تعيش السوق المحلية أوقاتًا صعبة نتيجة الأزمات المتعددة التي شهدتها مؤخرًا، بدءًا من الرسوم الجمركية الأمريكية على العديد من الدول، مرورًا بالحرب التجارية بين أمريكا والصين، وصولًا إلى الصراع الإيراني الإسرائيلي، مما أثر بشكل ملحوظ على أداء البورصة المصرية وأدى إلى تراجعات حادة، ولهذا السبب ينصح خبراء أسواق المال باتباع بعض النصائح الهامة لإدارة المحفظة في أوقات الأزمات.

اقرأ كمان: إعلام عبري يكشف دخول وقف النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ بشكل رسمي
يؤكد حسام الغايش، العضو المنتدب لأحد شركات إدارة المحافظ والصناديق الاستثمارية، أن التركيز على الاتجاه العام للسوق يعد أمرًا أساسيًا للمستثمر عند إدارة محفظته في البورصة، خاصةً في أوقات الأزمات، حيث تختلف الاستراتيجيات بشكل كبير بين السوق الصاعد والسوق الهابط.
ويشير إلى أنه إذا كنت مستثمرًا وتملك محفظة أسهم، ولاحظت موجة بيعية أو صدمة عنيفة في السوق، فلا ينبغي عليك اتخاذ قرارات سريعة بالبيع، بل يجب التأكد أولًا مما إذا كان الاتجاه العام للسوق قد تغير أم لا.
ويتابع حسام بأن طالما أن الاتجاه صاعد، فإن الاستراتيجية الأنسب تكون الشراء والاحتفاظ، حتى في حال وجود هزات أو تصحيحات مؤقتة، أما إذا تحول الاتجاه إلى هابط، هنا يجب التفكير في البيع التدريجي أو وقف الخسائر، وقد نحتاج أحيانًا إلى تسييل المحفظة بالكامل في بعض الحالات.
ويؤكد حسام أن أدوات التحليل الفني تساعد في تحديد ما إذا كان السوق يمر بتصحيح طبيعي أم تحول في الاتجاه، حيث يساعد التحليل الفني في التمييز بين النزول المؤقت داخل اتجاه صاعد أو بداية اتجاه هابط جديد.
كما ينصح حسام المستثمرين دائمًا بالاحتفاظ بنسبة من السيولة داخل المحفظة، مشيرًا إلى أنه حتى في الاتجاه الصاعد، يُفضل أن تكون المحفظة موزعة بنسبة 70 إلى 80% أسهم، والباقي سيولة، حيث يمكن استخدام هذه النسبة لاقتناص فرص الشراء أثناء التصحيحات.
ويشير إلى أن السوق المصري لا يزال يتحرك في اتجاه صاعد منذ عام 2021، وأن الأداء خلال الربع الحالي يعكس استمرار هذا الاتجاه، مضيفًا أنه في فترات الاتجاه الصاعد، نميل إلى الاستثمار بدلاً من المضاربة، لأن العائد يكون أكبر على المدى المتوسط والطويل.
وفي هذا السياق، يوضح عامر عبد القادر، رئيس قطاع السمسرة بشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، أن المستثمر الذي يشتري محفظته بالكامل بنسبة 100% ثم يواجه هبوطًا في السوق نتيجة أزمة، يجب أن يتحلى بالصبر ولا يتسرع في البيع، حيث إن الخسائر في هذه الحالة تكون “خسائر دفترية” فقط، ولا تصبح حقيقية إلا عند البيع الفعلي.
ويضيف عامر أنه طالما لم يقم المستثمر بالبيع، فلا يعتبر أنه قد تكبد خسائر، حيث تتحول الخسائر الورقية إلى خسائر حقيقية فقط عند البيع في أوقات الأزمات.
كما يشير إلى أن المستثمر الذي يمتلك معرفة جيدة بالأسهم التي يمتلكها يستطيع تجاوز الهزات السوقية، لكن الأزمة الحقيقية تظهر عندما يعتمد بعض المستثمرين على الشراء بالهامش (المارجن)، مما يؤدي بهم إلى البيع الإجباري في أسوأ توقيت ممكن، وبالتالي يتكبدون خسائر فادحة.
ويشدد على ضرورة الابتعاد تمامًا عن استخدام المارجن، خاصة خلال فترات الأزمات، حيث أن البورصة وسيلة لاستثمار الفائض من الأموال، وليس للدخول بأموال مقترضة، فالمارجن سلاح ذو حدين وقد يؤدي إلى خسائر كبيرة إذا استخدم دون وعي.
كما يوضح عبد القادر أن النصيحة الثانية في إدارة المحفظة خلال الأزمات هي الاعتماد على التحليل المالي للأسهم عند اتخاذ قرارات الشراء، مشيرًا إلى أن المستثمر يجب أن يدرس جيدًا قيمة السهم، ومضاعف الربحية، ومدى قرب السعر الحالي من القيمة العادلة.
ويؤكد أنه بمجرد اختيار سهم جيد، يجب على المستثمر “الجلوس على الورقة”، أي الاحتفاظ بها لفترة حتى تتحقق الأرباح، بعكس المارجن الذي يجبر المتداول على البيع بسرعة حتى لو كان السهم خاسرًا.
من نفس التصنيف: السعودية تعبر عن دعمها لسوريا وتندد بالهجوم على دمشق
ويستشهد عبد القادر بسهم “سيدي كرير”، الذي من المتوقع أن يوزع سهمًا مجانيًا لكل 4 أسهم، في حين أن سعره الحالي لا يتجاوز 20 جنيهًا، بينما القيمة العادلة له تقدّر بنحو 32 جنيهًا، مما يعني أن السهم لديه فرصة جيدة لتحقيق أرباح على المدى الطويل.
ويؤكد عبد القادر أن من يدخل البورصة بعقلية المضاربة قد يربح مرة، لكنه سيخسر مرات أكثر، خاصة إذا لم يكن لديه خلفية استثمارية، موضحًا أن المضاربة موجودة في جميع بورصات العالم، لكنها ليست الوسيلة الأنسب للمستثمرين الجدد.
وكمثال على الأسهم الجيدة، يشير إلى أن سهم “البنك التجاري الدولي” (CIB) يتداول حاليًا بمضاعف ربحية يبلغ 4.5 مرة، وهو أقل من المعدلات الطبيعية لهذا السهم، مضيفًا أن السعر الحالي البالغ 88.25 جنيه يعد فرصة، وأن السهم ما زال “رخيصًا” مقارنة بأدائه.
اقرأ أيضًا :