في الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل جديتها في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، تواصل حكومة الاحتلال التخطيط لإنشاء ما يُطلق عليه “مدينة إنسانية” على أنقاض رفح جنوبي القطاع، وهو ما يهدف إلى نقل الفلسطينيين للعيش فيها مع حرمانهم من حق العودة إلى شمال القطاع.

وقد واجهت حكومة الاحتلال انتقادات واسعة من مؤسسات حقوقية دولية، حيث وصفت المشروع بأنه “معسكر اعتقال”، كما نشب خلاف كبير بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقائد الجيش، مما يعكس تباين الآراء داخل الحكومة الإسرائيلية حول هذا المشروع.
تأثير المشروع على القضية الفلسطينية
يقول أستاذ العلوم السياسية حسن سلامة، إن إنشاء “مدينة إنسانية” على أنقاض رفح التي دمرها الاحتلال يُعتبر “جريمة إبادة جماعية”، حيث ستكون بمثابة سجن كبير يحرم الفلسطينيين من حق العودة، ولن يُسمح لهم بالخروج منها إلا بموافقة سلطات الاحتلال.
اقرأ كمان: الإسماعيلية تتألق مع استمرار جهود جهاز التطوير لتحسين المظهر الحضري
ويضيف سلامة في حديثه لـ”نبأ العرب”، أن هذا يعني تهجير السكان قسريًا، إذ تتضمن المرحلة الأولى نقل حوالي 600 ألف فلسطيني، وفي النهاية سيستوعب المشروع جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، كما سيؤدي إلى قطع الربط بين أراضي القطاع، مما يقضي على أمل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967.
ويشير إلى أن هذا المشروع يؤكد استمرار إسرائيل في مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم واحتلال القطاع، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي الذي يرفض هذه الممارسات.
تعامل مصر مع الموضوع
أعلنت مصر رفضها القاطع لأي مخطط يهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه، حيث تسعى القاهرة لتحقيق هذا الهدف من خلال المساعي الدبلوماسية وتأكيد حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، فضلًا عن تقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية للقطاع المحاصر، وفقًا لسلامة.
ويؤكد الدكتور حسن سلامة، أن هذا المشروع يشكل ضغطًا على الحدود المصرية، حيث تسعى إسرائيل لإحراج مصر دوليًا، مما يعني أن القاهرة ستتعرض لضغوط كبيرة لاستقبال الفلسطينيين المحاصرين نتيجة الاحتلال، مما يدل على أن إسرائيل “ليست حريصة على حسن الجوار مع مصر”.
ويؤكد سلامة أن هذه الضغوط ستقابل بموقف راسخ وبدائل وسيناريوهات مصرية تهدف إلى حماية الأمن القومي، حيث إن الجيش المصري قادر على الردع والتعامل مع أي تداعيات سلبية محتملة، بما في ذلك محاولات دفع الفلسطينيين نحو الحدود المصرية للتهجير، حال حدوث ذلك.
ويشدد على أن التدابير التي يمكن أن تتخذها الدولة المصرية لحماية أمنها القومي لا تتعارض مع حرص القاهرة على الحفاظ على القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، ورفضها القاطع لأي محاولات تهدف إلى تصفية القضية.