في ظل التصعيد الذي شهدته دمشق يوم الأربعاء الماضي، حيث وجهت تل أبيب ضربات مباشرة إلى الداخل السوري، أصدرت جماعة مسلحة تُعرف باسم “العصائب الحمراء” رسالة تحذيرية شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باللغتين العربية والعبرية، حيث توعدت بتحويل “أرض الشام إلى أنهار من الدماء” إذا تم المساس بالرئيس السوري أحمد الشرع.

شوف كمان: الداخلية تضبط 38 طنًا من الدقيق وتُعزز الرقابة على الأسواق لضمان الجودة والأمان
جاء هذا البيان، الذي تم تداوله عبر حسابات مرتبطة بما يُعرف بـ”الجيش السوري”، بعد سلسلة غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع حساسة في قلب العاصمة دمشق، بما في ذلك محيط القصر الجمهوري على جبل قاسيون ومبنى هيئة الأركان السورية في ساحة الأمويين.
وقالت “العصائب الحمراء” في بيانها: “بسم الله الرحمن الرحيم إلى نتنياهو ابن اليهودية، والله الذي لا إله غيره، إن آذيتم الرئيس السوري أحمد الشرع، ستتحول أرض الشام إلى أنهار من الدماء”
نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي، يوم الأربعاء، أربع غارات جوية على مقر هيئة الأركان في وسط دمشق، بعد ساعات من تنفيذ طائرات مسيرة هجومين منفصلين على المبنى ذاته، في إطار تخطيط منظم ومتسلسل للعملية.
استهدفت الهجمات أيضًا محيط قصر الشعب الرئاسي، وهو أحد أبرز المقرات السيادية في البلاد، مما يعكس رسالة مباشرة من إسرائيل إلى القيادة السياسية في دمشق، خصوصًا في ظل التصعيد المتواصل على الجبهة الجنوبية.
من هي “العصائب الحمراء”؟
على الرغم من حداثة اسمها في التداول الإعلامي، تُعتبر “العصائب الحمراء” واحدة من أكثر وحدات النخبة غموضًا وشراسة في الساحة السورية، وهي قوة قتالية خاصة تابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، تضم مئات العناصر المعروفين باسم “الانغماسيين”، الذين ينفذون عمليات اقتحام خلف خطوط العدو دون رجعة غالبًا.
تُعرف هذه الجماعة بارتدائها زيًا عسكريًا موحدًا مع عصائب حمراء على الرأس، مما يميزهم بصريًا في ميادين القتال، وقد استمدوا اسمهم من الصحابي أبي دجانة الذي كان يربط عصابة حمراء حول رأسه في المعارك.
تأسست هذه القوة عام 2018، وتولى تدريبها مقاتلون ناطقون بالروسية، من الأوزبك والشيشان، بعضهم كانوا عناصر سابقين في جيوش بلدانهم قبل الانتقال إلى سوريا، ضمن ما يُعرف بمجموعة “الملحمة التكتيكية”، وهي وحدة تدريب خاصة داخل “تحرير الشام”.
عقيدة المواجهة.
في بداية عام 2020، ظهر زعيم الهيئة الشرع، الذي كان يُعرف باسم أبو محمد الجولاني، مرتديًا العصابة الحمراء نفسها في مقطع مصور بعنوان “بيعة الموت”، محاطًا بعناصر المجموعة، مما يعكس طبيعة الالتزام العقائدي العالي لهذه القوة.
مثلما كانت “العصائب الحمراء” رأس الحربة في أي هجوم عسكري كبير للهيئة، خصوصًا في مناطق مثل إدلب، حماة، اللاذقية، وحلب، حيث كانت تُكلّف عادة بالمهام الأصعب، بما في ذلك العمليات الانغماسية مثل القنص، وزرع العبوات، والاستطلاع خلف خطوط العدو.
شوف كمان: كامل الوزير يعلق على حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية بعد زيارته إلى تركيا
يُشترط في من ينضم إلى هذه الكتيبة أن يكون منتسبًا للهيئة، سليم البنية الجسدية، وقادرًا على الالتزام بالأنظمة العسكرية الصارمة، في ظل تدريبات شاقة ومعايير قتالية مرتفعة.
دورها في حروب إدلب وحماة.
في معركة حماة عام 2019، تصدرت “العصائب الحمراء” الهجمات على تحصينات الجيش السوري في جبل زين العابدين، وساهمت في اختراق خطوط الدفاع الأولى جنوب حماة، رغم وقوعها لاحقًا في كمين أجبرها على الانسحاب.
أشارت تقارير استخباراتية سورية حينها إلى أن هذه القوة تُدار من قبل أبو اليقظان المصري، بعد مقتل المؤسس الأوزبكي في غارة روسية عام 2017.
في أواخر 2021، نُسبت إليها عمليات ضد جماعات جهادية أخرى مثل “جنود الشام” في ريف اللاذقية، مما يعكس استخدامها أيضًا في تصفية الخلافات الداخلية داخل صفوف التنظيمات المسلحة.
كان للجماعة دور بارز في الحرب الأخيرة ضد النظام السوري السابق الذي أُطيح به في ديسمبر عام 2024، حيث دفعت “هيئة تحرير الشام” بالجماعة التي لعبت الدور الحاسم في المعركة الأخيرة ضد النظام، خاصة في مدينة حماة، وذلك وفقًا لما ذكره “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.