البحيرة – أحمد نصرة:

مقال له علاقة: استقرار أسعار الذهب مع تثبيت الفائدة.. توقعات الخبراء تكشف المستجدات الاقتصادية
خلال أقل من عام، شهدت مدن وقرى المحافظة سلسلة من جرائم القتل المتبادلة بين الأزواج، حيث تنوعت الأسباب بين الخلافات الزوجية، الانتقام، والخيانة، لكن النتيجة واحدة: دماء تُسفك في قلب العائلة، أطفال يُيتمون فجأة، ومجتمع يتساءل في صدمة: لماذا تتحوّل العِشرة إلى غدر؟
جثة تحت الأسمنت.
في قرية تابعة لمركز إيتاي البارود، أبلغ المهندس الزراعي “صبحي.م.ع” عن اختفاء زوجته “إيمان.إ.ا”، لكن البلاغ لم يكن سوى محاولة بائسة لإخفاء جريمته، حيث كشفت تحريات المباحث أن الزوج قتل زوجته بعصا حديدية بسبب خلافات زوجية ورفضها إقامة علاقة معه، ثم دفن جثتها بفناء المنزل وغطاها بالأسمنت، قبل أن يتوجه بنفسه إلى الشرطة متظاهرًا بالحزن، لكن الحيلة لم تنطلِ على جهات التحقيق، وسرعان ما انهار الزوج واعترف، لتُسدل الستار على واحدة من أبشع جرائم العنف الأسري في المنطقة.
من الخنق إلى الذبح.. جرائم في فناء الزوجية.
من قرية بغداد بمركز بدر إلى قرية معنيا في إيتاي البارود، تكررت مشاهد القتل بنفس القصة: خلافات أسرية تنتهي بجريمة عنف شديد، حيث خنق الزوج زوجته الشابة حتى الموت في الأولى، بينما ذبحها بالسكين في الثانية، في مشهد دموي أنهى حياة “زكية” 29 عامًا، وبدأ فصلًا جديدًا من المأساة في حياة أسرتها.
خيانة دفنتها الخرسانة.
في أحد منازل مركز كفر الدوار، خططت “هنية” مع عشيقها –ابن عم زوجها– لقتل الزوج عبر منوم وشال، ثم دفنه داخل غرفة النوم وصب الخرسانة فوق رفاته، ظنّ العاشقان أن الجريمة أُحكمت، لكن بلاغ تغيب حررته ابنة المجني عليه أعاد خيوط القصة إلى السطح، وانتهت المحكمة بالحكم عليهما بالإعدام شنقًا، في واحدة من أبرز قضايا الخيانة الزوجية في المحافظة.
جريمة بـ”يد الهون” و”المخدة”.
في الدلنجات، لجأت ربة منزل إلى “يد الهون” لتنهي حياة زوجها، بعد أن كبّله نجلاها استجابةً لطلبها، بعد استيلائه المتكرر على أموال أولاده لشراء المخدرات، وكانت النتيجة جثة في جوال، ملقاة في ترعة النوبارية، وكشف مروّع بعد 20 يومًا من البلاغ الكاذب بتغيبه.
نصيحة ساقت الموت.
اقرأ كمان: حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك وكيفية التعامل مع الفتوى الشرعية
في قرية زرزورة، لم تتوقع “عايدة” أن نصيحتها لزوجها العاطل المدمن بالصوم ستقودها إلى الموت، حيث تعرضت للضرب، فخنق، ثم إخفاء للجثة داخل بيارة صرف زراعي، بينما ظل الزوج يتجول في القرية يسأل عن زوجته متصنعًا القلق، وطفله الصغير يشهد على المأساة: “ماما بتخر دم”، صرخ، لكن أحدًا لم يُنقذها.
طعنة العيد.
وفي سيدي غازي، تطورت مشاجرة زوجية إلى مأساة في ثاني أيام عيد الفطر، حين طعنت زوجة زوجها بالسكين في بطنه بعد شجار بالأيدي، أدى إلى مصرعه، وبعد ضبط الزوجة، اعترفت بأن الضرب والإهانات اليومية دفعاها لارتكاب الجريمة.
لماذا تتكرّر هذه الجرائم؟
رغم تنوع القصص، إلا أن القواسم المشتركة بينها واضحة: العنف الأسري الكامن، انعدام التواصل السليم، الضغوط الاقتصادية والمخدرات، غياب ثقافة الطلاق الآمن، حيث يقول محمد سعيد أخصائي نفسي: “العنف داخل الأسرة ليس لحظة فجائية، بل تراكمات من الإهانة، والإحباط، والشعور بالعجز، تنفجر فجأة”، ويضيف: “انعدام دور وسطاء الصلح الحقيقيين، وغياب التأهيل النفسي قبل الزواج، والفقر الثقافي في التعامل مع الخلافات، هي أسباب مؤسِسة لهذا النوع من الجرائم”.
الأسمنت الذي دُفنت تحته “إيمان”، والبيارة التي ألقيت فيها “عايدة”، والحفرة التي ضمت رفات الزوج المخدوع في كفر الدوار، كلها شواهد على أن العنف الأسري حين يُترك دون مواجهة، قد لا يقف عند الشتائم أو الصمت، بل يصل إلى الجريمة، فهل ينتبه المجتمع إلى مكامن الخلل وأسبابه؟