حظي قطاع غزة باهتمام بارز من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه الحكم في يناير الماضي، حيث وضعت إدارته خططًا متعددة تتعلق بالقطاع المحاصر، تنقلت بين تهجير الفلسطينيين إلى الدول المجاورة، وضرورة تخلي حركة حماس عن الحكم، وصولًا إلى مقترحات إنسانية لإنشاء مراكز توزيع الغذاء بدون قيود أو حواجز.

مواضيع مشابهة: الجيش الإسرائيلي يتصدى لصاروخ أُطلق من اليمن قبل دخوله الأجواء
لكن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن إنهاء الحرب في غزة، التي تدور منذ قرابة العامين، كانت أكثر غموضًا، حيث ذكر أن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان معًا لمحاولة “تصحيح الأمور” في غزة، وأشار إلى وجود “خطط مختلفة” بشأن القطاع الفلسطيني، لكنه لم يكشف عن أي تفاصيل تتعلق بهذه الخطط، مما يثير تساؤلات حول ما يقصده حقًا.
يقول المحلل السياسي المختص في الشأن الأمريكي وعضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الأمريكي، نعمان أبو عيسى، إن ترامب شخصية “مزاجية” مما يجعل من الصعب التنبؤ بالخطوات التي قد يتخذها لإنهاء الحرب، ويضيف أبو عيسى خلال حديثه ل”نبأ العرب”، أن الرئيس الأمريكي يسعى لإنهاء الحرب لأنها أصبحت عبئًا على الولايات المتحدة داخليًا وخارجيًا، بالإضافة إلى الضغوط التي يتعرض لها ترامب من داخل الكونغرس من حزبيه الديمقراطي والجمهوري لوقف معاناة الشعب الفلسطيني، كما أظهر استطلاع للرأي أن 60% من الشعب الأمريكي غير راضٍ عن ما يجري في القطاع.
بينما يشير المحلل السياسي وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، إلى أن ترامب يركز الآن على ضرورة إيجاد حلول للمأساة في غزة، رغم أنه لم يوضح ما هي هذه الحلول بالضبط.
ويؤكد عفيفي خلال حديثه ل”نبأ العرب”، أن الخطوة الأهم هي السماح بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية بكميات كافية إلى غزة، والضغط على إسرائيل لفتح المعابر والسماح للمؤسسات الدولية بالعمل في القطاع، معتقدًا أن الرئيس الأمريكي يمكنه القيام بذلك.
ما خطط ترامب المحتملة بشأن مستقبل غزة؟
ترى محامي الأمن القومي الأمريكي وعضو مجلس إدارة مركز واشنطن الخارجي لحرب المعلومات، إيرينا تسوكرمان، أن تصريح ترامب الأخير “الغامض” حول غزة يوحي بأنه سيتخذ موقفًا أكثر حزمًا وبراغماتية لمستقبل القطاع.
وقد وضعت تسوكرمان، خلال حديثها مع “نبأ العرب”، مجموعة من الخطط المحتملة التي يمكن أن يتخذ الرئيس الأمريكي واحدة منها بشأن اليوم التالي للحرب في غزة، وخصوصًا مستقبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
الخطة الأولى: إقصاء السلطة الفلسطينية وحماس من الحكم
تقول تسوكرمان، إنه في هذه الخطة، قد يستبعد الرئيس الأمريكي السلطة الفلسطينية وحماس من حكم غزة بعد الحرب، وعلى الرغم من عدم تحديد البديل لهما، فإنه يمكن تشكيل ما يُسمى ب”ائتلاف عربي” من دول مثل مصر والإمارات، لإدارة القطاع بشكل مؤقت تحت إشراف إسرائيلي ودعم أمريكي.
وترى أن هذا الائتلاف سيكون عبارة عن هيئة “وصاية أمنية” وسلطة انتقالية قصيرة الأجل تهدف إلى نزع السلاح من غزة وإعادة إعمار القطاع تحت مراقبة مشددة.
الخطة الثانية: مشاركة إسرائيل في إدارة القطاع
تقول تسوكرمان إن دور إسرائيل في هذه الخطة لن يقتصر على مجرد الإشراف، بل ستكون تل أبيب طرفًا مركزيًا في صياغة النظام الإداري داخل غزة، وفي السياق ذاته، يشير عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، إلى أن ترامب، الذي أكد في العديد من المرات أنه لن يسمح لحماس بأي دور سواء مدني أو سياسي في غزة، يواجه ضغوطًا عديدة أهمها من اللوبي الصهيوني للموافقة على أن تسيطر إسرائيل على كامل غزة.
الخطة الثالثة: إقامة منطقة عازلة
تترتب هذه الخطة على مشاركة إسرائيل في إدارة القطاع، وبموجبها ستقوم سلطات الاحتلال بإقامة منطقة عازلة “طويلة الأمد” في قطاع غزة، وإخضاع جميع المناصب المدنية لفحوص أمنية صارمة، وفرض رقابة خارجية على تدفق الأموال والواردات، فضلًا عن منح تل أبيب حرية عملياتية أوسع في غزة، وفقًا لتسوكرمان.
الخطة الرابعة: إعادة الإعمار ولكن بشروط
مقال مقترح: أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الجمعة.. تعرف على أحدث الأسعار!
بحسب صحيفة “هآرتس” العبرية، فإن حجم الدمار في قطاع غزة أكبر مما كان يُعتقد سابقًا، حيث أصبح ما لا يقل عن 70% من المباني في القطاع غير صالحة للسكن، وتم تدمير 89% من المباني في رفح و84% في شمال القطاع.
وفي هذه الخطة، سيتم إعادة إعمار قطاع غزة ولكن بشروط، الأول هو “التجريد الكامل من السلاح”، وإجبار حماس على إلقاء سلاحها، وهو ما رفضته الحركة، أما الشرط الثاني فقد ينطوي على عنصر مثير للجدل، وهو “ربط تعافي غزة بالتطبيع مع إسرائيل”، ومنح الفلسطينيين شكلًا محدودًا من الحكم الذاتي داخل إطار اقتصادي أمني مقابل مكاسب دبلوماسية إقليمية، وفقًا لما ذكرته إيرينا تسوكرمان.
وتختتم تسوكرمان حديثها قائلةً إن خطط الرئيس الأمريكي قد تتضمن إعداد “خريطة جديدة” لغزة ضمن منطقة أمنية إسرائيلية مُعاد تصوّرها، لكن هذا التصور سيتم تسويقه ك”مبادرة استقرار لا احتلال” مع تعزيز الأولويات الدفاعية الإسرائيلية وضمان عدم وجود أي فرصة سياسية لعودة حماس.