الفيوم – حسين فتحي:

ممكن يعجبك: أسعار العملات الأجنبية اليوم الخميس 26 مايو 2025.. الدولار يسجل 49.85 جنيه
لم يكن أحد يتوقع أن لحظة نُبل ستتحول إلى وداع مؤلم، ولا أن شابًا خرج لكسب لقمة عيشه سينتهي به المطاف في أعماق البحر تاركًا خلفه وجعًا لا يُشفى وبيتًا لم يعد كما كان.
في قرية نجع الطويل بمركز إطسا في الفيوم، لا صوت يعلو على صوت الحزن، ترقرقت الدموع في أعين الجميع بعد وصول نبأ وفاة الشاب أسامة عيد عامر “22 عامًا” في مدينة مصراتة الليبية، غرقًا أثناء محاولته إنقاذ صديقه السوداني من الموت.
ممكن يعجبك: ليبرمان يتهم إسرائيل بتسليح جماعة أبو شباب في غزة.. كل التفاصيل المثيرة
ابن الغُربة والشهامة
أسامة لم يكن شابًا عاديًا، بل كان الابن الوحيد وسط خمس شقيقات، وعمودًا لبيتٍ بسيط يتكئ على كتفيه، غادر مصر قبل عامين، ليس سياحة ولا هروبًا، بل سعيًا وراء الرزق الحلال بصحبة والده الذي يعمل في المعمار.
“كان بيشتغل بنقل الطوب والرمل، وبيقول نفسه يفرح ويشيل عن أبويا” يحكي أحد أصدقائه، بينما الدموع تسبق كلماته.
يوم الحادث
في مساء يوم الحادث، خرج أسامة كعادته للتنزه على شاطئ البحر بعد يوم شاق، لكن القدر كان له موعد مع لحظة فارقة، سمع استغاثات صديق سوداني يغرق، فانطلق دون تردد.
خلع ملابسه، وألقى بنفسه في الماء، ونجح بالفعل في إنقاذ الشاب، لكن البحر كعادته لا يُعطي الأبطال فرصة للخروج سالمين، اختطف أسامة إلى الأعماق وغابت أنفاسه في موجة الوفاء.
“راح سندي الوحيد”
عاد والده إلى مصر قبل فترة، وترك أسامة في ليبيا يكمل طريق الكفاح، لكنه لم يكن يعلم أن هذه كانت آخر مرة يراه فيها حيًا.
“يا ريتني أنا اللي موتت، راح سندي وضلّي” كلمات قالها الأب بصوت متقطع، عاجزًا عن تصديق أن من كان يسنده بالأمس قد غاب اليوم إلى الأبد.
يستحق أن يُكرّم
قال ناصر هيكل، أحد أبناء مركز إطسا: “أسامة شهيد إنسانية بامتياز، أنقذ إنسان ومات، وما حدش هيقدر يعوّضه لأهله”
وطالب المحافظ والجمعيات الخيرية بتخصيص كشك رزق كريم لوالدته وشقيقاته، ليكون صدقة جارية على روحه، واعترافًا من المجتمع بما قدمه من تضحية.
بطل بدون وسام
لم يكن أسامة نجمًا على الشاشات، ولا صاحب أضواء، لكنه كان بطلًا حقيقيًا، عرف كيف يختار النُبل على النجاة، والبطولة على التردد.
مات وحيدًا في البحر، لكن ذكراه اليوم تسكن كل بيت في قريته، وكل قلب يعرف معنى الشهامة.