أسيوط – محمود عجمي:

مقال له علاقة: مصرع طالب غرقًا في بحر يوسف ببني سويف في حادث مأساوي
تقع قناطر ديروط في محافظة أسيوط، على بُعد نحو 250 كيلومترًا جنوب العاصمة القاهرة، وتعتبر واحدة من أقدم المنشآت المائية في مصر، حيث تم إنشاؤها عام 1871، أي منذ أكثر من 150 عامًا، ولا تزال تلعب دورًا حيويًا في نظام الري، وتُعبر عن براعة المهندس المصري في تصميم منشآت تدعم الزراعة والأمن المائي.
منذ تأسيسها في عهد الخديوي إسماعيل، كانت قناطر ديروط محورًا رئيسيًا لتغذية شبكات الترع الفرعية، التي تمتد لتروي ملايين الأفدنة في إقليم مصر الوسطى، مما يسهم في استقرار الزراعة في مناطق حيوية من البلاد، ويعكس استمرار عمل هذه القناطر حتى اليوم مدى صلابة التصميم الهندسي وكفاءة التنفيذ، في وقتٍ تتجه فيه الدولة إلى تطويرها ضمن مشروع قومي لتحديث البنية التحتية لمنظومة الري.
تواصل العمالة المصرية كتابة فصل جديد من الإنجاز في محافظة أسيوط، من خلال تنفيذ مشروع قناطر ديروط الجديدة، الذي يُعتبر أحد أبرز المشروعات القومية في قطاع الموارد المائية، والذي أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي إشارة البدء فيه، بهدف تعزيز منظومة الري والتحكم في تدفق المياه لخدمة نحو 1.65 مليون فدان في خمس محافظات: أسيوط، المنيا، بني سويف، الفيوم، والجيزة.
يعمل في موقع المشروع أكثر من 130 مهندسًا وفنيًا وعاملًا، بينهم نحو 10 خبراء يابانيين، في تناغم تام يشبه خلية نحل لا تهدأ، ملتزمين بأعلى معايير السلامة المهنية، بدءًا من ارتداء الخوذ الواقية وصولًا إلى تطبيق التدابير الاحترازية لمنع الحوادث، مما يعكس صورة مشرفة لكفاءة العمالة المصرية في تنفيذ المشروعات الكبرى بجودة تضاهي المعايير العالمية.
يُعد المشروع نموذجًا للتعاون الدولي، حيث يجمع بين الخبرة المصرية والدعم الفني الياباني، ويعكس التزام الدولة بتحديث البنية التحتية لمنظومة الري، بما يحقق الأمن المائي ويعزز التنمية الزراعية المستدامة.
تأسست قناطر ديروط عام 1871 في عهد الخديوي إسماعيل، بناءً على قرار مجلس شورى النواب عام 1869، وتولى تنفيذها المهندس بهجت باشا، وشارك في المشروع كل من سلامة باشا إبراهيم وإسماعيل باشا محمد، وتخدم القناطر سبع ترع فرعية، وتُسهم في ري مساحة شاسعة من الأراضي الزراعية عبر تصرف مائي سنوي يُقدر بـ9.6 مليار متر مكعب.
يقع المشروع على ترعة الإبراهيمية عند الكيلو 60.600 بمدينة ديروط، ويضم مجموعة من القناطر الجديدة تشمل: قنطرة فم ترعة الساحلية، قنطرة حجز ترعة الإبراهيمية، قنطرة فم ترعة الديروطية، قنطرة فم ترعة البدرمان، قنطرة فم ترعة بحر يوسف، قنطرة فم ترعة أبو جبل، وقنطرة فم ترعة الدلجاوي، بالإضافة إلى منشآت تشغيل وتحكم وكوبري علوي، ومنظومة متكاملة لإدارة وتوزيع المياه.
شهد الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، اليوم السبت، برفقة اللواء الدكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، إزالة الساتر الترابي وفتح بوابات قناطر ديروط الجديدة، إيذانًا ببدء تدفق المياه داخل المجرى الدائم لترعة الإبراهيمية، عبر بوابات قنطرة حجز الإبراهيمية، في خطوة محورية نحو تحسين منظومة الري في إقليم مصر الوسطى، الذي يخدم نحو 1.6 مليون فدان من الأراضي الزراعية في خمس محافظات.
من نفس التصنيف: مقتل جزار في الفيوم بسبب خلاف حول كاميرا مراقبة
استهل الوزير والمحافظ جولتهما الميدانية داخل مجمع ري ديروط، حيث تم تقديم عرض تفصيلي حول مراحل تنفيذ المشروع، وخطة العمل لاستكمال العناصر المتبقية، مع استعراض رؤية وزارة الري لتطوير المنطقة المحيطة بالقناطر، والتي تشمل إنشاء حدائق عامة على مساحة 3 أفدنة، مع الحفاظ على الطابع التاريخي والمعماري للموقع.
أكد المحافظ هشام أبو النصر أن نسبة تنفيذ المشروع بلغت نحو 87%، مشيرًا إلى أن قناطر ديروط الجديدة تُعد من أبرز المشروعات القومية لتطوير البنية التحتية لمنظومة الري، وتعكس التوجه الرئاسي نحو تحسين جودة الحياة في صعيد مصر، وأضاف أن القناطر، التي تُعتبر من أقدم المنشآت المائية في البلاد، تخدم أكثر من 1.6 مليون فدان في خمس محافظات.
أوضح المحافظ أن المشروع يمثل نقلة نوعية في إدارة الموارد المائية، من خلال الاعتماد على أنظمة تحكم ذكية وغرف تشغيل ومراقبة حديثة، مما يسهم في تعزيز كفاءة توزيع المياه وضمان سرعة الاستجابة التشغيلية، كما تشمل الأعمال تنفيذ كوبري علوي جديد لتحسين الحركة المرورية في المنطقة، ضمن خطة أشمل لتحقيق التنمية المستدامة.
أكد الدكتور هاني سويلم أن مشروع قناطر ديروط الجديدة يأتي ضمن خطة الوزارة لتحديث منشآت الري، بما يتماشى مع جهود الدولة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، وأشار إلى أن المشروع يُنفذ بالتعاون مع الجانب الياباني، باستخدام أحدث المواصفات العالمية في التصميم والتشغيل، مما يجعله نموذجًا رائدًا للشراكات الدولية في قطاع المياه.
شدد وزير الري على أهمية تدريب المهندسين والفنيين على أنظمة تشغيل القناطر الجديدة، للحفاظ عليها بنفس الكفاءة التي حافظت بها الدولة على قناطر ديروط القديمة لأكثر من 150 عامًا، ووجه بضرورة الحفاظ على الطابع الأثري للقناطر القديمة كجزء من تاريخ مدرسة الري المصرية.
شملت الجولة أيضًا تفقد قنطرة بحر يوسف الجديدة، التي تم الانتهاء من تنفيذها وبدأ تشغيلها التجريبي لخدمة نحو 850 ألف فدان، إلى جانب تفقد قنطرة حجز الإبراهيمية التي أوشكت على الانتهاء، تمهيدًا لتشغيلها خلال الربع الأخير من العام الجاري، حيث شهد الوزير والمحافظ اختبارات البوابات (Wet Test)، إيذانًا بتحويل المياه إلى المسار الدائم وإزالة السد المؤقت.
كما زارا مبنى التشغيل والتحكم، الذي يضم غرفة المراقبة التليمترية لإدارة المياه في إقليم مصر الوسطى، وغرفة تشغيل مجموعة القناطر، بالإضافة إلى غرفة مراقبة بالكاميرات لتأمين المنشآت الحيوية.
اختُتمت الجولة بإعطاء إشارة البدء لفتح بوابات قناطر حجز الإبراهيمية، في حضور عدد من المهندسين والفنيين، كخطوة أولى يعقبها إزالة السد المؤقت وتحويل المياه إلى المجرى الدائم لترعة الإبراهيمية، التي تخدم زمامًا زراعيًا يُقدر بـ576 ألف فدان في محافظات المنيا، بني سويف، الفيوم، والجيزة.