كتبت – منال الجيوشي.

اقرأ كمان: آمال ماهر تتألق بفستان زفاف وتروج لأغنيتها الجديدة بلمسة ساحرة
انطلقت أولى ندوات المحور الفكري ضمن فعاليات الدورة الـ18 من المهرجان القومي للمسرح المصري، حيث تم تكريم المخرج المسرحي الكبير أحمد عبد الجليل في ندوة بعنوان “المسرحجي الفصيح” بحضور الكاتب عماد مطاوع، والدكتور محمد أمين عبد الصمد، والناقد أحمد خميس، بالإضافة إلى مجموعة من المسرحيين والنقاد والجمهور.
في بداية الندوة، تناول الكاتب عماد مطاوع خصوصية تجربة عبد الجليل، مشيرًا إلى أنه نموذج للفنان الذي يحترم فنه ويخلص لتجربته بعيدًا عن الأضواء، حيث انطلق إبداعه من مدينة المنصورة إلى جميع أنحاء مصر، وأكد أن البيئة الثقافية والاجتماعية كانت لها دور حاسم في تشكيل رؤيته الفنية.
من جانبه، استعرض المخرج أحمد عبد الجليل محطات من مسيرته المسرحية، بدءًا من أول زيارة لمسرح المنصورة القومي، التي كانت تجربة مليئة بالخوف والانبهار، مرورًا بمشاركته الأولى في عرض “موتى بلا قبور” لـ جان بول سارتر، التي كانت بوابته لعالم المسرح ولغته العربية الصعبة في بداياتها.
كما استعاد عبد الجليل موقفًا لا يُنسى حين رآه الفنان كرم مطاوع بعد أحد العروض وهو طفل صغير، فأعطاه خمسة جنيهات مكافأة تشجيعية لا تزال محفورة في ذاكرته.
وتحدث عبد الجليل عن محطات مهمة في مشواره الإخراجي الذي بدأ عام 1982، حيث توقف عند عرض “شحتوت العظيم” المأخوذ عن نص للشاعر أحمد فؤاد نجم، والذي حقق نجاحًا لافتًا واستمر عرضه خمسة أشهر، وأكد أن علاقته بنجم تجاوزت حدود التعاون المسرحي لتصبح تجربة إنسانية ملهمة أثّرت فيه بعمق على الصعيدين الإبداعي والإنساني.
اقرأ كمان: رامي جمال يكشف عن ألبومه الجديد “محسبتهاش” ويضم 15 أغنية مميزة
أما الدكتور محمد أمين عبد الصمد، فتحدث عن كواليس تأليفه للكتاب التذكاري “المسرحجي الفصيح”، مسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه التوثيق الموضوعي لتجربة شخصية مبدعة، وأشار إلى أن عبد الجليل قدم أكثر من 120 عرضًا مسرحيًا، وتميز مشروعه بخصوصية نادرة من حيث نوعية النصوص، والفرق المشاركة، والمساحة الجغرافية التي شملت الدلتا بشكل أساسي.
أضاف أن خصوصية التجربة لا تحكمها الأرقام فقط، بل تتجلى في رؤى إخراجية متجددة ومسار ناضج بدأ من المسرح المدرسي وانتهى إلى قيادة فرق الثقافة الجماهيرية بإبداع واستقلالية.
الناقد أحمد خميس تناول البعد الإبداعي لتجربة عبد الجليل، مشيدًا بدوره في تقديم نصوص نجيب سرور بأساليب جديدة ومبهرة، فضلًا عن مساهماته في إحياء المسرح الغنائي من خلال أعمال مثل “الجنيه المصري”، التي تميزت بالغناء المباشر والتفاعل مع الجمهور، معتمدًا على طاقات الهواة وليس المحترفين.
أكد خميس أن عبد الجليل كان له دور كبير في إلهام جيل جديد من النقاد والمخرجين من خلال أعماله التي امتدت أيضًا إلى بعض تجارب المسرح الإفريقي.
شهدت الندوة حالة من التقدير الكبير لتجربة أحمد عبد الجليل التي مزجت بين الاحتراف والحس الشعبي، وبين العمق الفكري والتجريب الإخراجي، مما يجعلها تجربة تستحق التوثيق والدراسة، وتُعتبر واحدة من أبرز التجارب التي لم تُخلق داخل المركز، بل ازدهرت من الأطراف إلى القلب.