حوار- محمد شاكر:

مقال له علاقة: هل تسعى بريطانيا لحظر حركة “فلسطين أكشن” وما هي تفاصيلها؟
تصوير- أحمد مسعد:
أصبح تشكيل اللجنة العليا للمجلس الأعلى للثقافة حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يقتصر الجدل على الأسماء بل تعداه إلى أعمار الأعضاء التي تخطت الستين، وغياب المعايير المناسبة، مما أدى إلى أزمة حقيقية في هذا السياق.
انتشر الخبر بسرعة كبيرة، وكأنه حجرٌ ألقي في بركة راكدة، مما أحدث زلزالًا في أركان الوزارة، واشتعلت معركة بين جيلين؛ جيل يرى في الأسماء المعلنة “حكمة الشيوخ”، وجيل آخر يصرخ بـ”احتكار المقاعد”.
“شيوخ الثقافة”، هكذا لقَّب البعض هذه اللجنة، متسائلين عن قدرتها على مواكبة المتغيرات السريعة، وعن تمثيلها للأجيال الجديدة من المبدعين والمفكرين، فهل أصبحت الثقافة حكرًا على جيل واحد؟
وفي خضم هذه التساؤلات المشروعة، لم يكن أمامنا سوى طرح هذه الهواجس والتساؤلات بل والاتهامات، والتوجه بها مباشرة إلى قلب الحدث.
قمنا بزيارة د. أشرف العزازي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، لنواجهه بكل ما أُثير، ونطرح عليه الأسئلة الشائكة التي تتردد على كل لسان، وكان هذا الحوار:
-بدايةً، كيف رأيت أزمة الجدل حول تشكيل اللجنة الدائمة للمجلس الأعلى للثقافة؟
الجدل حول تشكيل اللجنة العليا للمجلس هو أزمة بلا أزمة، حيث حدث خلط لدى الناس بين اللجنة العليا واللجان النوعية، فاللجنة العليا تضم شخصيات لها بصمات في مختلف المجالات، أشخاص اكتمل مشروعهم الأدبي والثقافي والفكري، وأُريد في هذه اللجنة شخص له تأثير وخبرة، والشاب لديه خبرة أيضًا، لكنه ليس كمثقف كبير، ولدينا ٢٤ لجنة نوعية، ثلثها على الأقل من الشباب.
-هل الضجة التي أُثيرت سلبية؟
بالعكس، أراها إيجابية لأنها أحدثت حراكًا وجعلت المجلس في قلب الأضواء، “ماعندناش مجاملات”، إذا كان صديقي “وحش” أو لا أعرفه، وقد تم تغيير نصف المجلس، هل الأعضاء الذين غادروا مناصبهم “وحشين”؟ بالعكس، ولكن لا بد من التغيير.
-ما المعايير التي بُنِيَ عليها تشكيل اللجنة؟
المعيار الأساسي هو الخبرة، وأن يكون العضو قد ترك بصمة واضحة في مجاله، ولا أريد في هذه اللجنة “مثقف ابن النهارده أو ابن امبارح”، بالإضافة إلى ذلك، وُضِعَ في الاعتبار مؤلفاته المنشورة، وحصوله على درجة دكتوراه محلية أو دولية، ومشاركته الفاعلة في المهرجانات الدولية وغيرها من المحافل الثقافية.
-ما ردك على اختيار أعضاء فوق الستين عامًا (وبعضهم تجاوز التسعين)؟
أنا أبحث عن الخبرة، وجميع الأعضاء الذين تم اختيارهم هم شخصيات معروفة يُشار إليها بالبنان في تخصصاتهم.
-في عصر الذكاء الاصطناعي كيف يتم اختيار أعضاء ليست لهم خبرة التطور الرقمي؟
مهمة اللجنة الأساسية هي وضع السياسات العامة والخطوط العريضة التي يعمل بموجبها المجلس، وليس التفاصيل التقنية، وفيما يخص الجوائز، هناك لجان تحكيم متخصصة تُقيِّم الأعمال المقدمة بناءً على معايير دقيقة، ولن تكون عملية الاختيار صعبة على اللجنة؛ لأن خبراتهم تُمكِّنهم من الحكم على قيمة المرشحين، سواء كانت تقليدية أم رقمية، وقد جرى تحديث نحو ٩٠٪ من لجان التحكيم لضمان مواكبة التطورات المعاصرة.
-يرى البعض أن السياسات الثقافية التي يمكن أن تضعها هذه اللجنة مختلف عليها؟
وجهات نظر.
-لماذا لم يراعِ تشكيل اللجنة تنوع المجالات الثقافية والفكرية والأدبية؟ مثلاً لدينا شاعر واحد مقابل 4 أعضاء في العلوم الاجتماعية؟
العلوم الاجتماعية تشمل فروعًا كثيرة، بينما الشعر ينقسم إلى فصحى وعامية فقط، والتنويع مطلوب، لكن لا يمكن المساواة في العدد بين تخصص متشعب وآخر محدود.
-كيف يتم اختيار ثلاثة من قسم واحد في كلية واحدة؟
حاولنا التنويع بين الجامعات، لكن الخبرة هي المعيار الأساسي، فالدكتور أحمد زايد، على سبيل المثال، كفاءته معروفة ولا يختلف عليها أحد.
-لماذا تم اختيار الدكتور محمد غنيم والدكتور مجدي حجازي وهما من نفس تخصص الدكتور أحمد زايد والدكتور سعيد المصري؟ ألم يكن يكفي اثنان؟
لن يبقى أحد في اللجنة مدى الحياة، ولم يعد هناك مجال للتكاسل، ولقد حصلت على معلومات كاملة عن كل الأساتذة في جامعات مصر لاختيار الأفضل في جميع التخصصات للجان النوعية المقبلة، وهناك مجالات لا نحتاج فيها إلى أساتذة جامعات، بل إلى خبرات عملية كما في مجال المسرح وغيره، لدينا استمارة سيتم تعبئتها من قِبل المرشحين ومراجعتها بدقة، وسيقوم مقرر كل لجنة باقتراح أسماء سيتم دراستها، وأفكر في فتح باب التقدم لعضوية اللجان لكل الراغبين، عبر لجان متخصصة للفحص، فعندما نختار مقررًا كفؤًا وأعضاء على نفس المستوى، ستكون النتائج جيدة.
-هناك جدل صاحب اختيار الكاتب عبد الرحيم كمال للحصول على الجائزة التقديرية.. فما ردك؟
ما يحكمنا هو القانون، ومن حقه قانونًا أن يُرشح للجائزة، وبالرجوع إلى لائحة الجوائز، تبين لنا أن من حقه الترشح.
-ولكن اللائحة تنص على منع رؤساء الهيئات والقطاعات بوزارة الثقافة من الترشح.. وبالقياس يمكن أن يشمله المنع؛ خصوصًا أنه يرأس إدارة مركزية تابعة للمجلس؟
هو حاصل على جائزة التفوق، ومن حقه التقدم لجائزة الدولة التقديرية، ولا أحد يتحمل ترشح شخص ليس من حقه التقدم للجائزة، ولو لم تكن أوراقه مستوفاة، لكان ذلك مستحيلًا.
-أدبيًّا.. هل يصح لمبدع أن يتقدم لجائزة في هيئة يعمل بها؟
هو لم يحصل على الجائزة بعد، وإنما رُشِّح في القائمة القصيرة، وهذا حقه، ولا أستطيع أن أحجر عليه، ولا يمكن لوظيفته أن تكون عائقًا أمامه، ويمكن تغيير اللائحة لاحقًا، لكن اللائحة الحالية تنص على أنه يمارس حقه المشروع.
مقال له علاقة: عشرة مصابين في حادث انقلاب ميكروباص على طريق مصر – الإسماعيلية في الشرقية
-اللجان التي تختار القوائم القصيرة للجوائز (التفوق والتقديرية والنيل) تواجه اتهامات بعدم الشفافية؟
لجان هذا العام معظمها أعضاء جدد، ولن تجد أسماء مكررة إلا نادرًا.
-كيف يتم تقسيم العمل في هذه اللجان؟
يتم التقسيم حسب التخصص.
-ما معايير اختيار لجان التحكيم؟ وما معايير عملها في فحص مشروعات المتقدمين؟
أنا ملتزم بعدد محدد لكل لجنة، وكل لجنة تقدم تقارير في منتهى الشفافية، وما يُتداول عن تحكيم أشخاص منفردين لمشروعات المتقدمين غير صحيح، ومعايير الاختيار تشمل: الدرجة العلمية، المشاركة في المؤتمرات، قيمة الأوسمة التي حصل عليها، اللجان تعمل وفق معايير متخصصة حول كل لجنة؛ لأن التخصصات تختلف من مجال إلى آخر.
-لماذا لم يتم إعلان معايير التقييم في لجان الجوائز وحيثيات اختيار الفائزين؟
سيتم إعلانها في الدورات المقبلة، كما يمكن إعلان حيثيات فوز الفائزين في هذه الدورة.
-إذا شعر أحد المتقدمين بغبن لعدم ترشيحه في القائمة القصيرة، هل يمكنه التقدم بشكوى؟
وما المانع؟! كل شخص يشعر أنه الأفضل والأحق، وإذا تقدم أحدهم بشكوى، ستتم إعادة الفحص وإصدار حيثيات عدم الفوز، والرأي النهائي للجنة، ويقوم المستشار القانوني بدراسة رأي اللجنة واتخاذ القرار، مع الحفاظ على السرية؛ حمايةً للمتقدم.
-قريبًا سيتم الإعلان عن تشكيل اللجان الفرعية للمجلس الأعلى للثقافة، ما المعايير التي سيتم على أساسها الاختيار؟
سيتم الاختيار بشفافية كبيرة، ونعمل على وضع معايير صارمة، فحتى ننجح لا بد من اختيار الأكفاء.
-هل هناك توصيف وظيفي للجان وتقييمها كل عام؟
بالطبع، كل لجنة لها توصيف وظيفي محدد.
-ما رأيك في تكرار الأسماء داخل هذه اللجان، وتدويرها داخل مجموعة معينة من المثقفين، في حين يتم استبعاد الأسماء الفاعلة في المشهد الثقافي المصري؟
لا تتحدث عن الماضي؛ بل عن المستقبل، والبوادر الإيجابية ظهرت في اللجنة العليا ولجان الجوائز، وكل شخص سيحصل على حقه، وسنوسع دوائر الاختيار بدلاً من الاكتفاء باختيارات محدودة.
-ما دور رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية في الاختيارات، وهل تخضع للأهواء الشخصية كما يتردد، بدليل وجود عشرات الأسماء لمدة تزيد على ثلاث دورات متتالية في مخالفة صارخة للقانون؟
اسأله بنفسك، هل كان له دور في اختيار لجان التحكيم؟ إنه رجل يعمل بجد وليس كما يوصف، وهل من المعقول ألا أستمع إلى رأيه؟! يجب أن أسمع الجميع وأختار الصالح، وكل ما يتردد غير صحيح.
-لا نعلم ماذا يدور في اجتماعات اللجان النوعية؟
هناك تغيير ملحوظ في العمل مؤخرًا، وجميع اللجان تعمل ولديها خطط وأنشطة وتوصيات لوضع سياسات في تخصصاتها، ويقدمون لي تقارير دورية، وهذه السياسات تترجم إلى أنشطة مثل الموائد المستديرة لإصدار التوصيات.
-لماذا لم تتم إقامة مؤتمر الرواية رغم تأجيله منذ عدة سنوات؟
تأجيل مؤتمر الرواية كان بسبب الأزمة المالية فقط، وأنا أشجع الرعاة من البنوك الوطنية أو المؤسسات الحكومية؛ لأنني أروج للمؤسسات الوطنية وليس الشركات الخاصة، وعقدنا اجتماعًا مع مجلس النواب وطرحنا فكرة رعاية البنك الأهلي للمؤتمر، وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية، أتمنى أن نوفق في هذا الأمر.