تباينت آراء عدد من الاقتصاديين الذين تحدثوا مع “نبأ العرب” حول قدرة التعاون الاقتصادي والتكامل مع الصين على إخراج الاقتصاد المصري من أزمته الحالية، حيث يرى البعض أن الصين هي المستفيد الأكبر، بينما يعتقد آخرون أن مصر تتخذ خطوات استراتيجية لتأمين موقعها الإقليمي والاقتصادي.

شوف كمان: أسهم تسلا تتراجع بأكثر من 3% بعد إعلان ماسك عن تشكيل حزب سياسي جديد
في هذا السياق، كثفت الصين من توقيع عدد من الاتفاقيات مع مصر، حيث تم مؤخرًا توقيع مذكرة تفاهم بين حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، وبان قونغ شنغ، محافظ البنك المركزي الصيني، بهدف تعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مجالات متعددة تهم الجانبين.
تهدف مذكرة التفاهم إلى تشجيع استخدام العملات المحلية في تسوية المعاملات المالية والتجارية، كما تسعى لتسهيل الاستثمارات المباشرة بين الجانبين، مما يعزز التكامل الاقتصادي، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية.
الصين المستفيد الأكبر
أوضح الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن الصين تتحرك وفق مصالحها، فالتكامل الاقتصادي ليس مجرد هبة من طرف قوي لآخر ضعيف بدافع المساعدة، بل يسعى لتحقيق مصالح استراتيجية واقتصادية لكلا الطرفين.
وأضاف لـ”نبأ العرب” أن الصين تتبع سياسة مختلفة عن الولايات المتحدة، حيث لا تمارس ضغوطًا سياسية أو عسكرية مباشرة، بل تتعامل بطرق هادئة تعرف بـ”سيف الحياء”، لتحقيق أهدافها دون صدام مباشر.
وأشار الإدريسي إلى أن بكين تسعى لتوسيع نفوذها في أفريقيا، باعتبارها سوقًا ضخمة تضم أكثر من 1.2 مليار مستهلك، ومصر تمثل بوابة محورية لهذا السوق نظرًا لموقعها الاستراتيجي وعلاقاتها الإقليمية المستقرة.
ورغم الحديث عن التكامل مع الصين منذ سنوات، أشار الإدريسي إلى أن مصر لم تحقق حتى الآن استفادة حقيقية يشعر بها المواطن، مؤكدًا أن الاستفادة الأكبر قد تكون من نصيب الجانب الصيني، حيث لا يزال هناك استيراد مستمر للمنتجات الصينية، بما في ذلك السيارات الكهربائية.
تابع: “إذا كنا نستفيد بالشكل الكافي، ما كنا لنصل إلى مستويات الدين المرتفعة الحالية، لكن بلا شك تظل العلاقة مع ثاني أكبر اقتصاد عالمي مفيدة من حيث تنفيذ مشروعات على أرض مصر.”
تحديات أكثر من الانتفاع
يرى الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن دخول مصر في تعاون اقتصادي واسع مع الصين قد يخلق تحديات أخرى، خاصة مع توترات الصين مع الغرب، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وأشار إلى أن الصين، رغم كونها شريكًا اقتصاديًا ضخمًا، إلا أنها تميل لحماية مصالحها بشدة، ولا تقدم تنازلات بسهولة، فإذا قدمت تمويلًا أو قروضًا، فهي لا تجددها بسهولة، بل قد تلجأ إلى السيطرة على الأصول في حال تعثر السداد، كما فعلت مع بعض الدول الأفريقية.
وأكد النحاس أن المنافع المتوقعة من العلاقة مع الصين قد لا توازي المخاطر المحتملة، مشيرًا إلى أن الصين لا تمنح استثمارات بلا مقابل، كما أن السياحة القادمة منها لمصر ليست كثيفة بالقدر الكافي لتعويض الفجوة.
خطوة لتأمين مصر
من جانبه، أكد الدكتور أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي، أن الشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين تعد خطوة مهمة لدعم التبادل التجاري بين البلدين، خاصة بعد تخصيص الصين منطقة صناعية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأوضح أن هذه المنطقة تهدف إلى تسهيل نفاذ المنتجات الصينية إلى أفريقيا عبر مصر، التي تعتبر عضوًا في تجمع الكوميسا، مما يعزز موقعها كمركز لوجستي إقليمي.
وأشار خطاب إلى أن الشراكة المصرية الصينية شهدت تطورًا كبيرًا منذ إعلان الرئيسين المصري والصيني الدخول في شراكة استراتيجية، مما أدى إلى رفع القيود على التجارة بين البلدين ودخول الصين في استثمارات بمشروعات كبيرة، منها صناعات السيارات والشرائح الإلكترونية.
كما لفت إلى أهمية اتفاق الجانبين على تسوية المعاملات التجارية بالعملات المحلية (الجنيه المصري واليوان الصيني)، خاصة في ظل عضوية مصر في مجموعة “بريكس”، مما يخفف الضغط على الدولار ويدعم استقرار الجنيه ويعزز تنوع الشراكات الاقتصادية.
أكد أيضًا أن الشراكة مع الصين لا تقتصر على الاقتصاد فقط، بل تمتد إلى التعاون العسكري واستيراد الأسلحة، مما يساهم في تنويع مصادر القوة وضمان التوازنات الاستراتيجية.
من نفس التصنيف: وزير البترول يراقب تجهيزات سفينة التغييز Energos Power قبل ربطها بميناء السخنة
وأشار إلى أن مصر تعمل على تعزيز أمنها القومي من خلال تنويع وارداتها وشراكاتها الدولية، وليس الاعتماد على محور واحد فقط، وبهذه الشراكة تؤمن نفسها من أي خطر أمريكي بتحالفها مع دولة مثل الصين.