انطلاق صيف الطروحات مع “وطنية وصافي وبنك القاهرة” تحت مراقبة صندوق النقد

تستعد مصر لاستئناف برنامج الطروحات الحكومية مع بداية العام المالي الحالي، حيث سيتم طرح شركات وطنية للخدمات البترولية وصافي لتعبئة المياه المعدنية وبنك القاهرة، وذلك بعد توقف استمر نحو عام بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وما خلفته من آثار سلبية على القيمة العادلة للأصول.

انطلاق صيف الطروحات مع “وطنية وصافي وبنك القاهرة” تحت مراقبة صندوق النقد
انطلاق صيف الطروحات مع “وطنية وصافي وبنك القاهرة” تحت مراقبة صندوق النقد

ويأتي هذا التوجه في وقت أرجأ فيه صندوق النقد الدولي، الذي يدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي بقرض يصل إلى 8 مليارات دولار، المراجعتين الخامسة والسادسة إلى شهر سبتمبر المقبل، بسبب بطء تنفيذ برنامج التخارج من الأصول الذي تعهدت به الحكومة، بحسب ما ذكره الصندوق في بيان سابق.

وكشف التقرير المالي لوزارة المالية لشهر مايو أن مصر تستهدف جمع ما بين 4 و5 مليارات دولار من بيع حصص مملوكة للدولة في 11 شركة خلال العام المالي الجاري.

تعتزم الحكومة المصرية بدء إجراءات قيد شركتي وطنية للمنتجات البترولية وصافي لتعبئة المياه المعدنية في البورصة المصرية، تمهيدًا لطرح حصة تتراوح بين 25% و30% من رأسمالهما، وفقًا لما نشره موقع “اقتصاد الشرق”.

وكانت وزارة المالية قد أعلنت أن قائمة الشركات الـ11 التي تستهدف الحكومة طرح حصص منها تشمل 5 شركات مملوكة للقوات المسلحة، وهي:

الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية).

الشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي).

شركة سيلو فودز للصناعات الغذائية.

شركة “تشيل آوت” لتشغيل محطات الوقود.

الشركة الوطنية للطرق.

يرى محمد عبد العال، الخبير المصرفي، أن تخارج الحكومة من الأصول المملوكة لها يساهم في جذب موارد نقد أجنبي، إلا أن اختيار التوقيت المناسب للطرح يعد عاملاً حاسمًا في نجاح العملية.

وأوضح عبد العال أن تسريع وتيرة الطروحات يرتبط بعودة الهدوء إلى الأسواق العالمية واستقرار الأوضاع في المنطقة، إلى جانب تخفيف أثر الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي ألقت بظلالها على التجارة العالمية.

يُعد بنك القاهرة من أبرز الكيانات المرشحة للطرح العام، بعد تعثّر بيع البنك لمستثمر استراتيجي نتيجة عدم الاتفاق على تقييم السعر العادل.

وكان البنك قد خضع في بداية العام الحالي لعملية فحص نافي للجهالة لصالح بنك الإمارات دبي الوطني، بعد حصول الأخير على الضوء الأخضر من البنك المركزي المصري تمهيدًا لشراء البنك.

وأشار مصدر مطّلع على الصفقة إلى أن مصير عملية البيع يتوقف على السعر النهائي الذي يقدّمه بنك الإمارات ومدى توافقه مع القيمة الحقيقية للبنك.

وفي الفترة الأخيرة، تداولت تقارير تفيد برفض الحكومة عرضًا قدمه بنك الإمارات دبي الوطني للاستحواذ على بنك القاهرة مقابل 1.5 مليار دولار، وهو ما اعتُبر أقل من القيمة العادلة التي قدرتها الحكومة بنحو ملياري دولار، مما يُهدد بفشل الصفقة.

وأكد مصدر مسؤول بالبنك أن “بيع بنك القاهرة بأقل من قيمته الحقيقية يُعد خسارة حقيقية، ولن تسمح الحكومة بالتفريط فيه تحت هذا المستوى”.

وأوضح أن بنك القاهرة يتمتع بانتشار جغرافي واسع وتواجد قوي في السوق الأفريقية، إلى جانب محافظ قروض وودائع تُعد من بين الأكبر في القطاع المصرفي المصري، مع غياب شبه تام للمحافظ المتعثرة، ما يعزز من قوة موقف الحكومة التفاوضي.

يرى صندوق النقد الدولي أن الحكومة المصرية تسير ببطء في تنفيذ التخارج من الأصول، وهو أحد الشروط الأساسية في برنامج الإصلاح الاقتصادي، مؤكدًا ضرورة عدم مزاحمة الدولة للقطاع الخاص في بعض القطاعات.

وقال محمد عبد العال إن الحكومة تمتلك أدوات تفاوض قوية مع الصندوق، خاصة في ظل حالة عدم اليقين العالمية الناتجة عن التوترات التجارية والسياسية.

وأشار إلى أن إقناع الصندوق بتأجيل الطروحات واستكمال البرنامج يعتمد على قوة الطرح المصري، مع التأكيد على جدية الدولة في التخارج وفتح المجال أمام القطاع الخاص.

وكان الصندوق قد أعلن تأجيل المراجعة الخامسة التي كان من المقرر إتمامها في يوليو الحالي إلى سبتمبر المقبل، إلى جانب دمجها مع المراجعة السادسة، انتظارًا لإحراز تقدم في ملف التخارج.

وأكد صندوق النقد الدولي أن تقليص الدور الاقتصادي للدولة من شأنه تخفيف أعباء الدين المحلي والخارجي، وتقليص المصروفات، وإتاحة مساحة أكبر لنمو القطاع الخاص، وهو ما يُعد ضروريًا لاستدامة الاقتصاد المصري.

وفي تصريحات سابقة، قالت جولي كوزاك، مديرة الاتصالات بصندوق النقد، إن المفاوضات الجارية مع مصر بشأن المراجعة الخامسة تركز على تنفيذ سياسة ملكية الدولة وتنويع الأصول في القطاعات التي التزمت الحكومة بالانسحاب منها.

إتمام برنامج قرض صندوق النقد الدولي يُعد رسالة طمأنة قوية للمستثمرين الأجانب، تؤكد جدية الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والتراجع عن مزاحمة القطاع الخاص.

وقد حصلت مصر على نحو 3.3 مليار دولار من صندوق النقد على مدار السنوات الثلاث الماضية، موزعة على 5 دفعات، آخرها 1.2 مليار دولار في أبريل الماضي، عقب اعتماد المجلس التنفيذي للصندوق المراجعة الرابعة.