كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتجاوز الأزمات وتمرير قرارات بشأن غزة؟

تحت وطأة الضغط الدولي المتزايد، استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فرصة سياسية صغيرة في الداخل نهاية الأسبوع الماضي لتعزيز المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث تزداد الوفيات نتيجة سوء التغذية، إذ انتظر نتنياهو حتى يوم السبت، الذي يحتفل فيه اثنان من شركائه الأكثر تشددًا في الائتلاف الحكومي بـ”السبت اليهودي”، لعقد اجتماع لمجلس الوزراء الأمني، ثم أعطى الضوء الأخضر لتسليم المساعدات إلى قطاع غزة، بينما أمر أيضًا بوقف بعض القتال في 3 مناطق للسماح بتدفق المساعدات.

كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتجاوز الأزمات وتمرير قرارات بشأن غزة؟
كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتجاوز الأزمات وتمرير قرارات بشأن غزة؟

دخلت هذه السياسة الجديدة حيز التنفيذ يوم الأحد، وهو اليوم الذي بدأ فيه البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) عطلة صيفية لمدة ثلاثة أشهر، مما يمنح ائتلاف نتنياهو الحاكم فترة راحة مؤقتة من أي تصويت محتمل لإسقاط حكومته، كما يمنحه المساحة السياسية لتغيير المسار بشأن غزة بعيدًا عن المشهد العام المتمثل في تصويت الكنيست، ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضغوطًا دولية لتخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، بالإضافة إلى ضغوط داخلية للتوصل إلى اتفاق مع حماس يضمن إطلاق سراح الأسرى الذين لا يزالون في القطاع، وينهي الحرب المستمرة منذ 21 شهرًا، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست.

11zon_1

تشير الصحيفة الأمريكية إلى أن أعضاء ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف قد دعوا منذ أشهر إلى فرض حصار شامل على غزة وإعادة احتلال إسرائيل للقطاع في نهاية المطاف، وتعهدوا بالتصويت ضد أي اتفاق هدنة لإنهاء القتال، ومع ذلك، يتفوق عليهم هذا المسعى، حيث صرح إيتمار بن جفير، وزير الأمن القومي المتطرف، الذي تم استبعاده من اجتماع مجلس الوزراء الأمني، في مقابلة إذاعية يوم الأحد، أن القرار بوقف القتال العسكري الإسرائيلي خلال ساعات النهار والسماح بتسليم المساعدات الغذائية برا وجوا إلى القطاع المدمر تم “عمداً” بدونه.

بينما وصف وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، تخفيف القيود على إيصال المساعدات إلى غزة بأنه “خطوة استراتيجية جيدة”، مما يثير تساؤلات حول سبب تغيير سياسة سموتريتش، الذي وصفته صحيفة “واشنطن بوست” بأنه قد يكون مؤقتًا.

صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن “التوقف التكتيكي للقتال” وإدخال كميات “ضئيلة” من المساعدات إلى غزة لا يتعارضان مع استمرار القتال لتحقيق هدفي إسرائيل في الحربين، وهما القضاء على حماس وتحرير الأسرى الـ50 المتبقين، والذين يُفترض أن نحو 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة.

11zon_2

يرى محللون سياسيون أن نتنياهو، من خلال تغييره سياسة المساعدات الإسرائيلية تجاه غزة، يواصل تكتيكه القديم المتمثل في شراء الوقت بدلًا من الالتزام بقرارات استراتيجية، حيث أشار ياكي ديان، القنصل العام الإسرائيلي السابق في لوس أنجلوس، إلى أن إدارة ترامب نفسها “ضاق ذرعًا” بغياب قرار حاسم، مضيفًا: “الوقت ينفد، لا يُمكننا البقاء في هذا الوضع المتوتر مع تزايد الضغوط الدولية، لذا، تقول الولايات المتحدة: إما التوصل إلى اتفاق شامل، أو غزو غزة – كلا الخيارين سندعمهما، لكننا نريد أن نرى قرارًا يُتخذ”.

حسب “واشنطن بوست”، يواجه نتنياهو هذه الخيارات مع اقتراب موعد الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها العام المقبل، ورغم ارتفاع شعبيته لفترة وجيزة عقب حرب إسرائيل التي استمرت 12 يومًا مع إيران الشهر الماضي، تُظهر استطلاعات الرأي أنه قد يواجه صعوبات في تشكيل ائتلاف حاكم جديد، ويشعر جزء كبير من القاعدة اليمينية بالغضب إزاء إدارة حرب غزة وفشلها في الوفاء بوعد رئيس الوزراء بالقضاء على حماس.

في الوقت ذاته، تظهر استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يؤيدون هدنة تفاوضية مع حماس من شأنها أن تعيد الأسرى إلى ديارهم، حتى لو كان ذلك يعني انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.

11zon_3

يقول يوحنان بليسنر، رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث غير حزبي مقره القدس، إن نتنياهو يتمتع بثلاثة أشهر من الهدوء السياسي، وبعدها تقترب الانتخابات، وهناك إدراك متزايد بأن الحرب، بالطريقة التي تُدار بها، لا تُسهم في تحقيق أيٍ من أهدافها، إذ يترنح ائتلاف نتنياهو الحاكم بالفعل.

يوضح بليسنر أنه في وقت سابق من هذا الشهر، انسحب حزبان يهوديان متشددان من الائتلاف بسبب عدم إقرار نتنياهو قانون الإعفاء العسكري الممنوح لطائفتهما منذ فترة طويلة، مما حرم حكومته من أغلبيتها البرلمانية، حيث لا تملك حكومته الآن سوى 50 مقعدًا من أصل 120 مقعدًا في الكنيست، مما يشكل تحديًا لقدرتها على إقرار التشريعات أو وضع استراتيجية جديدة في زمن الحرب.