العد التنازلي لإلغاء الدعم وتأثيره على أسعار الوقود في الربع الأخير من 2025

مع اقتراب موعد اجتماع لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية في أكتوبر المقبل، تزداد التساؤلات حول مستقبل أسعار الوقود في مصر، خاصة في ظل استمرار الحكومة في تنفيذ برنامجها التدريجي لإلغاء الدعم، والتغيرات في سوق النفط العالمي.

العد التنازلي لإلغاء الدعم وتأثيره على أسعار الوقود في الربع الأخير من 2025
العد التنازلي لإلغاء الدعم وتأثيره على أسعار الوقود في الربع الأخير من 2025

ورجّح خبيران في قطاع الطاقة والبترول، خلال حديثهما لـ”نبأ العرب”، وجود سيناريوهين رئيسيين أمام الحكومة خلال الفترة المقبلة: الأول يتعلق بالتزامات الدولة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، والآخر يرتبط بتحركات أسعار النفط العالمية خلال الربع الثالث من العام

تُراجع لجنة التسعير التلقائي أسعار الوقود كل 3 أشهر، بناءً على 3 عوامل رئيسية: متوسط سعر خام برنت عالميًا، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، بالإضافة إلى التكاليف المحلية للنقل والتوزيع، ومن المقرر أن تصدر اللجنة قرارها الجديد خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر المقبل

كانت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية قد قررت رفع أسعار البنزين والسولار بمقدار حوالي جنيهان في أبريل الماضي للمرة الرابعة خلال عام.

قال رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في وقت سابق إن أسعار البنزين والسولار ستظل دون تغيير لمدة 6 أشهر حتى أكتوبر المقبل، مما يعني عدم عقد اللجنة اجتماعها الدوري في يوليو الحالي.

مصر أقل من 10 دول في أسعار المحروقات

أوضح المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أن مصر لا تزال من بين أقل 10 دول في العالم من حيث أسعار بيع البنزين والسولار، مما يعكس استمرار وجود دعم غير مباشر للوقود، رغم جهود الدولة لتقليصه تدريجيًا على مدار السنوات الماضية.

وأشار يوسف إلى أن تكلفة الوقود في السوق المحلي لا تقتصر فقط على سعر الخام، بل تشمل أيضًا تكاليف النقل والتكرير والتوزيع، حيث تحتسب الدولة سعر الخام المحلي بـ”صفر” ضمن معادلة التسعير، مما يعني استمرار الفجوة بين السعر الحقيقي والتكلفة الفعلية.

وأكد أن الحكومة ستكون مضطرة لرفع أسعار الوقود في أكتوبر، تمهيدًا لإلغاء الدعم بالكامل مع نهاية عام 2025 كما هو معلن، قائلاً: “إذا لم تُرفع الأسعار في أكتوبر، سيكون من الصعب جدًا تنفيذ إلغاء الدعم في ديسمبر، لأن الفجوة السعرية كبيرة ولا يمكن سدّها دفعة واحدة”

وأشار يوسف إلى أن تثبيت الأسعار في أكتوبر مرهون بانخفاض سعر خام برنت إلى مستوى 55 دولارًا للبرميل، وهو سيناريو مستبعد حاليًا، لكنه ممكن في حال حدوث ركود اقتصادي عالمي حاد نتيجة تباطؤ النمو في الصين أو تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.

أما عن السولار، فقد اعتبر يوسف أنه خارج نطاق “التثبيت”، مؤكدًا أن سعره مرشح للزيادة بسبب ارتفاع الطلب العالمي عليه، بغض النظر عن اتجاهات سعر الخام.

القليوبي: التثبيت مرهون بسعر النفط

من جانبه، يرى الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن هناك عاملين حاسمين يحددان مصير أسعار الوقود في مصر: استمرار سياسة رفع الدعم، وتطورات أسعار النفط عالميًا

قال القليوبي إن أسعار النفط العالمية تدور حاليًا في نطاق مستقر بين 73 و74 دولارًا للبرميل، مما قد يدفع الحكومة إلى تثبيت الأسعار خلال الربع المقبل، طالما لم تتجاوز أسعار الخام حاجز 80 دولارًا.

وأضاف أن موازنة العام المالي الحالي وضعت سعرًا مرجعيًا لبرميل النفط عند نحو 79 دولارًا، مما يعني أن أي تجاوز لهذا المستوى قد يفرض على الحكومة مراجعة أسعار الوقود محليًا لتجنب اتساع عجز الموازنة.

وأوضح القليوبي أن الزيادة –في حال حدوثها– لن تتجاوز 10% على الأرجح، مؤكدًا أن الحكومة تسير في خطى تدريجية لرفع الدعم، مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والضغوط المعيشية على المواطنين.

توقع صندوق النقد الدولي في تقرير حديث صادر زيادة محتملة في أسعار البنزين والسولار خلال الفترة المقبلة، بعد أن أشار إلى أن مصر أصبحت من بين أقل 10 دول في العالم تقدم دعمًا للمحروقات.

وبحسب التقرير، صنّف الصندوق مصر ضمن الدول التي قطعت شوطًا كبيرًا في إصلاح دعم الطاقة، مقارنة بدول مثل الجزائر وفنزويلا ونيجيريا، والتي ما زالت تقدم دعمًا كبيرًا للوقود، مشيرًا إلى أن رفع الدعم تدريجيًا يُعد من أدوات تحسين كفاءة الإنفاق العام، وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة توجيه الموارد للفئات الأكثر احتياجًا.