انخفاض سهم “بنيان” يثير تساؤلات حول تسعير الطروحات الحكومية المقبلة

أتفق خبراء أسواق المال الذين تحدثوا لـ “نبأ العرب” على أن أداء سهم بنيان للتنمية والتجارة، الذي جاء مخالفًا لتوقعات المستثمرين منذ بدء تداوله يوم الثلاثاء الماضي، لن يؤثر على استكمال الحكومة لبرنامج الطروحات الحكومية، إلا أن نجاح أي طرح يعتمد بشكل كبير على التسعير الجيد للسهم.

انخفاض سهم “بنيان” يثير تساؤلات حول تسعير الطروحات الحكومية المقبلة
انخفاض سهم “بنيان” يثير تساؤلات حول تسعير الطروحات الحكومية المقبلة

شهد سهم شركة “بنيان” ارتفاعًا ضئيلاً بلغت نسبته 0.2% في ختام أولى جلسات تداوله في البورصة المصرية، الثلاثاء الماضي، مسجلًا سعر إغلاق بـ 4.97 جنيه للسهم، بينما أغلق اليوم متراجعًا بنسبة 3.67% مسجلًا 4.72 جنيه للسهم.

يأتي ذلك في وقت تسعى فيه وزارة المالية إلى طرح 11 شركة خلال العام المالي الحالي لجمع ما بين 4 و5 مليارات دولار، منها 5 شركات تابعة للقوات المسلحة.

قال محمد كمال، عضو شعبة الأوراق المالية بالاتحاد المصري للغرف التجارية، إن ما حدث في طرح “بنيان” لا يمكن اعتباره مقياسًا عامًا لنجاح أو فشل برنامج الطروحات الحكومية، وفسر قائلًا: “وضع الحكومة مختلف، حيث تكمن المشكلة الرئيسية في طرح “بنيان” في تسعير السهم، إذ تم تقييمه عند مستويات لم تكن جاذبة بالقدر الكافي للمستثمرين”

وأضاف كمال أن التسعير هو العنصر الأكثر حساسية في أي طرح عام، على سبيل المثال، إذا عرض منتج في السوق بسعر يتجاوز قيمته الحقيقية بثلاثة أضعاف، فلن يجد من يشتريه، مهما كانت جودته، والأمر نفسه ينطبق على الأسهم، إذ يجب أن يكون السعر عادلاً ومغريًا في آنٍ واحد.

أكد على ضرورة عدم الخلط بين أداء سهم فردي واستراتيجية الدولة بأكملها، برنامج الطروحات الحكومية ما زال خطوة مهمة لتحفيز الاستثمار وزيادة عمق السوق، لكنه بحاجة إلى إدارة أكثر مرونة وتقييمات أكثر واقعية.

أوضحت حنان رمسيس، خبيرة سوق المال، أن هناك فارقًا جوهريًا بين سياسة الدولة في الطرح والطروحات الخاصة، قائلة: “الحكومة حين تقرر طرح شركة لا تركز فقط على السوق المفتوح، بل تستهدف مستثمرين بعينهم، والطرح في الغالب يتم عبر صفقات موجهة، كما حدث في حالات سابقة مثل الشرقية للدخان أو في طروحات الاستحواذ”

أكدت أن نجاح أو فشل سهم بعينه لا يرتبط بالضرورة باستمرار برنامج الطروحات، مشددة على أن الدولة إذا أرادت طرح شركة ما فستقوم بذلك وفق خططها، سواء وجد اهتمام في السوق أو لا.

حذرت من أن المواطن العادي لم يعد يتقبل فكرة بيع أصول الدولة دون شفافية كاملة في التسعير والعائد، قائلة: “حينما تم الإعلان مثلًا عن طرح بنك القاهرة لمستثمر استراتيجي دون سعر عادل أو بدون مردود واضح على الدين العام أو الاقتصاد، وجدنا حالة رفض في الشارع”

أضافت أن أي خطوة مقبلة في ملف الطروحات يجب أن تراعي مسألتين هما “تسعير عادل يعكس القيمة الحقيقية للأصل، وضمان تحقيق فائدة اقتصادية عامة، وإلا ستقابل بالرفض الشعبي.

حول ما إذا كان ضعف أداء “بنيان” قد يؤثر على استكمال الحكومة لبرنامج الطروحات، أوضح هيثم عبد السميع، رئيس قسم التحليل الفني بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، أن الطروحات الحكومية لا تتوقف على أداء سهم واحد.

استشهد عبد السميع بتجارب من تسعينات القرن الماضي، حينما شهدت طروحات مثل شركات “المطاحن” طفرات سعرية كبيرة لأنها قدمت بسعر أقل من قيمتها الحقيقية، ليشهد المستثمرون الذين جالسوا في السهم ارتفاعًا فيما بعد من 60 جنيهًا إلى 600 جنيه.

وفي المقابل، طروحات أخرى مثل “مطاحن الإسكندرية” التي تم تسعيرها عند 82.5 جنيهًا، والذي يعد التقييم العادل، فانهار سهمها لاحقًا إلى 6 جنيهات فقط.

أكد أن الدروس القديمة لا تزال صالحة اليوم، حيث كلما قدمت الدولة طرحًا بتسعير عادل أو مخفض، ضمنت جذب المستثمر وتحقيق حركة نشطة على السهم، أما إذا بالغت في التقييم، فالنتيجة غالبًا ما تكون هبوطًا سريعًا وفقدان ثقة.

اقرأ أيضًا: