اشتباكات عنيفة في الفاشر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تثير القلق

(بي بي سي).

اشتباكات عنيفة في الفاشر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تثير القلق
اشتباكات عنيفة في الفاشر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تثير القلق

أعلن الجيش السوداني في ولاية دارفور الغربية أنه تمكن من استعادة السيطرة على مواقع استراتيجية في مدينة الفاشر، والتي كانت قد وقعت تحت سيطرة قوات الدعم السريع شبه العسكرية يوم الجمعة، وأكد مصدر عسكري أن الجيش خاض معارك عنيفة يوم السبت ضد قوات الدعم التي تقدمت إلى المدينة في اليوم السابق، وتعتبر الفاشر آخر مدينة رئيسية في دارفور لا تزال تحت سيطرة الجيش.

وأشار السكان إلى أنهم استيقظوا قبل الفجر على أصوات تبادل كثيف لإطلاق النار بالرشاشات في شوارع المدينة التي يزيد عدد سكانها عن مليون نسمة، حيث حاصرتها قوات الدعم منذ مايو/أيار من العام الماضي، وأفاد المصدر العسكري بأن قوات الجيش السوداني استعادت عدة مواقع رئيسية في جنوب وغرب المدينة كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، مما ألحق خسائر فادحة بالقوات شبه العسكرية، وشملت هذه المواقع سجن شالا ومقر شرطة الاحتياطي المركزي، وهي قوة عسكرية مدربة على القتال.

في المقابل، تشكك قوات الدعم السريع في رواية الجيش، حيث تؤكد أن قواتها تسيطر على سوق الماشية الرئيسي ومقر الشرطة، وتتقدم نحو المطار، وقد نشرت قوات الدعم مقاطع فيديو في وقت متأخر من يوم الجمعة تظهر أفراداً من قواتها خارج مسجد التيجانية المركزي، ولم تتمكن بي بي سي من التحقق من صحة هذه اللقطات.

قال صلاح عيسى، المقيم في حي أولاد الريف بوسط المدينة، إن الاشتباكات اندلعت يوم الجمعة في الجنوب والغرب، وفي يوم السبت وقعت اشتباكات في طريق المطار الواقع أيضاً غرب المدينة، وأفاد محيي الدين عبد الرحمن، وهو شاهد آخر، بأن القتال كان عن قرب باستخدام الرشاشات، وأشار ناشطون إلى أن الهجوم المتجدد على المدينة بدأ بقصف عنيف مساء الثلاثاء واستمر طوال يوم الأربعاء.

وذكر طبيب في مستشفى الفاشر التعليمي لوكالة فرانس برس الخميس أن غارة جوية شنتها قوات الدعم السريع أدت إلى مقتل 8 مدنيين عندما أصابت مخبأ للقنابل، ويصعب تحديد حصيلة إجمالية للضحايا في المدينة التي تعاني من انقطاع تام في الاتصالات، ولا يتجاوز الاتصال بها من يتمتع بخدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، وقد أُجبرت جميع المرافق الصحية تقريباً على الإغلاق بسبب القتال.

في هذا السياق، عبر رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس عن غضبه وألمه تجاه الكارثة الإنسانية المتفاقمة في مدينة الفاشر، مشيراً إلى أن ملايين المدنيين يعيشون تحت حصار خانق وغير إنساني فرضته قوات الدعم السريع، واصفاً ذلك بأنه أحد أبشع أشكال الابتزاز الجماعي والتجويع الممنهج في التاريخ المعاصر، ودعا إدريس الأمين العام للأمم المتحدة والهيئات الدولية إلى اتخاذ إجراءات فورية للضغط على الميليشيا لفتح ممرات إنسانية والتوقف عن استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين، وهو ما يعد جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي.

دعوة للتحقيق أمام الجنائية الدولية

1_1_11zon

على الصعيد الدولي، دعا السودان المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق مع الدول والجهات الأجنبية التي تتهمها بدعم قوات الدعم السريع في حربها المستمرة ضد الجيش، واتهم إدريس الجهات التي لم يُسمّها بمساعدة قوات الدعم السريع على مواصلة هجماتها، والسماح لها بتهريب الأسلحة وتزويدها بالدعم اللوجستي والغذاء والإمدادات والطائرات المسيرة والصواريخ، وكانت السودان قد اتهمت الإمارات وكينيا وتشاد وجنوب السودان بمساعدة الجماعة شبه العسكرية، لكن الدول الأربع نفت هذه الاتهامات.

كما دعا المبعوث الأمريكي لدى مجلس الأمن إلى محاسبة قوات الدعم السريع على الجرائم التي ارتكبتها في السودان ضد النساء والأطفال، وقد فشلت جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار التي بذلتها الأمم المتحدة، محذرة من معاناة المدنيين المحاصرين في المدينة الذين يُجبرون على البحث عن مأوى في مخابئ مؤقتة حُفرت في الساحات وأمام المنازل، وقد قُتل عشرات الآلاف من السودانيين في أنحاء البلاد منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، ونزح أكثر من 14 مليوناً من منازلهم.