

من نفس التصنيف: قصف الاحتلال لمواقع عسكرية في اللاذقية وطرطوس يثير القلق
وأضاف جبالي، خلال كلمته في الجلسة العامة لمجلس النواب، اليوم الإثنين: إننا اليوم على أعتاب مرحلة جديدة سيسجلها التاريخ لهذا المجلس، حيث يتصدى لهذه الأزمة التي ترددت المجالس السابقة في مواجهتها، بسبب الصعوبات الجمة التي تكتنفها، فهذه الأزمة لم تكن من صنعنا، بل فرضتها الظروف الاستثنائية، الاقتصادية والاجتماعية، التي مرت بها البلاد في فترة معينة، مما دفع سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية إلى الخروج عن المبادئ المستقرة في الدساتير والقوانين المتعاقبة، مثل حظر التعدي على الملكية الخاصة ومبدأ سلطان الإرادة في التعاقد، من أجل المصلحة العامة.
وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن عقود الإيجار، بطبيعتها، هي عقود رضائية ومؤقتة، ولكن الدولة تدخلت في هذه العلاقة التعاقدية وجعلتها غير محددة المدة، مما أدى إلى توريثها لأفراد عائلة المستأجر الأصلي، مثل الزوجة والأبناء والأقارب حتى الدرجة الثالثة، في ما يعرف بالامتداد القانوني، وذلك في إطار تغليب مبادئ التضامن الاجتماعي، وقد استندت أحكام القضاء في تلك الفترة إلى هذه الظروف والمبررات، حيث اعتبرت أن عدم تدخل المشرع كان سيؤدي إلى تشريد آلاف الأسر وتفتيت بنية المجتمع.
واستطرد جبالي: مع تطور الظروف الاقتصادية والاجتماعية، نجد أن المحكمة الدستورية العليا طورت أحكامها ومبادئها منذ عام 1995 حتى عام 2002، حيث تدخلت للحد من هذا الامتداد القانوني على مراحل، وصولًا لتقييده في الجيل الأول فقط.
وأضاف رئيس “النواب”: إن المحكمة الدستورية العليا أكدت في جميع أحكامها أن قوانين الإيجار القديم هي تشريعات استثنائية يتعين النظر إليها كتشريعات مؤقتة، مهما طال أمدها، وأنها لا تمثل حلًّا دائمًا للمشكلات الناتجة عن هذه الأزمة، بل يجب مراجعتها دائمًا لتحقيق التوازن بين مصالح أطراف العلاقة الإيجارية.
ممكن يعجبك: طرق فعالة للتغلب على توتر امتحانات الثانوية العامة وتحقيق النجاح
وقال جبالي: “لو كان مجلس الشعب في ذلك الوقت قد استخدم سلطته لتقليص هذا الامتداد قبل صدور أحكام المحكمة الدستورية العليا، لكان هناك بعض القانونيين الذين سيعتبرون هذا التدخل غير دستوري، رغم أنه كان دستوريًا من المحكمة الدستورية العليا”.
واستطرد رئيس “النواب”: وبصدور حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير في القضية رقم 24 لسنة 20 قضائية دستورية بجلسة 9/11/2024، وعلى الرغم من تعلق محل النزاع بثبات القيمة الإيجارية، فإن المحكمة أكدت في حكمها طبيعة قوانين الإيجار الاستثنائية وأنها مؤقتة، وأقرت صراحةً حق المشرع في التدخل وتنظيم الامتداد القانوني لعقود الإيجار وتحديد القيمة الإيجارية، حيث اعتبرت هذه الخصائص جزءًا من القوانين الاستثنائية التي يملك المشرع مراجعتها دائمًا.
وأضاف جبالي: من خلال هذا العرض، أوضحت التطورات التي شهدتها هذه القوانين الاستثنائية في ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعاقبة، وختمت حديثي إلى الحكومة، مؤكدًا أن تطبيق أحكام هذا المشروع وضمان فاعليته على أرض الواقع في إعادة التوازن بين طرفَي العلاقة الإيجارية، يعتمد بشكل أساسي على التزام الحكومة بتوفير وحدات بديلة للمستأجرين، خاصة الفئات الأولى بالرعاية، فلا يمكن أن يُترك مواطن بلا مأوى أو يُزاح عن مسكنه دون أن يجد بديلاً آمنًا يحفظ له كرامته الإنسانية.