تتواصل الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي التصعيد في قطاع غزة، مع اقتراب النزاع من دخول عامه الثاني، ورغم أن المحاولات السابقة لم تحقق النجاح المطلوب، إلا أن هناك ورقة جديدة طرحت خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

من نفس التصنيف: سائق يصدم 6 أشخاص على دائري المنيب ويثير الجدل حول حالة العربية
تركزت هذه الورقة الجديدة حول الملف السوري، الذي أصبح عنصراً مهماً في معادلة التهدئة، وكشفت صحيفة “إسرائيل هيوم” أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يمارس ضغوطًا على نتنياهو للموافقة على إنهاء الحرب، مقابل صفقة تشمل تطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا بشكل تدريجي.
وفقًا لمصادر مقربة من البيت الأبيض، أرسل ترامب مبعوثًا خاصًا إلى دمشق لتهيئة الأجواء من أجل اتفاق سلام، مع تأكيد نتنياهو على فتح قناة اتصال جديدة مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، مما يعكس تغيرات كبيرة في مواقف الطرفين.
ماذا قال نتنياهو بشأن سوريا؟
خلال لقائه بترامب في البيت الأبيض، كشف نتنياهو عن فتح قناة اتصال جديدة بين دمشق وتل أبيب، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل فرصة للسلام بين البلدين، وأشار إلى أن انهيار نظام بشار الأسد خلق واقعًا أمنيًا جديدًا في سوريا، مما يتيح فرصة للتقارب والاستقرار.
قال نتنياهو: “في الماضي، كانت إيران تسيطر على الأمور في سوريا عبر حزب الله، لكن اليوم، باتت طهران خارج المعادلة، وحزب الله في وضع صعب”، مضيفًا أن هذه التحولات قد تفتح الباب أمام الاستقرار وربما السلام، خاصة مع المبادرة الجديدة للرئيس السوري.
ورغم عدم تعليقه على وجود محادثات مباشرة بين إسرائيل والنظام السوري، أشار نتنياهو إلى أن “السوريين سيخسرون الكثير إذا عادوا إلى الصراع، وسيربحون كثيرًا إذا اختاروا السلام”، وكشف ترامب عن طلب نتنياهو برفع العقوبات المفروضة على سوريا، مشيرًا إلى أن هذا الطلب جاء من عدة دول في المنطقة.
قال ترامب: “رفعت العقوبات عن سوريا بناءً على طلب عدد من الحلفاء، من بينهم نتنياهو، والتقيت بالرئيس الشرع وأُعجبت به”، مضيفًا أنه يرى في شخصيته فرصة تستحق الدعم، وأوضح أن العقوبات كانت تعيق تقدم سوريا، مؤكدًا منحهم الفرصة بعد الحصار الاقتصادي.
أكدت سوريا، عبر تصريحات رسمية، استعدادها للعودة إلى اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، والتعاون مع الولايات المتحدة في هذا السياق، في وقت تحدث فيه مسؤولون أمريكيون عن بدء “حوار سياسي وأمني مباشر” بين الطرفين.
تتجاوز التحركات الأمريكية مجرد محاولة لوقف إطلاق النار في غزة، بل تمتد لصياغة إطار دبلوماسي إقليمي جديد، بحسب ما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، التي أكدت أن إدارة ترامب تسعى لحزمة تشمل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، ووقف العمليات العسكرية، وتطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا، ضمن “صفقة سلام إقليمية” تعيد إحياء اتفاقات أبراهام.
أضافت الصحيفة أن الظروف الحالية لنتنياهو قد تفتح باب التطبيع مع دول جديدة في المنطقة، وإعادة إحياء اتفاقيات أبراهام التي حقق ترامب نجاحًا في ضم عدد من الدول إليها في ولايته الأولى، مع تطلعه لضم دول جديدة مثل المملكة العربية السعودية وسوريا ولبنان.
قال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسرائيل زيف، الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، إن نتنياهو لن يجد فرصة أفضل مما أتيحت له بعد الهجوم على إيران، داعيًا إلى عقد اتفاق إقليمي مع سوريا، وبدء مسار مع السعودية، واستعادة الأسرى، مما قد يمنحه أفضلية قبل الانتخابات.
من جانبه، أكد مسؤول إماراتي رفيع المستوى ضرورة استغلال ترامب للفرصة الحالية بعد الهجمات الأخيرة على إيران، والتوصل إلى اتفاق سلام يشمل غزة وما بعدها، مشددًا على أهمية هذه اللحظة التاريخية.
لتحقيق هدف التطبيع، قررت واشنطن رفع تصنيف “هيئة تحرير الشام” من قائمة الإرهاب، وهي الجماعة التي كان يقودها الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، مما يعد إشارة سياسية تجاه النظام الجديد في دمشق، حسب موقع “إسرائيل 24 نيوز”.
لكن هذا التطبيع ليس بلا شروط، حيث تطالب سوريا باستعادة ثلث هضبة الجولان المحتلة كشرط أساسي لأي اتفاق سلام، موضحة أن “السلام لا يُمنح مجانًا”، كما طُرحت خيارات أخرى تشمل تأجير أجزاء من الجولان لمدة 25 عامًا، إلى جانب إعادة مناطق لبنانية حدودية لدمشق، في مقابل السماح لإسرائيل بمد خط مياه من الفرات.
أكدت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أن ترامب “مصمم على وقف القتل في غزة”، ويرى في اتفاق محتمل بين إسرائيل وسوريا حجر زاوية لمعادلة السلام الشاملة.
فرص التطبيع وحدوده
رغم زخم التصريحات والمبادرات، تبقى فرص التطبيع بين إسرائيل وسوريا محفوفة بالتحديات، فبالرغم من الاستعداد المعلن لدى الطرفين، تظل هناك عقبات سياسية وجغرافية ومجتمعية واضحة.
من الجانب السوري، أكدت مصادر قريبة من الشرع أن أي اتفاق لا يتضمن انسحابًا إسرائيليًا من الجولان، ولو جزئيًا، لن يُقبل داخليًا، إذ لا يمكن تسويق السلام أمام الرأي العام دون استعادة جزء من الأراضي المحتلة، كما أن عودة السيادة على مدينة طرابلس اللبنانية ومناطق سنّية أخرى مطروحة ضمن المطالب السورية، مما قد يثير ردود فعل إقليمية.
مقال مقترح: مسؤولون في نيجيريا يعلنون عن وفاة 88 شخصًا على الأقل بسبب الفيضانات المدمرة
أما من الجانب الإسرائيلي، فقد أعلن وزير الخارجية جدعون ساعر أن الجولان “سيبقى جزءًا من دولة إسرائيل” في أي اتفاق مستقبلي، رغم اعترافه بـ”مصلحة إسرائيل” في التطبيع مع سوريا ولبنان، مما يظهر تباينًا في المواقف، ويشير إلى أن المفاوضات قد تتجه نحو اتفاق أمني محدود بدلًا من معاهدة سلام شاملة، خاصة مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية.