المنوفية – أحمد الباهي:

مواضيع مشابهة: إيران ترفع راية الانتقام الحمراء بعد الهجوم الإسرائيلي وتستعد للرد
عمت مشاعر الحزن العديد من الأسر في المنوفية، بعد أن تحولت رحلة العمل اليومية إلى مأساة مؤلمة جراء حادث انقلاب سيارة أجرة ميكروباص على الطريق الإقليمي اليوم السبت، مما أسفر عن وفاة 9 أشخاص وإصابة 11 آخرين، وقد كشفت شهادات الناجين وأهالي الضحايا عن تفاصيل مؤلمة وراء هذه الكارثة.
أول يوم شغل لصلاح
بصوت مليء بالألم، تحدث والد الطفل صلاح هلال زقزوق (15 عامًا)، أحد مصابي الحادث، لموقع “نبأ العرب”، كاشفًا أن نجله كان متوجهًا إلى العمل بمركز وادي النطرون في أول يوم له.
من نفس التصنيف: تنسيق قبول الصف الأول الثانوي في بورسعيد لعام 2023 يصل إلى 244 درجة
وتابع الأب: “ابني صلاح خرج صباحًا، وبعدها تلقيت مكالمة تخبرني أنه تعرض لإصابة خطيرة، وأن حالته الصحية حرجة، وعنده نزيف في المخ”، مشيرًا إلى أنه لم يستطع التعرف على نجله عند رؤيته في غرفة العناية المركزة بسبب التورم الكبير في رأسه نتيجة الاصطدام والنزيف.
وأضاف: “أنا رجل بسيط أعمل في جمع البلاستيك لأبيعه، ونجلي في عمر 15 عامًا كان يعمل في الإجازة لمساعدتي، لكن للأسف خرج ولم يعد”.
وأوضح أصدقاء صلاح أن الفتى كان قد عمل سابقًا في مخبز، لكن راتبه لم يكن كافيًا، لذا قرر العمل في مزرعة للدواجن بوادي النطرون بمقابل يومي قدره 200 جنيه، واستقل السيارة الميكروباص من أشمون في رحلة لم تكتمل.
شريف عامل يومية ترك 4 أطفال
في مشهد مفعم بالألم، انتهت أسرة الشاب شريف محمود إبراهيم (38 عامًا) من إجراءات دفنه بمستشفى الباجور التخصصي، تمهيدًا لتشييع جثمانه في قرية الخور بأشمون.
وأوضح والد شريف، لـ”نبأ العرب” أن نجله كان يعمل باليومية، ينتقل يوميًا من أشمون إلى السادات بحثًا عن لقمة العيش.
وقال الأب، والدموع تملأ عينيه: “ابني ترك خلفه 4 أطفال صغار”، معبرًا عن عمق الفاجعة التي حلت بأسرته بعد تلقيهم خبر وفاة شريف جراء الحادث الأليم الذي وقع في نطاق محافظة الجيزة.
عبد اللطيف “اتصل بأهله قالهم ألحقوني”
في سياق متصل، تلقت أسرة الشاب عبد اللطيف السيد عبد اللطيف (27 عامًا)، الذي يعمل محاسبًا، نبأ إصابته في الحادث بصدمة لا تقل عن باقي الأسر.
نُقل عبد اللطيف بشكل عاجل إلى مستشفى الباجور التخصصي بعد انقلاب السيارة الميكروباص التي كانت تقله من أشمون إلى السادات.
أكد أصدقاء عبد اللطيف، لـ”نبأ العرب”، أن إصابته تقتصر على كدمات وسحجات متفرقة بالجسد، وأن عائلته حضرت من قرية دروة بأشمون فور علمهم بالحادث، بعد أن اتصل بهم ليخبرهم: “أنا تعرضت لحادث، ألحقوني أنا في المستشفى”.
الشيخ أحمد: فقدت ابنتي ونور عيني
وكانت الطالبة الجامعية “منة الله أحمد زكي” ابنة قرية ساقية أبو شعرة، تستقل الميكروباص المنكوب من أشمون متجهة نحو مدينة السادات لأمر يتعلق بدراستها في كلية الدراسات الإسلامية بنات جامعة الأزهر فرع مدينة السادات، لكن القدر كان أسرع من أحلامها.
بصوت متهدج، قال الشيخ أحمد زكي، إمام وخطيب مسجد عمر بن الخطاب، والد منة الله: “تلقيت مكالمة تخبرني بالحادث، لم أصدق حتى ذهبت إلى مستشفى وردان بالجيزة ورأيتها بنفسي… لقد فقدنا ابنتنا ونور عيوننا”.
وتابع: “منة الله كانت حافظة للقرآن الكريم، وكانت بارة بوالديها وأخواتها، ومحبوبة من الجميع في القرية”.
عمت حالة من الصدمة والحزن قرية ساقية أبو شعرة بعد انتشار خبر وفاة منة الله، وتجمع الأهالي أمام منزل الشيخ أحمد زكي استعدادًا لإقامة صلاة الجنازة عليها بعد صدور تصريح الدفن من نيابة الجيزة، مؤكدين أن منة الله “كانت مثالًا للأدب والأخلاق، وفقدانها صدمة كبيرة للجميع”.
شهادات الناجين
كشف عدد من مصابي الحادث الناجين لـ”نبأ العرب”، أن السبب الرئيسي وراء هذه الكارثة هو رعونة السائق وسرعته الجنونية خلال الرحلة.
يروي المصابون أن السائق كان يتفادى السيارات بشكل مُخيف، وأن الركاب الآخرين حاولوا التنبيه عليه، لكن دون جدوى، وأوضحوا أن الحادث الأليم وقع عندما حاول السائق “عمل غرزة”، ليتفاجأ بسيارة أخرى أمامه، مما أدى إلى اصطدام السيارة الميكروباص بها وانقلابها على الفور بسبب سرعتها الفائقة.
محافظ المنوفية يتابع حالة المصابين
بدوره، توجه اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية، إلى مستشفى الباجور العام للاطمئنان على الحالة الصحية للمصابين والتأكد من تقديم الرعاية الطبية الشاملة لهم، بحضور الدكتور عمرو مصطفى وكيل مديرية الصحة، والدكتور محمد سلامة مدير الطب العلاجي، والدكتور محمد المرسى مدير المستشفى، والدكتورة ولاء عبد الرازق مدير هيئة إسعاف المنوفية، وفتحى شلبى رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة الباجور.
وجه المحافظ جامعة المنوفية بإرسال فريق طبي من كبار الاستشاريين لمعاونة الأطقم الطبية بمستشفى الباجور العام لتقديم الدعم الطبي اللازم للمصابين والتأكد من مدى احتياجهم للتدخلات الجراحية إذا لزم الأمر.
أجرى المحافظ حوارًا مع المصابين للاستماع إلى مطالبهم والعمل على تلبيتها فورًا، مؤكدًا أنه سيتابع بنفسه الحالة الصحية للمصابين، وموجهًا الأطقم الطبية بالمتابعة الدقيقة للحالات وتهيئة الأجواء المناسبة لتلقيهم العلاج اللازم.
تحرك فوري من وزارة الصحة
في سياق متصل، كلّف الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة، الدكتور محمد الطيب، نائب وزير الصحة والسكان، بالتوجه فورًا إلى محافظة المنوفية لمتابعة تقديم كل أوجه الرعاية الطبية والنفسية للمصابين.
أكد الوزير على ضرورة التأكد من توافر جميع الإمكانيات اللازمة، بما في ذلك الأطقم الطبية المتخصصة، الأدوية، المستلزمات الطبية، وأكياس الدم بجميع فصائلها، مع إعداد تقرير مفصل حول الحالة الصحية للمصابين والخدمات المقدمة لهم.
بينما تُواصل الأجهزة الأمنية تحقيقاتها لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، تبقى قلوب الأسر المتضررة معلقة على أمل الشفاء لمصابيهم، داعين بالرحمة للضحايا.