في سياق التعاون العسكري المصري الصيني، تناولت الصحف الإسرائيلية المناورات الجوية المشتركة الأخيرة بين البلدين، معتبرةً أن هذه الخطوة ليست مجرد تعاون بل هي رسالة واضحة من القاهرة إلى عدة أطراف في المنطقة، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث ترى تل أبيب أن هذا التعاون يعكس تطورًا في العلاقات العسكرية.

من نفس التصنيف: وظائف مغرية برواتب عالية في 10 محافظات والأرصاد تحذر من تغيرات الطقس خلال 8 ساعات القادمة
شهدت الصين في الفترة الأخيرة تعزيز علاقاتها مع مصر، وهو ما تجلى في زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانج إلى القاهرة في يوليو الماضي، حيث أكد السفير الصيني بالقاهرة لياو لي تشيانج أن الصين تسعى بجدية لتطوير علاقاتها مع مصر إلى مستويات أعلى بكثير.
لكن الصحف الإسرائيلية علقت على هذا التقارب بشكل مختلف، خاصة أنه جاء بعد مناورات عسكرية مصرية صينية في سيناء تحت عنوان “نسور الحضارة 2025”.
كيف علقت الصحف الإسرائيلية؟
رأت صحيفة “جيويش نيوز” الإسرائيلية أن المناورات الجوية المشتركة المصرية الصينية التي أقيمت مؤخرًا في مصر، والتي تعتبر الأولى من نوعها، تحمل رسائل واضحة للولايات المتحدة، ويجب على إسرائيل مراقبتها عن كثب، حيث ترى تل أبيب في هذا التقارب العسكري إشارة إلى نية مصر توسيع شراكاتها الأمنية، وقد تتجه إلى ما هو أبعد من تحالفها التقليدي مع الولايات المتحدة.
وفي ظل التحديات المتعددة التي تواجهها إسرائيل حاليًا، فإن الدولة العبرية لا ترغب في فتح جبهة جديدة مع مصر، حسبما أشار العميد (احتياط) البروفيسور جاكوب ناجل، الذي حذر من ضرورة أن تبقى إسرائيل متيقظة تجاه المخاطر المحتملة من مصر، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر.
وعند تناول الحشد العسكري المصري في سيناء، دعا ناجل إلى التعامل بحذر مع الوضع، محذرًا من المبالغة في تقدير آثار التدريبات، لكنه أكد على أهمية التعامل معها بجدية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تتدخل وتوجه رسالة للمصريين الذين يتلقون مساعدات كبيرة.
من جانبها، اعتبرت صحيفة “إسرائيل هيوم” أن القيادة السياسية والعسكرية في البلاد بدأت تدرك أهمية تقليل الاعتماد الأحادي على الولايات المتحدة، خاصة مع القيود التكنولوجية والسياسية التي تفرضها واشنطن على الصادرات العسكرية.
وأضافت الصحيفة أن مصر تسعى لبناء شبكة واسعة من الشراكات الأمنية مع دول أخرى، مثل روسيا وفرنسا وألمانيا والهند، بهدف تعزيز قوتها في منطقة تعاني من الفوضى والحروب.
أما صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فقد رأت أن الصين تسعى من خلال استراتيجيتها القائمة على الاستثمار إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، وهو ما يلقى ترحيبًا من مصر التي تعمق علاقاتها مع بكين عبر مجالات متعددة، مع الاحتفاظ بتحالفها مع الولايات المتحدة.
في ظل التنافس العالمي بين واشنطن وبكين، تسعى القاهرة إلى تنويع علاقاتها الاستراتيجية، حيث تواصل تعزيز شراكتها العسكرية مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه تطور علاقاتها مع الصين عبر مجالات متعددة، بدءًا من التعاون الدفاعي وانتهاءً بالاستثمار في البنية التحتية.
وفي هذا السياق، أشار وليد قزيحة، الأستاذ السابق في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إلى أن القاهرة تشعر بأن حليفتها الأمريكية أصبحت مصدر إحراج، مما دفعها للبحث عن لاعبين آخرين مثل الصين.
شوف كمان: بن غفير يدعو نتنياهو للتراجع عن خطة الاستسلام واحتلال غزة بالكامل
وعلى الرغم من أن التوتر في العلاقات الأمريكية المصرية ليس جديدًا، إلا أن سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ساهمت في تعزيز تلك التوترات، مما أدى إلى حالة من عدم التوافق الاستراتيجي، بينما توسع بكين نفوذها من خلال الاستثمار ودبلوماسية القوة الناعمة.
المناورات العسكرية المصرية الصينية في سيناء حظيت باهتمام إسرائيلي خاص، خاصة مشاهد الطيارين المصريين الذين تدربوا على طائرات صينية مزودة بتقنيات دفاعية متطورة، مما دفع الإدارة الإسرائيلية لمراقبة التقارب بين القاهرة وبكين عن كثب.
وتشير التقارير إلى أن جاذبية الصين تزداد بسبب نهجها غير المشروط نسبيًا تجاه المبيعات العسكرية، مما يتيح لمصر الحصول على المعدات العسكرية بشروط أكثر مرونة مقارنة بالقيود المفروضة من قبل الغرب.
موقع “واللا” العبري يكشف عن قلق داخل الأوساط العسكرية في تل أبيب إزاء التقارب المصري الصيني، وتزويد بكين للقاهرة بمقاتلات شبحية جديدة بأنظمة رادار متطورة، مما يعزز من قدرات مصر على حماية مجالها الجوي.
التقارب المصري الصيني يعد خطوة استراتيجية من القاهرة لموازنة القوى العسكرية في المنطقة، في مواجهة التفوق العسكري الإسرائيلي المدعوم أمريكيا، ويشكل تحولًا ملحوظًا في توجهات التسليح المصري نحو الشرق بعيدًا عن الهيمنة الغربية.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث تتهم وسائل الإعلام الإسرائيلية مصر باستخدام طائرات مراقبة صينية متطورة خلال المناورات العسكرية الأخيرة، بهدف رصد تحركات الجيش الإسرائيلي سرًا.
صحيفة “معاريف” الإسرائيلية ذكرت أن مناورة “نسر الحضارة 2025” التي أجريت بالقرب من الحدود الجنوبية لإسرائيل أثارت حالة من الاستنفار داخل الأوساط السياسية والعسكرية في تل أبيب، وسط مخاوف من اختراق استخباراتي محتمل.
وأشارت “معاريف” إلى أن القاهرة وبكين استخدمتا طائرة الإنذار المبكر “KJ-500” خلال المناورات، لمراقبة جاهزية سلاح الجو الإسرائيلي، حيث تمكنت الطائرة من قياس “زمن الإقلاع” للطائرات الاعتراضية الإسرائيلية، وهو مؤشر تكتيكي حساس يكشف سرعة الاستجابة لدى القوات الجوية الإسرائيلية.