هل تعني الاعترافات الأوروبية بفلسطين تغييرًا كبيرًا في التوازنات الدولية؟.. آراء خبير دولي تكشف الحقيقة
تشهد الساحة الدولية حالياً نشاطاً دبلوماسياً متزايداً من الدول الغربية تجاه الاعتراف بدولة فلسطين، مما يزيد الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو لإنهاء الصراع في قطاع غزة، حيث أعلنت 15 دولة غربية بارزة، بينها فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وهولندا، عزمها دراسة إمكانية الاعتراف الرسمي بفلسطين قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر في سبتمبر المقبل.

اقرأ كمان: شاهد بالصوت والصورة: الصواريخ الإيرانية تضيء سماء تل أبيب
وترى هذه الدول أن هذا الاعتراف يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق حل الدولتين، حيث دعت بقية دول العالم إلى الانضمام إلى هذا التوجه الذي قد يعيد رسم مستقبل القضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن موجة الاعتراف الغربي بالدولة الفلسطينية تمثل تحولاً استراتيجياً في التوازنات الدولية، وتشكل نقطة تحول حاسمة في مستقبل القضية الفلسطينية.
وفي تصريحات لـ “نبأ العرب”، أكد الدكتور مهران أن الاعتراف الفرنسي المرتقب في سبتمبر، بالإضافة إلى اعترافات بريطانيا وإسبانيا وأيرلندا والنرويج، يشكل كسراً حقيقياً للطوق الأمريكي الإسرائيلي المفروض على الاعتراف الدولي بفلسطين منذ عقود.
وتابع: من منظور القانون الدولي، نشهد تطبيقاً عملياً لمبدأ الاعتراف التصريحي، حيث تعترف الدول بوجود كيان سياسي يحقق شروط الدولة وفقاً لاتفاقية مونتيفيديو 1933، وهو ما يعزز الشخصية القانونية الدولية للدولة الفلسطينية
وأوضح مهران أن هذه الموجة تحمل دلالات قانونية عميقة، مشيراً إلى أن الاعتراف من قبل دول أوروبية مؤثرة، خاصة فرنسا كعضو دائم في مجلس الأمن وعضو في مجموعة السبع، يكسر القاعدة غير المكتوبة التي كانت تحصر الاعتراف بفلسطين في دول الجنوب العالمي والدول الإسلامية.
وحول التأثير على مستقبل القضية، بيّن مهران أن وصول عدد الدول المعترفة بفلسطين إلى 150 دولة من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة يخلق زخماً قانونياً وسياسياً هائلاً لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في المنظمة الدولية.
واستطرد: أن المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة تشترط لقبول العضوية موافقة الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن، مضيفاً والآن، مع الاعترافات الأوروبية، أصبح من الصعب على الولايات المتحدة استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن دون التعرض للعزلة الدبلوماسية
ورحب أستاذ القانون الدولي بالتوقيت الاستراتيجي للاعترافات، معتبراً أن هذه الاعترافات تأتي في لحظة حاسمة، حيث تشهد غزة كارثة إنسانية مدمرة، وتتصاعد الأصوات الدولية المطالبة بوقف الحرب وتطبيق حل الدولتين، مؤكداً أن الرسالة واضحة: المجتمع الدولي يحاول التأكيد على أنه لن يقبل باستمرار الوضع الراهن
اقرأ كمان: والدة إبراهيم شيكا تثير الجدل بحديثها عن الحبر على يده بعد وفاته
وحول الآثار القانونية، أوضح الدكتور محمد مهران أن الاعتراف الدولي المتزايد يعزز حق فلسطين في اللجوء للمحاكم الدولية والمنظمات الدولية كدولة ذات سيادة، مما يفتح آفاقاً جديدة لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي.
وتوقع تأثيراً إيجابياً على الموقف العربي، موضحاً أن هذه الخطوات الأوروبية الشجاعة تضع الدول العربية أمام مسؤولياتها التاريخية، وتحفزها على اتخاذ مواقف أكثر حزماً في دعم الحقوق الفلسطينية.
وحذر مهران من المحاولات الإسرائيلية لإفراغ هذه الاعترافات من مضمونها، مشيراً إلى أن إسرائيل ستحاول الرد بتصعيد الاستيطان وضم أجزاء من الضفة الغربية، لكنه أكد أن القانون الدولي واضح في اعتبار هذه الأعمال باطلة ولا أثر قانوني لها.
هذا وأكد أن هذه التطورات تعكس بداية النهاية للاستثنائية الإسرائيلية في النظام الدولي، مضيفاً أن القانون الدولي ينتصر تدريجياً على منطق القوة والهيمنة، وفلسطين تقترب أكثر من نيل حقوقها المشروعة.
وقال مهران في ختام تصريحاته: أننا أمام لحظة تاريخية فارقة قد تغير مسار الصراع نحو التسوية العادلة والشاملة المبنية على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وهو ما ظل الشعب الفلسطيني ينتظره عقوداً طويلة