مع اقتراب موعد اجتماع لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية في أكتوبر المقبل، تتزايد التساؤلات حول مصير أسعار الوقود في مصر، خاصة في ظل استمرار الحكومة في تنفيذ برنامجها التدريجي لإلغاء الدعم، بالإضافة إلى التغيرات الحاصلة في سوق النفط العالمي.

مقال له علاقة: عودة أنشطة مصر كابيتال في البورصة بعد توقف عامين وتوقعات مستقبلية مثيرة
ورجّح خبيران في قطاع الطاقة والبترول حدث إليهم “نبأ العرب”، سيناريوهين رئيسيين أمام الحكومة خلال الفترة المقبلة: الأول يتعلق بالتزامات الدولة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، والآخر يرتبط بتحركات أسعار النفط العالمية خلال الربع الثالث من العام
تقوم لجنة التسعير التلقائي بمراجعة أسعار الوقود كل 3 أشهر، اعتمادًا على 3 عوامل رئيسية: متوسط سعر خام برنت عالميًا، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، والتكاليف المحلية للنقل والتوزيع، ومن المقرر أن تصدر اللجنة قرارها الجديد خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر المقبل
كانت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية قد قررت رفع أسعار البنزين والسولار بمقدار جنيهان في أبريل الماضي للمرة الرابعة خلال عام.
أشار رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في وقت سابق إلى أن أسعار البنزين والسولار ستظل دون تغيير لمدة 6 أشهر حتى أكتوبر المقبل، مما يعني عدم عقد اللجنة اجتماعها الدوري في يوليو الحالي.
مصر أقل من 10 دول في أسعار المحروقات
قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن مصر لا تزال من بين أقل 10 دول في العالم من حيث أسعار بيع البنزين والسولار، مما يعكس استمرار وجود دعم غير مباشر للوقود، رغم محاولات الدولة تقليصه تدريجيًا على مدار السنوات الماضية.
وأوضح يوسف أن تكلفة الوقود في السوق المحلي لا تشمل فقط سعر الخام، بل تمتد إلى تكاليف النقل والتكرير والتوزيع، مشيرًا إلى أن الدولة تحتسب سعر الخام المحلي بـ”صفر” ضمن معادلة التسعير، مما يعني استمرار وجود فجوة بين السعر الحقيقي والتكلفة الفعلية.
وأكد أن الحكومة ستكون مضطرة لرفع أسعار الوقود في أكتوبر، تمهيدًا لإلغاء الدعم بالكامل مع نهاية عام 2025 كما هو معلن، وقال: “إذا لم تُرفع الأسعار في أكتوبر، سيكون من الصعب جدًا تنفيذ إلغاء الدعم في ديسمبر، لأن الفجوة السعرية كبيرة ولا يمكن سدّها دفعة واحدة”
وأشار يوسف إلى أن تثبيت الأسعار في أكتوبر يعتمد على انخفاض سعر خام برنت إلى مستوى 55 دولارًا للبرميل، وهو سيناريو مستبعد حاليًا، لكنه ممكن إذا حدث ركود اقتصادي عالمي حاد نتيجة تباطؤ النمو في الصين أو تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
أما عن السولار، فاعتبره يوسف خارج نطاق “التثبيت”، مؤكدًا أن سعره مرشح للزيادة بسبب ارتفاع الطلب العالمي عليه، بغض النظر عن اتجاهات سعر الخام.
القليوبي: التثبيت مرهون بسعر النفط
من جانبه، يرى الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن هناك عاملين حاسمين يحددان مصير أسعار الوقود في مصر: استمرار سياسة رفع الدعم، وتطورات أسعار النفط عالميًا
قال القليوبي إن أسعار النفط العالمية تدور حاليًا في نطاق مستقر بين 73 و74 دولارًا للبرميل، وهو ما قد يدفع الحكومة إلى تثبيت الأسعار خلال الربع المقبل، طالما لم تتجاوز أسعار الخام حاجز 80 دولارًا.
وأضاف أن موازنة العام المالي الحالي وضعت سعرًا مرجعيًا لبرميل النفط عند نحو 79 دولارًا، ما يعني أن أي تجاوز لهذا المستوى قد يفرض على الحكومة مراجعة أسعار الوقود محليًا لتجنب اتساع عجز الموازنة.
وأوضح القليوبي أن الزيادة –في حال حدوثها– لن تتجاوز 10% على الأرجح، مؤكدًا أن الحكومة تسير في خطى تدريجية لرفع الدعم، مراعية الأبعاد الاجتماعية والضغوط المعيشية على المواطنين.
مقال مقترح: طلاب الثانوية في الأقصر يكشفون أسرار امتحان الفيزياء وآرائهم المثيرة!
وتوقع صندوق النقد الدولي -في تقرير حديث صادر- زيادة محتملة في أسعار البنزين والسولار خلال الفترة المقبلة، بعد أن أشار إلى أن مصر أصبحت من بين أقل 10 دول في العالم تقدم دعمًا للمحروقات.
وبحسب التقرير، صنّف الصندوق مصر ضمن الدول التي قطعت شوطًا كبيرًا في إصلاح دعم الطاقة، مقارنة بدول مثل الجزائر وفنزويلا ونيجيريا، والتي ما زالت تقدم دعمًا كبيرًا للوقود، مشيرًا إلى أن رفع الدعم تدريجيًا يُعد من أدوات تحسين كفاءة الإنفاق العام، وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة توجيه الموارد للفئات الأكثر احتياجًا.