قصة موت غامض في المنيا.. كيف بدأت بحياة الأطفال وانتهت بالأب في منزل النعوش السبعة

المنيا – جمال محمد ومحمود عجمي:

قصة موت غامض في المنيا.. كيف بدأت بحياة الأطفال وانتهت بالأب في منزل النعوش السبعة
قصة موت غامض في المنيا.. كيف بدأت بحياة الأطفال وانتهت بالأب في منزل النعوش السبعة

شهدت قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس في محافظة المنيا مأساة جديدة صباح اليوم الجمعة، حيث توفي ناصر محمد علي، والد الأطفال الستة الذين فقدوا حياتهم خلال الأسبوعين الماضيين بسبب مرض غامض حير الأطباء والمواطنين على حد سواء، وتواصل الأجهزة الأمنية والنيابة العامة جهودها للتحقيق في ملابسات هذه الواقعة الأليمة.

بدأت هذه الفاجعة مساء الجمعة قبل الماضية، 11 يوليو، عندما تناولت الأسرة، المكونة من الأب والأم والأطفال الستة، وجبة عشاء أُعدت في المنزل، ثم بدأت الأعراض تظهر على الأطفال، حيث اشتكوا من ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة، واضطراب في الوعي، وهبوط حاد في الجسم، وتم نقل أصغرهم إلى المستشفى، لكنه توفي سريعًا، وتبعه اثنان آخران بعد ساعات قليلة، وتم تشييع جثامينهم صباح السبت.

في اليوم نفسه، ظهرت أعراض المرض على شقيقهم الرابع أحمد، الذي توفي بدوره بعد ساعات قليلة، وتم تشريح جثمانه، مما أدى إلى انتشار شائعات حول إصابته بالتهاب سحائي.

لكن وزارة الصحة والسكان أصدرت بيانًا بعد ذلك نفت فيه أن يكون الالتهاب السحائي هو سبب الوفيات، موضحة أن الأعراض التي ظهرت على الأطفال لا تتماشى مع أعراض هذا المرض المعروف.

لاحقًا، تم إدخال الطفلتين الأخيرتين، رحمة وفرحة، إلى مستشفى صدر المنيا تحت الملاحظة، كونهما آخر من تبقى من أطفال الأسرة، ورغم استقرار حالتهما خلال أول 48 ساعة، بدأت إحداهما تشكو من ظهور نفس الأعراض التي سبقت وفاة أشقائها، في اليوم الذي كان من المفترض أن تخرجا فيه من المستشفى.

تمت إعادتهما للعلاج، لكن رحمة توفيت بعد صراع دام ثلاثة أيام، ثم تم تحويل الطفلة فرحة إلى مستشفى الإيمان العام بأسيوط لإجراء فحوصات وتحاليل غير متاحة بالمنيا، ورغم تحسن حالتها الأولية، توفيت بعد أيام بسبب توقف مفاجئ في عضلة القلب واضطراب حاد في ضرباته، مما زاد من مشاعر الحزن والذهول لدى الأسرة وأهالي القرية.

بينما كان الأب المكلوم ناصر محمد علي يعاني من مرض غامض داخل مستشفى أسيوط الجامعي، حيث نُقل إليها في 17 يوليو، وبين استقرار وتدهور متكرر لحالته، انقطعت الأخبار عنه في الأيام الأخيرة، حتى أُعلن عن وفاته صباح اليوم الجمعة، ليُفتح قبر الأبناء الستة من جديد لاستقبال جثمان والدهم.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد إسماعيل عبد الحفيظ، أستاذ السموم بكلية الطب بجامعة المنيا، الذي أشرف على متابعة حالة الطفلتين، أنهم كانوا على تواصل دائم مع أساتذة السموم في جامعات عين شمس والإسكندرية نظرًا لتعقيد الحالات، وأشار إلى أن الأعراض التي ظهرت على الأطفال والأب تتشابه مع حالة سابقة وصلت إلى مستشفى بالإسكندرية، حيث أكد المريض حينها تناوله لمبيد حشري يحتوي على مادة كلورفينابير، وهي نفس الأعراض التي ظهرت على أطفال دلجا ووالدهم، خاصة بعد أن وصلت المادة السامة إلى خلايا المخ.

كما أشار إلى أن عدد الحالات المصابة بتسمم هذه المادة على مستوى العالم محدود للغاية، ولم يُكتشف لها ترياق حتى الآن، كما لا يتوفر تحليل يُظهر وجودها في الدم، مما يفسر عدم اكتشاف مادة غريبة في تحاليل الأطفال أو والدهم.

تعود القصة إلى تلقي الأجهزة الأمنية بمديرية أمن المنيا إخطارًا يوم السبت قبل الماضي بوصول ثلاثة أطفال متوفين، ودخول شقيقهم الرابع إلى العناية المركزة بمستشفى ديرمواس المركزي دون تحديد سبب الوفاة، وتبين وفاة الأشقاء: محمد ناصر محمد (11 سنة)، عمر (7 سنوات)، ريم (10 سنوات)، وإصابة شقيقهم أحمد بإعياء شديد، والذي توفي لاحقًا، ثم نُقلت الطفلتان فرحة (14 سنة) ورحمة (12 سنة) إلى مستشفى صدر المنيا، حيث وُضعتا تحت الملاحظة بعد ظهور أعراض المرض، قبل أن تتوفى “رحمة” ثم “فرحة” لاحقًا.

ولا تزال النيابة العامة بمركز ديرمواس تُجري تحقيقات موسعة مع زوجتي الأب وعدد من أفراد العائلة، في محاولة لفك شفرة هذه الواقعة المأساوية.

اقرأ أيضاً….