انقطاع المياه والكهرباء لمدة 4 أيام في الجيزة وتأثيره على السكان.. اكتشف التفاصيل والصور

في ظل موجة حر شديدة تجاوزت فيها درجات الحرارة حاجز الأربعين، شهدت محافظة الجيزة أزمة خانقة في إمدادات المياه والكهرباء، حيث استمر انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق لخمسة أيام متتالية، مما حول الحياة اليومية للأهالي إلى معاناة مستمرة في البحث عن أبسط مقومات العيش.

انقطاع المياه والكهرباء لمدة 4 أيام في الجيزة وتأثيره على السكان.. اكتشف التفاصيل والصور
انقطاع المياه والكهرباء لمدة 4 أيام في الجيزة وتأثيره على السكان.. اكتشف التفاصيل والصور

في منطقة فيصل المكتظة بالسكان، يروي أحمد سمير، موظف في شركة لأنظمة نقاط البيع، جزءًا من معاناة أسرته خلال انقطاع الكهرباء، قائلاً: “زوجتي تواجه صعوبات في تحضير الطعام، ومع ندرة المياه النظيفة، أصبحت عبوة المياه المعدنية سلعة نادرة تُباع بأسعار خيالية، حيث وصل سعر الواحدة منها إلى 39 جنيهًا بعد أن كانت بـ 10 جنيهات”.

خلال الأيام الماضية، تعرضت محافظة الجيزة لأزمة غير مسبوقة في إمدادات الكهرباء والمياه، إذ امتد انقطاع التيار في بعض المناطق لأربعة وخمسة أيام متواصلة وسط موجة حر شديدة تجاوزت فيها درجات الحرارة 40 درجة مئوية.

توقف محطة محولات كهرباء جزيرة الذهب التابعة للشركة المصرية لنقل الكهرباء عن العمل نتيجة تكرار العطل في كابل الجهد العالي (66 ك.ف) بمنطقة ساقية مكي، مما أدى إلى انقطاع التيار عن عدد كبير من المناطق.

حياة مشلولة

يقول سمير: “كنت أحرص على الذهاب إلى عملي مبكرًا لأتمكن من الاستحمام قبل قدوم زملائي، لكن أولادي لم يتمكنوا من الاستحمام منذ 5 أيام رغم الحرارة الشديدة”.

يضطر سمير إلى توفير جزء من احتياجات أسرته من المياه عبر أحد الصنابير المستمدة من المياه الجوفية في منطقته، حيث يملأ عبوات كبيرة الحجم ويقوم بحملها صعودًا إلى الطابق الثاني عشر حيث يقيم مع أسرته.

مع زيادة الطلب على عبوات المياه المعدنية في المحلات التجارية في منطقة فيصل، شهدت أسعار العبوات سعة لتر ونصف اللتر زيادات مهولة رغم عدم توافرها، حيث ارتفع سعر العبوة من 10 جنيهات إلى 39 جنيها، ويضيف سمير: “بدأ أصحاب المحلات يقترحون علينا شراء المياه الغازية كبديل للمياه التي لا تتوفر لديهم”.

أزمة مزمنة

يؤكد سمير أن هذه الأزمة ليست جديدة، بل هي نتيجة لتراجع مستمر في الخدمات منذ سنوات، حيث يقول: “أسكن هنا منذ بداية الألفينات، كان انقطاع المياه لا يتجاوز ساعتين، أما اليوم فقد تصل الانقطاعات إلى 18 ساعة يوميًا”، ويضيف: “تواصلنا مرارًا مع شركة المياه، ووعدونا بمحطات جديدة، لكن شيئًا لم يتحقق”.

لم تقتصر معاناة سمير على تحمل الحرارة في ظل انقطاع المياه والكهرباء فقط، بل امتدت إلى عمله الذي يضطر في كثير من الأحيان إلى استكماله من المنزل عبر الإنترنت، حيث أُجبر على شراء راوتر هوائي بتكلفة بلغت 1800 جنيه، بالإضافة إلى جهاز لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية لتشغيله، وأقوم بشحن حاسوبي المحمول في مكان عملي.

“انقطاع المياه والكهرباء ليس جديدا”

يشير سمير إلى أن الأزمة لم تتخطَ بضعة أيام، بل هي استمرار لحالة من التراجع التدريجي في جودة الخدمات بمنطقته على مدار السنوات الماضية، حيث يؤكد: “أسكن بهذه المنطقة منذ بداية الألفينات، حيث كان انقطاع التيار الكهربائي والمياه لا يتخطى الساعتين، لكن الأمر بدأ يسوء تدريجياً مع ازدياد الكثافة السكانية”.

اعتذار رسمي وتفسير للأزمة

في ظل تصاعد الغضب الشعبي، خرج الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ليقدم اعتذارًا رسميًا للأهالي، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي للأزمة يعود إلى عطل في كابلات محطة محولات “جزيرة الذهب”، التي كانت تعمل بأحمال تفوق طاقتها، مما أدى إلى توقفها وتأثر محطة المياه التابعة لها.

أوجاع المواطنين تتفاقم

بعيدًا عن التصريحات، تتفاقم معاناة الأهالي في الشوارع، حيث يصف الشاب إسلام (20 عامًا) لياليه بأنها “كابوس خانق”، قائلاً: “أقضي النهار في حرارة شديدة داخل الفرن، وعند عودتي لا أجد ماءً للاستحمام ولا كهرباء لتشغيل مروحة.. الليل أصبح امتدادًا للعذاب”.

أما “أبو مكة”، عامل توصيل، فيحكي كيف أفسد انقطاع الكهرباء الأطعمة المخزنة في ثلاجته، مؤكدًا أن الظلام في الليل يُرعب أطفاله، بينما يضطر إلى شحن هاتفه المحمول من أحد المقاهي التي تعمل بمولد كهرباء خاص.

محمود حسن، موظف في الأربعينيات، يلخص الوضع بقوله: “نعيش كأننا في خيمة بالصحراء، نشحن هواتفنا من محطات المترو، ونستحم بمياه الطرمبات من محطات الوقود، الأمر أصبح غير إنساني”.

كلفة مائية باهظة

محمد موسى، ميكانيكي بمنطقة ساقية مكي، اضطر خلال ذروة الأزمة لشراء عبوات مياه معدنية بـ400 جنيه في يوم واحد فقط لتوفير احتياجات أسرته المكونة من 6 أفراد، ويقول: “حتى المياه استخدمتها لتبريد جسدي أثناء البحث عن مصدر مجاني، لا طاقة لنا بهذه التكاليف”.

غياب الحلول وازدياد الضغط

رغم حديث المسؤولين عن “ضغوط استثنائية” و”خطط طوارئ”، لم تجد هذه التبريرات صدى لدى سكان مناطق مثل فيصل، الطوابق، المنيب، الهرم وغيرها من المناطق الأكثر كثافة سكانية في الجيزة، حيث لا يزال آلاف المواطنين يواجهون صيفًا ملتهبًا بلا كهرباء، ولا مياه، ولا رؤية واضحة لحل قريب.