تحويل مقهى على شاطئ غزة إلى مقبرة جماعية.. القصة المأساوية وراء ذلك

بي بي سي.

تحويل مقهى على شاطئ غزة إلى مقبرة جماعية.. القصة المأساوية وراء ذلك
تحويل مقهى على شاطئ غزة إلى مقبرة جماعية.. القصة المأساوية وراء ذلك

هذا هو بيان أبو سلطان، زميلتي التي تتحدث الإنجليزية بطلاقة، مما جعلها قادرة على العمل مع العديد من وكالات الأنباء، ملطخة بدمائها، وهذا هو زميلي المصور الصحفي أبو شمالة الذي فقد ساقه، وهذا صاحب المقهى الذي كان يقدم لنا المشروبات بابتسامة دافئة، جثة هامدة، وهذه أم قُتلت تحتضن طفلتها التي انفصل رأسها عن جسدها نتيجة القصف، هل ستصدقونني إذا قلت إنني رأيت حتى الحيوانات، كالقطط التي كانت موجودة في المكان، رأيت جثثها، والله العظيم رأيتها.

بهذه الكلمات وصف وديع أبو السعود اللحظات الأولى لاستهداف الجيش الإسرائيلي لمقهى “الباقة” على شاطئ بحر غزة، مما أدى إلى سقوط حوالي 20 قتيلاً وعشرات المصابين، غالبيتهم بجراح خطيرة، وأعداد القتلى مرشحة للارتفاع وفقاً لمصادر طبية.

وأضاف: “اعتدنا كصحفيين الاجتماع في هذا المقهى نظراً لتوفر خدمة الإنترنت فيه، ما يساعدنا على إرسال موادنا الصحفية للأماكن التي نعمل بها، لكنه ليس مخصصاً للصحفيين، دائماً ما يتواجد معنا نساء وأطفال، ثم خرجتُ لتلقّي مكالمة هاتفية، وهنا سقط الصاروخ”

وتابع أبو السعود وهو بالكاد يلتقط أنفاسه المتقطعة من شدة الخوف: “لم أستطع التحدث، وقعت على الأرض من شدة الرعب، وفقدت الوعي لدقائق، الشباب حملوني لأتمكن من الوقوف، لم أشاهد الصاروخ ولم أسمع صوته، فقط رأيت الجحيم الذي اندلع إثر انفجاره، وصرخات النساء اللاتي التهمتهن النيران، والأشلاء تتطاير أمام عيني”

أكد أبو السعود أن الاستهداف تم دون أي سابق إنذار، ورجّح أن يكون الصاروخ من نوع إكس 16، لأن الشظايا التي خلفها كانت كبيرة جداً، وقد وجه في منتصف المقهى، لذلك لم يسلم أحد ممن كان فيه، ولولا أنني خرجتُ منه للتو لتلقّي مكالمة هاتفية، لكنتُ في عداد الموتى.

شادي عزام، نازح بالقرب من ميناء غزة البحري، أكد أنه نزح إلى هذا المكان ونصب خيمته فيه بعدما تلقى تعليمات إخلاء من الشمال، مشيراً إلى أن “تعليمات الإخلاء وجّهت النازحين للتوجه غرباً، وها هو غرب القطاع يتعرض للقصف والاستهداف، فإلى أين نذهب؟ حتى تنفيذ تعليمات الجيش الإسرائيلي والالتزام بها لا يحميك من الموت في غزة”.

ويقول النازح موسى إنه ركض باتجاه صوت الانفجار بمجرد ما سمعه في محاولة لإنقاذ الضحايا، “لكن ما رأيناه يفوق أي جهود إنقاذ يمكن أن تُقدّم”.

ومضى موضحاً: “الضربة كانت رهيبة جداً، وعلى البحر، لماذا! هؤلاء أبرياء جاءوا ليخففوا عن أنفسهم قليلاً من أهوال الحرب، فقط ليتنفسوا هواء بحر غزة، ذهبوا بلا رجعة، بلا إنذار، حتى الجرحى الذين نجوا من الموت رأيتهم مرميين في ساحة المستشفى وساحة الاستقبال، وغالبية الضحايا كانوا من النساء والأطفال، لا أستطيع نسيان المنظر الذي رأيت، لا أستطيع”

ويقول أحمد كفالة: “أصبح سقوط 100 شهيد يومياً في غزة خبراً عادياً جداً، بالأمس في أماكن توزيع المساعدات، واليوم على البحر، لم يتحملوا رؤية الناس يضحكون على الشاطئ، في لحظة تحول صوت الضحك والمرح إلى صراخ ثم صمت للأبد، في لحظة”

هذا وارتفع عدد قتلى يوم الاثنين إلى أكثر من 80 قتيلاً، من بينهم 57 في مدينة غزة ومحافظة الشمال، وفقاً لما ذكرته مصادر في مستشفيات القطاع.

وأفادت المصادر أن 13 شخصاً قُتلوا إثر إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على متجمهرين قرب مركز توزيع مساعدات تابع لمؤسسة غزة الإنسانية غرب مدينة رفح جنوبي القطاع.