بي بي سي.

مقال مقترح: غروسي يحذر من خطر انهيار نظام حظر الانتشار النووي
تعتبر عبارات مثل “حدود 1967″ و”حدود الرابع من حزيران” مفاهيم مألوفة في سياق الصراع العربي الإسرائيلي، حيث تتردد في الكثير من البيانات والأخبار منذ عقود طويلة، ويعيد المؤتمر الدولي المزمع في الأمم المتحدة هذا الشهر حول القضية الفلسطينية، إحياء النقاش حول حل الدولتين، الذي يستند إلى فكرة إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنباً إلى جنب، وفق حدود الرابع من يونيو 1967.
ما هي حدود عام 1967؟
تُعرف حدود 1967 بـ”الخط الأخضر”، وهو الخط الذي تم تحديده بموجب هدنة عام 1949 بين إسرائيل ودول عربية مثل مصر والأردن ولبنان وسوريا، والذي أنهى الحرب التي نشبت بعد إعلان قيام دولة إسرائيل، وتؤكد الأمم المتحدة على أن هذا الخط يمثل حدود عام 1967، حيث يفصل بين إسرائيل من جهة، ومصر والأردن ولبنان وسوريا من جهة أخرى.
ويطلق على هذه الحدود أيضاً “حدود الرابع من يونيو 1967” للدلالة على الوضع قبل حرب 1967، التي بدأت في اليوم التالي، حيث احتلت إسرائيل خلالها الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، بالإضافة إلى الجولان السوري وشبه جزيرة سيناء المصرية، ولم تتحول هذه الحدود إلى حدود دولية رسمية، حيث أكدت محكمة الجنايات الدولية أن “خطوط ما قبل عام 1967 (الخط الأخضر) عملت كحدود بحكم الأمر الواقع”.
ما هو الخط الأخضر؟
ظهر مصطلح “الخط الأخضر” بعد حرب 1948، عندما توسطت الأمم المتحدة لإبرام اتفاق هدنة بين إسرائيل والدول المجاورة، حيث قامت الدول العربية وإسرائيل بتوقيع اتفاقية الهدنة، وأُطلق على خطوط ترسيم الهدنة لاحقاً “الخطوط الخضراء” نسبةً إلى اللون المستخدم لرسمها على الخرائط، ويُعرف أيضاً باسم خط الهدنة لعام 1949، وأصبح هذا الخط الفاصل بين إسرائيل والأراضي المحتلة عام 1967، ويعتبر محوراً أساسياً في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
يعتبر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) أن توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق أوسلو يعني الاعتراف بالخط الأخضر كحدود لدولة إسرائيل، وحدود للسلطة الوطنية الفلسطينية، ويشير البعض إلى هذا الخط بمصطلحات أخرى مثل “حدود 1967” للدلالة على الحدود التي اجتازها الجيش الإسرائيلي خلال احتلال الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن عملياً، حُدد الخط الأخضر في عام 1949 وليس في 1967، وفقاً لمركز مدار.
ما الفرق بين الجدار العازل و”الخط الأخضر”؟
بدأت إسرائيل في عام 2002 بناء جدار فاصل في الضفة الغربية المحتلة بهدف “ضمان أمن مستوطناتها”، حيث يمتد الجدار لأكثر من 700 كيلومتر، ولم يُبنى الجدار على الخط الأخضر فقط، بل يقع 85 في المئة منه على أراضي الضفة الغربية، وتعرف المنطقة الواقعة بين الخط الأخضر والجدار بـ”منطقة التماس”، ويعزل الجدار 9.4 في المئة من الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، وفقاً للأمم المتحدة، ويؤدي إلى مصادرة 10 في المئة من أراضي الضفة الغربية.
في عام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً ينص على أن بناء هذا الجدار غير قانوني وطالبت بتفكيكه، حيث قضت بأن مقاطع الجدار التي تتغلغل داخل الضفة الغربية، إلى جانب نظام البوابات والتصاريح المرتبط به، تتعارض مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، ودعت المحكمة إسرائيل لوقف بناء الجدار وتفكيك المقاطع التي شُيّدت منه بالفعل، وإلغاء جميع التدابير التشريعية المتصلة به.
ما هو حل الدولتين؟
يمثل حل الدولتين أحد الركائز الأساسية للسياسة الخارجية للعديد من الدول الغربية تجاه المنطقة، حيث يُعتبر فكرة لحل الصراع المستمر منذ عقود، وفقاً لهذا الحل، يُفترض أن تقوم دولة فلسطينية ضمن الحدود المعترف بها قبل الحرب العربية الإسرائيلية في 1967، وقد نصت اتفاقيات أوسلو الموقعة عام 1993 على قيام دولة فلسطينية بحلول عام 1999، وفي عام 2003، قدمت اللجنة الرباعية للشرق الأوسط “خارطة طريق” تنص على إقامة دولة فلسطينية بحلول 2005، مقابل إنهاء الانتفاضة وتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
قبل ذلك، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947 القرار 181 المعروف بـ”قرار التقسيم”، الذي نص على إنشاء دولة يهودية ودولة عربية، مع اعتبار القدس كياناً متميزاً يخضع لنظام دولي خاص، ومن بين الدولتين المقرر إنشاؤهما، لم تظهر إلا دولة واحدة هي إسرائيل، حيث قبل زعماء اليهود الخطة التي منحتهم 56 في المئة من الأرض، بينما رفضتها جامعة الدول العربية، وأُعلنت دولة إسرائيل في 14 مايو 1948، وبعد يوم واحد، بدأت حرب بين الدول العربية وإسرائيل، وانتهت بسيطرة إسرائيل على 77 في المئة من الأراضي، لتظهر حدود جديدة تُعرف عملياً بـ”الخط الأخضر”.
كيف يبدو الموقف الفلسطيني والإسرائيلي من حل الدولتين؟
مواضيع مشابهة: بن غفير يؤكد رفضه للصفقات المتهورة ويصف إدخال المساعدات إلى غزة بالخطأ الكبير
تؤيد منظمة التحرير الفلسطينية، التي تضم معظم الفصائل والأحزاب الفلسطينية باستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، هذا الحل، بينما لا تمانع حركة حماس في إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، دون الاعتراف بإسرائيل، وعلى الجانب الآخر، وقعت إسرائيل في عام 1993 على اتفاقية أوسلو، التي كان من المفترض أن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، وفي عام 2009، ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً أيد فيه علناً فكرة إقامة دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، ولكن في العام الماضي، أيّد الكنيست الإسرائيلي إعلاناً لنتنياهو يرفض إقامة دولة فلسطينية “من جانب واحد”، وأكد نتنياهو أنه أبلغ الولايات المتحدة بمعارضته لإقامة دولة فلسطينية بعد انتهاء الحرب في غزة، مشيراً إلى ضرورة احتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، بما في ذلك أي أراض ستشكل دولة فلسطينية مستقبلية.
ما تأثير الضم الإسرائيلي والمستوطنات على حدود عام 1967؟
بعد أن احتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967، أعلنت ضمها لإسرائيل بعد أيام، وفي عام 1980، أعلن الكنيست أن القدس هي عاصمة إسرائيل “الأبدية والموحدة”، بينما تعتبر المجموعة الدولية احتلال القدس الشرقية وضمها غير شرعي، وتعتبرها أرضاً محتلة، وفيما يتعلق بالجولان السوري المحتل عام 1967، فقد أعلنت إسرائيل ضمه في عام 1981، وأصدر مجلس الأمن الدولي القرار 497 الذي أعلن بطلان الضم.
أكدت السلطة الفلسطينية أن المخططات الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية تمثل تهديداً وجودياً للمشروع الوطني الفلسطيني، وتنهي حل الدولتين، وبعد اتفاق التطبيع الإسرائيلي الإماراتي عام 2020، تقرر تعليق الضم، لكن نتنياهو بعد الإعلان عن الاتفاق استخدم الاسم التوراتي للضفة الغربية، مشيراً إلى أنه لا تغيير في خطته لبسط السيادة بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، وأنه ملتزم بها، ولكن الحديث عن الضم عاد هذا العام، حيث قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي يعتبر مستوطناً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن عام 2025 سيكون “عام السيادة في يهودا والسامرة”، وفي الشهر الماضي، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن إسرائيل ستبني “الدولة اليهودية الإسرائيلية” في الضفة الغربية بعد الإعلان عن إقامة 22 مستوطنة جديدة، وتعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية عقبة رئيسية أمام السلام الدائم، حيث تُقابل بإدانات دائمة من الأمم المتحدة باعتبارها غير قانونية، ويعيش حتى أكتوبر 2024 حوالي 504 آلاف إسرائيلي في 147 مستوطنة و224 بؤرة استيطانية، بالإضافة إلى حوالي 233,600 ألف مستوطن في القدس الشرقية، وفقاً للأمم المتحدة.
يرى جوست هيلترمان، المستشار في برنامج الشرق الأوسط بمجموعة الأزمات الدولية، أن المستوطنات الإسرائيلية تؤثر على إمكانية تحقيق حل الدولتين بناءً على حدود 1967، حيث ليس من الواضح ما إذا كان بناء دولة فلسطينية قابلة للحياة لا يزال قائماً، بالنظر إلى اتساع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بينما تشير راشيل نيلسون، محللة شؤون الشرق الأوسط في معهد نيو لاينز للإستراتيجية والسياسة في الولايات المتحدة، إلى أن إنشاء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية أدى إلى خلق منطقة لن تكون قابلة للاستمرار كدولة فلسطينية ذات سيادة، وتضيف أن المستوطنات تشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق حل الدولتين على أساس حدود 1967، حيث تهدف إلى توسيع سيادة إسرائيل عبر حدود 1967، في انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة، ويرى الفلسطينيون أن المستوطنات تهدف إلى منع التوصل إلى تسوية فلسطينية/إسرائيلية تسمح بإقامة كيان فلسطيني ذي ولاية جغرافية واحدة متواصلة، كما قالت سيخريد كاخ، منسقة الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، أمام مجلس الأمن إن الوضع في الضفة الغربية هو “تسريع للضم الفعلي عبر التوسع الاستيطاني والاستيلاء على الأرض وعنف المستوطنين”، وإذا لم يُبدّل هذا الوضع، فإنه سيجعل حل الدولتين مستحيلاً عملياً، وتؤكد ويلسون أن الضم الإسرائيلي الرسمي للضفة الغربية، كلياً أو جزئياً، يشير إلى انتهاء حل الدولتين القائم على حدود 1967، مما يقضي على أي فرصة لسلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ما القرارات الدولية المرتبطة بحل الدولتين وحدود 1967؟
برز الحديث عن حل الدولتين بعد حرب عام 1967، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 242 الذي أسس لفكرة “الأرض مقابل السلام” في الصراع العربي الإسرائيلي، ودعا القرار الإسرائيليين للانسحاب من “أراض احتلتها” في حرب 1967، مؤكداً على “عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب”، وفي عام 1968، دعا مجلس الأمن في قراره رقم 252 إسرائيل إلى إلغاء جميع إجراءاتها لتغيير وضع القدس، معتبراً أن جميع الإجراءات والأعمال التي نفذتها إسرائيل في القدس، بما في ذلك مصادرة الأراضي، باطلة، ودعا القرار 252 إسرائيل إلى الامتناع عن أي عمل يغير وضع القدس، وبعد حرب عام 1973، دعا مجلس الأمن الدولي في القرار 338 إلى وقف إطلاق النار، وتطبيق القرار 242، وبدء المفاوضات لإقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وفي عام 1981، أصدر مجلس الأمن القرار 497 الذي اعتبر فرض إسرائيل قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل باطلاً ولاغياً.
هل حل الدولتين لا يزال واقعياً؟
تُعبر أطراف مختلفة عن تشككها في إمكانية تطبيق حل الدولتين في ظل الظروف الراهنة، مثل توسع الاستيطان، وجود الجدار العازل، تصاعد العنف، وتغير بعض المواقف الرسمية، كما أن المسار الذي حدده اتفاق أوسلو، الذي اعتمد مبدأ الأرض مقابل السلام، لم يصل إلى نهايته المرسومة، وترى ويلسون في حديثها أن حل الدولتين أصبح بعيد المنال في الوقت الحالي، حيث أن رفض إسرائيل لقيام دولة فلسطينية، وإجراءاتها لترسيخ واقع الدولة الواحدة، حالا دون اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات لإحياء مفاوضات السلام، ويعتقد هيلترمان أن تلك الحدود هي الأساس الصحيح لحل الدولتين، ولكن المشكلة تكمن في أنه قد لا يكون هناك حل دولتين بعد الآن.