قوات الدفاع السورية تنتشر في السويداء.. ما الذي يجري في المنطقة؟

(بي بي سي).

قوات الدفاع السورية تنتشر في السويداء.. ما الذي يجري في المنطقة؟
قوات الدفاع السورية تنتشر في السويداء.. ما الذي يجري في المنطقة؟

أعلنت وزارة الدفاع السورية يوم الاثنين عن بدء نشر قواتها في محافظة السويداء جنوب البلاد، وذلك بعد وقوع اشتباكات دامية بين مقاتلين دروز وعشائر بدوية أسفرت عن مقتل 40 شخصًا وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وتعيد هذه الأحداث إلى الأذهان التحديات الأمنية التي لا تزال تواجه السلطة الانتقالية في سوريا منذ توليها الحكم بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، ولا تزال الاشتباكات مستمرة في بعض القرى في ريف محافظة السويداء الغربي بحسب ما أفادت به منصة السويداء 24 المحلية.

وقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 40 شخصًا في الاشتباكات المسلحة والقصف المتبادل في مدينة السويداء ومناطق ريف المحافظة، حيث كان من بينهم 27 من الدروز بينهم طفلان، و10 من البدو، و3 أشخاص مجهولي الهوية، بالإضافة إلى نحو 50 جريحًا، وتُعتبر هذه الاشتباكات الأولى منذ توقيع اتفاق تهدئة بين ممثلين عن الحكومة السورية وأعيان دروز بعد اشتباكات عنيفة وقعت في أبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين، والتي أسفرت عن سقوط العشرات من القتلى.

فما الذي حدث في محافظة السويداء لتعود الاشتباكات إليها مجددًا؟

قال العميد نزار الحريري، معاون قائد الأمن الداخلي لشؤون الشرطة في السويداء، إن عودة الاشتباكات المسلحة إلى المحافظة ناجمة عن “حادثة سلب وقعت مؤخرًا على طريق دمشق – السويداء طالت أحد المواطنين العاملين في القطاع التجاري، وما أعقبها من ردود فعل متوترة تمثلت في وقوع عمليات خطف متبادلة”، بينما أكدت وزارة الداخلية السورية أن ما يحدث في السويداء هو نتيجة غياب مؤسسات الدولة الرسمية في المنطقة، مما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى وانفلات الوضع الأمني، وعجز المجتمع المحلي عن احتواء الأزمة، وفقًا لبيانها.

واندلعت اشتباكات عنيفة في حي المقوس شرقي السويداء، الذي تقطنه عائلات بدوية، بعد هجوم نفذه مسلحون دروز لتحرير نحو 10 أشخاص احتجزهم عناصر من البدو صباح الأحد، ردًا على احتجاز مسلحين دروز لأشخاص من البدو على خلفية اعتداء تعرض له سائق شاحنة درزي في ريف دمشق، وتعتبر محافظة السويداء أكبر تجمع للدروز في سوريا، حيث يقدر عددهم بنحو 700 ألف نسمة، وبعد سقوط نظام الأسد، ساهمت هجمات شنتها جماعات مسلحة إسلامية مرتبطة بشكل غير مباشر بالحكومة في دمشق على تجمعات درزية، في تعزيز حالة انعدام الثقة في الحكومة الجديدة.

وعلى الرغم من توصل الحكومة السورية ومشايخ السويداء إلى اتفاق يقضي بتفعيل الشرطة داخل المحافظة، وحماية طريق دمشق السويداء، الذي يُعد شريان حياة لسكان المحافظة، إلا أن الاعتداءات على هذا الطريق استمرت، مما أدى إلى تفاقم التوترات المجتمعية داخل محافظة السويداء، حيث قالت منصة السويداء 24 إن حاجزًا لشرطة المحافظة التابع لقيادة الأمن الداخلي تعرض لاستهداف من مجموعة مسلحة من جهة منطقة براق على طريق دمشق، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين عناصر الشرطة والمسلحين، كما استهدف هؤلاء المسلحون قرية الصورة الكبيرة في ريف السويداء الشمالي بقذائف الهاون.

ومنذ صباح الأحد، قطعت مجموعات مسلحة في مناطق متفرقة من ريف دمشق، بما في ذلك منطقة براق، طريق دمشق السويداء، مما دفع الحواجز الأمنية إلى إيقاف حركة المرور على الطريق، كما امتدت التوترات في حي المقوس إلى بعض المناطق في ريفَيْ السويداء الغربي والشمالي، حيث تعرض محيط قرية الطيرة بالريف الغربي لهجوم من مجموعات مسلحة، وشهدت قرية لبين اشتباكات بعد تعرضها لاستهداف من الجهة الغربية، أما شمالي المحافظة، فقد شهدت قرية الصورة استهدافًا لحاجز شرطة السويداء التابع لقوى الأمن الداخلي، وتم إطلاق قذائف هاون باتجاه القرية من مجموعات مسلحة تجمعت في منطقة براق بحسب السويداء 24.

دعوات للتهدئة

وأعلنت وزارة الداخلية السورية أن وحدات من قواتها بالتنسيق مع وزارة الدفاع ستبدأ تدخلًا مباشرًا في المنطقة لفض النزاع وإيقاف الاشتباكات وفرض الأمن وملاحقة المتسببين بالأحداث وتحويلهم إلى القضاء المختص، وقد نقلت وكالة فرانس برس عن مصدر رسمي أن قوات تابعة لوزارة الداخلية توجهت إلى السويداء “لفض الاقتتال”، كما أفادت وكالة الأنباء السورية “سانا” بأن قوى الأمن الداخلي انتشرت على الحدود الإدارية الفاصلة بين محافظتي درعا والسويداء استجابة للتطورات الأمنية الأخيرة.

من جهتها، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن تأجيل امتحان مادة التربية الدينية في امتحانات الشهادة الثانوية العامة في الفرعين العلمي والأدبي المقررة يوم الاثنين في محافظة السويداء فقط، إلى موعد يحدد لاحقًا، بينما دعا محافظ السويداء مصطفى البكور إلى “ضرورة ضبط النفس والاستجابة لتحكيم العقل والحوار”، مشيرًا إلى جهود من الجهات المحلية والعشائرية لاحتواء التوتر، ومؤكدًا أن “الدولة لن تتهاون في حماية المواطنين”، كما طالب بيان نُسب لأهالي حي المقوس في مدينة السويداء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بـ”التهدئة وحقن الدماء في محافظة السويداء”، ودعا البيان إلى “وقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء الاشتباكات في حي المقوس ومحيطه، والإفراج عن جميع المخطوفين من الطرفين، وفتح باب الحوار والتواصل بين جميع المكونات برعاية عقلاء ووجهاء المحافظة، وتغليب المصلحة العامة والمحافظة على السلم الأهلي فوق أي اعتبارات فئوية أو شخصية”، فيما دعت قيادات روحية درزية إلى “الهدوء” وحثت الحكومة في دمشق على التدخل.