في حي بولاق الدكرور، اعتاد مصطفى ووالداه أن يبدأوا يومهم على صوت الأذان، وليس على دوي الرصاص، لكن صباح يوم الأحد كان مختلفًا، حيث شهدت المنطقة أحداثًا دامية.

مواضيع مشابهة: شاب يغرق في مياه النيل ببني سويف أثناء وضوئه.. قصة مؤلمة تلامس القلوب
مصطفى، شاب في أواخر العشرينيات، مهندس كهرباء يعيش مع والديه في منزلهم المتواضع، كان جيرانه يرونه كل صباح متجهًا إلى المسجد مع والده.
فجر الأحد لم يكن مختلفًا في بدايته، استيقظ مصطفى قبل الأذان، توضأ، وبدأ يتلو ما تيسر من القرآن، وصوت آيات الفجر يتردد من الإذاعة، مما منح العقار رقم 7 بشارع محمد صديق المنشاوي سكونًا يليق بتلك اللحظة المباركة.
لكن السكينة لم تدم طويلًا، فقد انكسرت بصوت مرعب، دوّى إطلاق نار كثيف في المنطقة، انتفضت الأم في هلع، وهرع الأب نحو النافذة، حمل مصطفى كوب الماء وسقاه لأمه المرتجفة، وقال بهدوء رغم الارتباك: “اطمئني يا أمي، سأخرج لأرى ما يحدث”.
نزل الشاب ببسالة، وعندما خرج إلى الشارع، علم أن هناك مجموعة مسلحة تختبئ خلف منازل المنطقة، وقد اشتبكت مع قوات الشرطة.
لم يفكر مصطفى كثيرًا، أمسك عصا خشبية كانت ملقاة بجوار الحائط، وتقدم بخطوات حذرة، ولم يكن يعلم أنه يخطو نحو نهايته، فجأة، اخترقت الأعيرة النارية جسده، فسقط على الأرض غارقًا في دمائه.
ركض والده حين سمع الصراخ، وجثم فوق جثة ابنه، يحتضنه وكأن احتضانه قد يعيد له الحياة، وأطلق صرخات وجع تمزق القلب، صرخات أبٍ فقد أغلى ما يملك أمام عينيه.
اقرأ كمان: تحذيرات من المركز الأمريكي للأعاصير بشأن عاصفة مدارية تقترب من ساحل خليج المكسيك
مصطفى لم يكن مجرد ابن، بل كان الأصغر بين إخوته، لكنه كان الأقرب إلى قلب أبيه، لا لكونه الأصغر فقط، بل لأنه الوحيد الذي حقق له حلمًا قديمًا، حلم أن يرى أحد أبنائه مهندسًا.
طالما جلس الأب وسط العائلة يروي كيف كان يتمنى أن يلتحق أحد أولاده بكلية الهندسة، وكيف لم يحالفهم الحظ، حتى جاء مصطفى، فكان الحلم الذي تحقق بعد طول انتظار.
وفي لحظة، سقط هذا الحلم بثلاث رصاصات، وانهار بين ذراعي الأب، الذي ظل يردد فوق جثته: “أنت فرحتي يا ابني، الذي رفعت رأسي”.
في لحظة واحدة، تغيّر كل شيء، تحول فجر الطمأنينة إلى جنازة، وتحول بيت مصطفى إلى مأتم، بعدما كانوا يستعدون لزفاف مصطفى بعد شهرين.
بعد نصف ساعة، هدأ صوت الرصاص، وأعلنت وزارة الداخلية تفاصيل الاشتباك الأمني، حيث اشتبكت قوات الأمن مع خلية إرهابية تنتمي لحركة “حسم”، كانت تتخذ من أحد المنازل في حي بولاق الدكرور مأوى.
وكشفت وزارة الداخلية تفاصيل محاولة فاشلة من حركة “حسم” الإرهابية لإعادة إحياء نشاطها داخل مصر، من خلال تسلل أحد عناصرها شديدة الخطورة بطريقة غير شرعية، بعد تلقيه تدريبات عسكرية متقدمة، تمهيدًا لتنفيذ عمليات إرهابية بالتنسيق مع قيادات هاربة في تركيا.
وأوضحت الوزارة أن التحريات حددت المسؤولين عن المخطط، وفي مقدمتهم يحيى موسى، المشرف على الهيكل المسلح للحركة، وعدد من العناصر الصادر بحقهم أحكام بالإعدام والسجن المؤبد في قضايا استهداف مسؤولين أمنيين ومنشآت حيوية.
وبعد رصد تسلل الإرهابي أحمد غنيم، المحكوم عليه بالإعدام والمؤبد في عدة قضايا، إلى البلاد، اتخذ من شقة ببولاق الدكرور وكرًا لاختبائه، بمشاركة الإرهابي إيهاب عبد اللطيف.
ونفذت وزارة الداخلية عملية أمنية فجر الأحد أسفرت عن تصفية العنصرين بعد تبادل لإطلاق النار، أسفر أيضًا عن استشهاد مواطن مدني تصادف مروره، وإصابة ضابط خلال محاولته إنقاذه.
وأكدت الوزارة مواصلة جهودها في مواجهة الإرهاب وإحباط المخططات التي تستهدف أمن واستقرار البلاد.
اقرأ أيضا: